نجم هوليوود المصرى «بطل يحتاجه العالم»

العدد الأسبوعي

رامى مالك
رامى مالك


يصعب تصور أن يستطيع ممثل مصرى أن يصبح أحد نجوم هوليوود، إلا أن النجم رامى مالك، أصبح فى وقت قصير أحد نجوم مدينة السينما العالمية، وصاحب بصمة خاصة آخذة فى التطور والانطلاق أبعادًا أكبر مقارنة بأى ممثل عربى.

مجلة «GQ» نشرت تحقيقاً صحفياً عن نجم هوليوود المصرى الأصل رامى مالك، بعنوان «رامى مالك.. البطل الذى يحتاجه العالم»، فى ظل نجاحه الكبير مع عرض فيلمه «بوهيمان رابسودي» الذى يتناول السيرة الذاتية لفرقة الروك «ذا كوين»، حيث أشاد نقاد كثيرون بأداء رامى، بجانب فوزه بجائزة الأداء الخارق فى مهرجان بالم سبرينجز السينمائى الدولى السنوى الثلاثين، وذلك بعد أسبوعين من إطلاق الفيلم، كما رشحه العديد من النقاد لجائزة أوسكار، لأفضل ممثل.

الرهان على نجاح مثل هذا الفيلم لم يكن مضموناً لأن تقديم قصة حياة فنان عملاق يعنى أن أبسط الأخطاء قد تؤدى لعرقلة مسيرة الممثل، ولذا قبل ستة أشهر كان تفكير رامى الأساسى أن يرفض الدور ولكنه فى النهاية تجاوز مشاعر الخوف، وأدى الدور الذى دفع به لصفوف نجوم الصف الأول فى هوليوود.

مع استعداده للقيام بدور المغنى البريطانى الشهير، فريدى ميركورى، فى فيلم بوهيمان رابسودى انتقل مالك إلى لندن حيث تلقى تدريبات مختلفة مع مدرب اللهجة، ومدرب حركة وأخذ دروس عزف على البيانو والغناء لمدة أربع ساعات كل يوم.

كما درس رامى، مقاطع فيديو عن أداء ميركورى مع مدرب حركته، منها مشاهدة فيديو حفلة 1985 الحية على يوتيوب على الأقل 1500 مرة، لإتقان الأداء كما تعود رامى على الغناء والتحدث مع مجموعة من الأسنان الزائفة التى تحاكى شكل أسنان المغنى الشهير.

تم عرض الفيلم لأول مرة فى لندن فى 23 أكتوبر، حتى 18 نوفمبر الجارى، حقق بوهيمان رابسودى 127 مليون دولار فى الولايات المتحدة وكندا، و256 مليون دولار فى مناطق أخرى بما فى ذلك 37 مليون دولار فى المملكة المتحدة، ليصبح المجموع العالمى لإجمالى إيرادات الفيلم 384.3 مليون دولار، مقابل ميزانية إنتاج تبلغ حوالى 52 مليون دولار.

رامى مالك ليس من الشخصيات التى تتحدث كثيراً فى وسائل الإعلام، وحسب مجلة GQ، إذا كنا نعيش فى عصر وسائل التواصل المختلفة - حيث الضجيج الكبير، والتعرض المفرط، والتشارك المستمر، والآراء المتدفقة - فإن رامى مالك قد يكون أهدأ المشاهير الذى يمكن أن يتواجد فى عام 2018 «فى مقابلة فى الشهر الماضى، أعربت صحيفة نيويورك تايمز عن أسفها لكونه مترددا للغاية فى الحديث عن نفسه».

منذ سنوات ظهر رامى لأول مرة فى مشهد وحيد فى المسلسل الدرامى «بنات جليمور»، ومن ثم فى مسلسل الأكشن «24»، قبل أن يظهر مرات فى سلسلة الأفلام الكوميدية «ليلة فى المتحف».

واكتسب رامى خبرة كبيرة خلال تلك الأعمال، بفضل التعاون مع شخصيات بارزة، بما فى ذلك سبيلبرج وهانكس وتوماس أندرسون وسيمور هوفمان، ثم أتت نقطة التحول مع مسلسل «السيد روبوت» والذى نجح فى جذب الأنظار لموهبة رامى التمثيلية وجاذبيته على الشاشة.

