أدلة استمرار إيران فى حروب توسيع النفوذ

العدد الأسبوعي

مظاهرات وشغب في إيران
مظاهرات وشغب في إيران


زيادة ميزانيات الدفاع من 5 لـ7.5 مليار دولار.. ورفع حجم شرطة مكافحة الشغب 84 %

ارتفاع ضخم فى الإنفاق على قوات إنفاذ القانون لمواجهة الانتفاضات المتوقعة ضد «أيات الله»

ميزانيات الجيوش فى أى بلد، تكشف بوضوح عن استراتيجياتها العسكرية، ومستوى الصراعات التى تعتزم دولة الدخول فيها، ورغبتها فى توسيع نفوذها.

ولأهمية ميزانيات وزارات الدفاع أجرى المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية تحليلاً دقيقاً لأحدث المعلومات المتاحة عن النفقات الدفاعية لإيران، والذى كشف أشياء مدهشة.

حسب التحليل وبعض الدلائل الهامة فيما يتعلق بالتوازنات المتغيرة داخل الهياكل العسكرية الإيرانية، ومشروع ميزانية إيران بالفترة من 2018لـ2019 فإن إنفاق طهران على السلاح يزيد، منبهاً إلى أن الميزانية المنشورة هى غالباً ما تكشف عن جزء صغير من الأموال التى تنفقها إيران بالفعل.

ويمكن للعديد من المؤسسات، خصوصاً العاملة فى مجال الدفاع، الوصول إلى الأموال من مصادر خارج الميزانية الرسمية، وتكون قادرة على الاستفادة من هذه الأموال مثل الإيرادات من مبيعات النفط المحلية، وصد مشاركة الحرس الثورى الإيرانى فى أنشطة زيادة الإيرادات بقوة من خلال إنشاء شركات خاصة، وكذلك استخدام نفوذه السياسى القوى لتأمين عقود البنية التحتية والمناقصات الخاصة فى قطاعات متنوعة، بما فى ذلك الإسكان التنمية والطاقة وبناء الطرق والطعام والنقل.

كما يشير التحليل إلى ضرورة أن يتجاوز تحليل الميزانية الإيرانية دراسة نفقات القوات النظامية الإيرانية، والحرس الثورى الإيرانى وميليشيا الباسيج، حيث يجب أن يأخذ أى تحليل للإنفاق الدفاعى الإيرانى فى الاعتبار أيضاً قوة الشرطة الإيرانية والعديد من مرافق التدريب والبحوث الإيديولوجية والدراسات الدفاعية والجامعات التى تركز على تعليم القطاعات التى تخدم القوات العسكرية، كما يؤكد التحليل إن عملية الموازنة فى إيران غامضة بشكل متعمد، لأن مزيد من الشفافية يأتى بمزيد من المساءلة.

ورغم هذه التحديات، تكشف الدراسة المتعمقة التى أعدها المعهد عن مشروع ميزانية إيران لعام 2018- 2019، عن 5 ملاحظات رئيسية، أولها أن حصة الدفاع من الإنفاق الرسمى الإيرانى أعلى من مطالب اللوبى الأكثر تشدداً فى طهران، والذى كان يطالب بتخصيص 5٪ من الميزانية العامة بالكامل للإنفاق على الدفاع.

ونفذ البرلمان مشروع قانون يضمن هذه النسبة فى عام 2016، ولكن عند الجمع بين جميع جوانب الإنفاق الدفاعى، يقدر إجمالى الإنفاق العسكرى لإيران بنحو 19.6 مليار دولار، وبما أن إيران تتوقع ميزانية كاملة فى 2018- 2019 بـأكثر من 260 مليار دولار، فإن ذلك سيضع إنفاق الدفاع الإيرانى عند 7.5٪ من إجمالى الميزانية.

وكان انخفاض قيمة الريال الإيرانى مقابل الدولار من أبريل حتى أكتوبر الماضيين يعنى أن الإنفاق الدفاعى بالدولار انخفض من 21.4 مليار دولار إلى 19.6 مليار دولار فى ستة أشهر فقط، ما يؤكد أن الزيادات الكبيرة فى الانفاق بالعملة المحلية، كما يبدو، لا تعكس بالضرورة الإفراط فى تحديد أولويات نظام الإنفاق على الدفاع، وحتى مع ذلك، فعند قياسه بالقيمة الحقيقية، لا يزال الإنفاق العسكرى لإيران أعلى بنسبة 53٪ فى عام 2018 عما كان عليه قبل 5 سنوات.

