د. أماني ألبرت تكتب: الفيسبوك.. هنا يباع المزاج جرعة سعادة، جرعة إعجاب

ركن القراء

د. أماني ألبرت
د. أماني ألبرت



’’هنا يباع المزاج .. جرعات سعادة ، جرعات إعجاب ، كوميك ساخر ، إفيهات فصيلة ، صور فوتوشوب‘‘ 
يعرف مستخدمي الفيسبوك جيدًا هذه الحالة، وخاصة الذين يستخدمونه لساعات طويلة أو Heavy Users فقد أصبحوا مرتبطين به بشدة لدرجة أنهم يشاركون كل تفاصيل حياتهم عليه، ويصادقون الغرباء الذين لا يعرفونهم، ويرفعون عليه صور فوتوشوب أو يكتبون إفيهات ضاحكة أو كوميك ساخر بل أصبح مصدر سعادتهم هو أن يشارك منشوراتهم عدد كبير أو أن تزيد أرقام متابعيهم والمعجبين بهم أو أن يحصلوا على عدد تعليقات كبير. 
ويدفعون مقابل هذا ’’المزاج‘‘ بقضاء وقت كبير من حياتهم عليه، ومقابل تفاعلهم الكثيف مع المنشورات، ومقابل معلوماتهم الشخصية التي أعلنوها عن أنفسهم.  
ولكن كما يبيع الفيسبوك المزاج بجرعات سعادة وجرعات إعجاب يقدم أيضًا ’’جرعات إحباط ، جرعات حزن ، جرعات كراهية ‘‘ فقد أثبتت الدراسات أن مدمني استخدامه يصابون بالإحباط والحزن كلما قلت التفاعلية مع منشوراتهم (سواء بإعجابات أو تعليقات أو مشاركات ).
لقد أصبح الفيسبوك مصدر لإدارة المزاج، ولإدارة نفسية مدمنيه وهو ما أكدته دراسة قمت بنشرتها ككتاب في العام 2017 مع دار النشر الدولية LAP LAMBERT Academic Publishing بعنوان 
’’ The effects of Facebook on Egyptian students' social well-being‘‘
وتم تطبيقها على 400 مفردة من الشباب الجامعي، وقد اتضح من نتائج الاستبيانان ان غالبيتهم قضت أوقات طويلة على الفيسبوك مؤكدين أنه جزء هام من أنشطة حياتهم اليومية. وأنهم يشعرون بفقد شيء هام حينما لا يدخلون لحسابهم يوميًا. والملفت للإنتباه أن عدد كبير من الذين يستخدمونه بكثافة وجدوا أنهم يعبرون عن أنفسهم في الواقع الافتراضي أفضل مما في الواقع الفعلي، ففي الواقع الفعلي شعروا بالخجل ووجدوا بعضهم صعوبة للتحدث أو التصرف وسط مجموعة، وبعضهم شعر بالتوتر حينما يتحدث مع مديره أو مع الغرباء رغم أنه لا يفعل عبر الفيسبوك. 
كما اتضح أنه كلما زادت مدة تعامل الشخص مع الفيس بوك زاد شعوره بالوحدة! ففي الواقع الفعلي قد لا يجدون من يرتاحون للتحدث معهم ، كما لا يحبون أداء الأعمال بمفردهم لذا يجدوا أنفسهم في انتظار تفاعل الأخرين معهم بل يبادروا هم للتواصل مع الآخرين.
والحقيقة لا يمكننا أن ننكر مميزات الفيسبوك ودوره في تسهيل عملية التواصل مع الآخرين، وتوصيل إحساس القبول والإعجاب لمستخدميه في صورة جرعات من السعادة ولكنه بالمقابل يستخدم لبث أخبار سلبية ولإثارة الشائعات ليقدم جرعات خوف وقلق لمستخدميه، وكأداة للصد الإجتماعي في صورة بلوك ، وللبعض ساحة ’’للردح‘‘ ورمي الكلام وتخليص الحسابات ، وأحيانًا ساحة للسخرية أو التنمر، ليقدم جرعات متوالية من الإحباط والحزن لمدمنيه. وكأنه يتحكم فيهم أو يسيطر على مزاجهم.  
’’هنا يباع المزاج .. جرعات سعادة ، جرعات حب ، كوميك ساخر ، إفيهات فصيلة ، صور فوتوشوب‘‘ وتجد أيضًا ’’جرعات احباط ، جرعات حزن ، جرعات كراهية‘‘ ’’هنا يباع المزاج‘‘