منال لاشين تكتب: تجديد الخطاب الدينى فى المولد النبوى

مقالات الرأي



انتظر كالأطفال كل عام المولد النبوى الشريف. انتظر حلاوة المولد الفولية والسمسمية وحبل الملبن بالمسكرات وقطع القشدة. ولكنى لاحظت هذا العام أن ثمة اتجاها جديدا ومفيدا جدا فى كلمات الرئيس وشيخ الأزهر ووزير الأوقاف فى الاحتفال بالمولد النبوى الشريف. وهو الحديث عن تجديد الخطاب الدينى وإعادة قراءة التراث بما لا يخالف شرع الله. وعلى الرغم من كثرة وتعدد وعمق التحديات التى يواجهها الرئيس السيسى ومصر، إلا أن قضية تجديد الخطاب الدينى تحديدًا هى الأخطر والأكثر حساسية.
وأكثر صعوبة تواجه تجديد الخطاب الدينى أو تنقية التراث أو إعادة قراءته هو الجهل المتفشى بالدين بين أفراد المجتمع. والجاهل دوما يخشى التجديد أو فتح أبواب النقاش لأنه يتصور أنه على حق مطلق. الصعوبة الثانية هى تراجع القوى المدنية فى مواجهة القوى السلفية المتشددة خاصة فى ريف وقرى الصعيد وبحرى.
وتراجع القوى المدنية لا يعنى فقط تراجع الأحزاب السياسية وتهاوى العمل السياسى رغم أهميته، ولكن القوى المدنية الحقيقية التى كانت تواجه التطرف والاغتراب معا هى قوى المجتمع المدنى وجمعياته ومؤسساته وأثرها فى المجتمعات الريفية والصعيدية، سواء كانت جمعيات ثقافية أو فنية أو رياضية أو تعليمية. ولذلك فإن الطريق لتجديد الخطاب الدينى لا يبدأ من الأزهر كما يتصور البعض. ولكن الطريق يبدأ بعودة نور المجتمع المدنى إلى كل ربوع مصر.. وإلى إطلاق القوى المجتمعية لتعادل التوابع المتشددة الناجمة عن انتشار الفكر السلفى المتشدد فى القرى والمدن والشوارع والأحياء. فالتطور لا يفرض من مؤسسة مهما عظم دورها وقدرها. ولكن التطور يجب أن يجد قوى مساندة ودافعة لتحقيق هدف تحديث وتجديد الخطاب الدينى. ولذلك يجب أن نبدأ بالمجتمع وقواه المدنية كقوى داعمة وضاغطة لتحقيق تجديد الخطاب الدينى. هذه قضية خطيرة وحساسة وحسنا أن الرئيس السيسى لم يتركها أو يتجنبها. ولكن المهم الآن هو جمع كل القوى الحقيقية الداعمة لتجديد الخطاب الدينى.
وكل مولد نبوى ومصر وكل الدول العربية بخير وسلام.