الغريب، على حد وصف التحليل، فإن النفقات الجديدة المخصصة لشركة مقر خاتم الأنبياء للبناء فى ميزانية 2018-2019 هو أحدث علامة على الملف الشخصى المتنامى الذى يتمتع به اللواء غلام على رشيد، أحد قيادات الحرس الثورى الإيرانى، المسؤول عن الشركة، وعلامة على التأثير المتزايد له بين صفوف القيادات الإيرانية، وشركة خاتم الأنبياء هى شركة هندسية إيرانية يسيطر عليها الحرس الثورى الإيرانى، بجانب شركة «جورب»، وهى الذراع الهندسى الرئيسى للحرس الثورى الإيرانى وأحد أكبر مقاولى إيران فى المشاريع الصناعية والتنموية.

وتم إنشاء خاتم الأنبياء خلال الحرب الإيرانية العراقية 1980-1988 للمساعدة فى إعادة بناء البلاد، وتنوعت أنشطة الشركة على مر السنين حيث تتعامل مع قطاعات الهندسة الميكانيكية والطاقة والتعدين والدفاع.

وتجدر الإشارة إلى ضرورة عدم الخلط بين هذه الشركة وبين مقر خاتم الأنبياء للدفاع الجوى هو واحد من القوات الأربعة التابعة للجيش الإيرانى، ويراقب هذا المقر الشئون الدفاعية البرية للقوة الجوية لجيش الإيرانى.

ورغم أن الأركان العامة للقوات المسلحة «AFGS» تم تأسيسها للتعويض عن إخفاقات مقر خاتم الأنبياء للبناء، ومن المفترض أن هذه الشركة لم يكن لديها هيكل قيادة مخصص منذ الثمانينيات، ومع ذلك، فى أعقاب انبعاثها فى عام 2016، تم الإعلان أنه فى حالة وضع إيران فى حالة الحرب، ستكون خاتم الأنبياء مسؤولة عن العمليات العسكرية وجهود التنسيق، وليس AFGS.

وألمحت وسائل الإعلام الإيرانية إلى أن شركة خاتم الأنبياء للبناء هى المسؤولة عن «التنسيق المهم والحساس فى الشرق الأوسط».

والجدير بالذكر أن رشيد هو شخصية رئيسية فى الحرس الثورى الإيرانى، تربطه علاقات وثيقة مع قاسم سليمانى، قائد قوة القدس، وحدة الحرس الثورى الإيرانى المسؤولة عن العمليات خارج الحدود الإقليمية.

وتنص ميزانية الدفاع الإيرانى للفترة 2018-2019 على زيادة بنسبة 84٪ فى مخصصات قوة الشرطة الإيرانية، مقارنة بالعام السابق، وهو أعلى معدل نمو لجميع المؤسسات المشمولة فى الإنفاق بالجيش الإيرانى، وبالتالى، فإن تمويل الشرطة يتجاوز ميزانية جيش الجمهورية الإيرانية، حيث تحصل قوات إنفاذ القانون على 16٪ من ميزانية الدفاع بأكملها، بينما يحصل الجيش على 12.1٪ فقط.

وتعد قوة إنفاذ القانون هى المسئولة عن الأمن الداخلى فى إيران، وعلى الأرجح تأتى هذه الزيادة الكبيرة فى تمويل هذه القوات الداخلية استعداداً لمواجهة المعارضة الداخلية التى وقعت فى إيران، بالنظر إلى المظاهرات الضخمة التى نظمتها المعارضة من 28 ديسمبر 2017 لـ7 يناير الماضى.

وتمنح ميزانية 2018-2019 أيضا قوات الحرس الثورى 33٪ من ميزانية الدفاع الإجمالية «باستثناء المرافق الفكرية والتعليمية المختلفة حيث يتم تعيين الميزانية تحت رموز منفصلة»، أى 6.4 مليار دولار.

وأخيرا، فى يوليو 2017، نص مشروع قانون برلمانى على تمويل قوة القدس وبرنامج الصواريخ بـ213 مليون دولار لكل منهما، ومع ذلك، لم تدرج هذه المبالغ فى مشروع قانون ميزانية الدفاع 2018- 2019.