ولكن الفضل الحقيقى فى اكتشاف إمكانيات رامى التمثيلية ترجع للمخرج والكاتب المصرى الأصل سام إسماعيل، مؤلف مسلسل «السيد روبوت»، حيث استعان برامى لأداء دور خبير الكمبيوتر «إليوت ألدرسون» والذى حصل بسببه على جائزة جولدن جلوب، وجائزة نقابة ممثلى الشاشة، وترشيحات جائزة تى سى إيه.

فى حديثه عن كونه ممثلاً أمريكياً من أصل مصرى يلعب دوراً رئيسياً فى مسلسل أمريكى يحقق نجاحاً كبيراً، قال مالك: «لم يكن الناس يعرفون ما هو الدور المناسب لى فى ظل أصولى ولم أكن فى نظر الكثيرين مناسبا للقيام بدور البطولة لأى عمل».

حصول رامى مالك على دور البطولة فى مسلسل «السيد روبوت»، كانت تمثل شكلا من أشكال الانقلاب على السياسة المعتادة فى صناعة الفن، وهو أمر لم يكن يتوقعه مالك نفسه والذى حقق له نجاحاً وهو لايزال فى بداية مشواره الفنى.

توالت بعد ذلك أعمال مالك، الذى لم يخيب توقعات معجبيه سواء فى اختياراته المختلفة للأدوار، أو فى أدائه المميز والمتمكن، ثم تم عرض فيلم «قلب باستور المريض»، وهو أول فيلم يلعب مالك بطولته، فى سبتمبر 2016، فى مهرجان تورنتو السينمائى الدولى ليحصد من جديد مزيداً من الإعجاب بقدراته التمثيلية.

وفى ذلك الفيلم لعب مالك دور رجل جبلى غريب الأطوار هارب من السلطات، ويعيش فى فصل الشتاء، عن طريق اقتحام بيوت خالية فى مجتمع نائى، وفى عام 2017، تمت دعوة رامى، ليصبح عضوا فى أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية مع استمرار الدفع نحو التنوع بين أعضائها بعد الانتقادات المتعلقة بعدم التنوع فى جوائز الأوسكار رقم 88.

ولد رامى سعيد مالك، فى لوس أنجلوس، لعائلة قبطية أرثوذكسية مصرية، وهاجر والداه، من مصر إلى الولايات المتحدة، لتأسيس حياة جديدة رغم إداركهما أن الاندماج فى المجتمع الأمريكى ليس سهلاً.

كان والد رامى، الراحل، يعمل مرشداً سياحياً فى القاهرة أما والدته فتعمل فى مجال المحاسبة والبنوك، ولدى مالك شقيق توأم متطابق يدعى سامى، وهو معلم، وأخت أكبر، تدعى ياسمين، وهى طبيبة.

وتلقى مالك تعليمه فى مدرسة نوتردام الثانوية فى شيرمان أوكس، بكاليفورنيا، حيث تخرج فى عام 1999، ثم حصل على شهادة البكالوريوس فى الفنون الجميلة عام 2003 من جامعة إيفانزفيل فى إيفانسفيل، إنديانا.

لم تنفصل عائلة رامى عن أصولها المصرية، التى تعود لمدينة سمالوط بمحافظة المنيا، حيث كان والده يحكى له بشكل مستمر عن مصر وعائلته هناك، ما صنع رابطة قوية بين مالك وبين جذوره المصرية، كما كان والده يوقظه أحياناً لتلقى مكالمات من العائلة فى مصر.

مالك زار مصر وذهب إلى سمالوط والتقى عائلته، وحسب قوله: «لا يوجد شيء اسمه الجيل الأول أو الجيل الثانى، فأنا مصرى، ونشأت وترعرعت على حب الاستماع للموسيقى المصرية، وأحببت أم كلثوم وعمر الشريف، وهؤلاء هم شعبى، وأشعر أننى مرتبط بشكل رائع بالثقافة والبشر الموجودين هناك، صحيح أن لدى تجربة مختلفة، لكننى مغرم ومتشابك مع الثقافة المصرية».

رامى مالك الممثل العالمى المعتز بأصوله المصرية هو بالتأكيد نموذج مختلف لنجوم الشرق الأوسط فى هوليوود، حيث نجح فى صياغة تجربة فنية ناجحة قدم خلالها أدوارا بعيدة عن الصورة النمطية لممثل عربى فى هوليوود، فهو يرفض وضعها فى قالب النجم المناسب لأداء أدوار الإرهابيين أو غيرها المرتبطة بالنجوم العرب.