طارق الشناوي يكتب: "هنومة وقناوى" فى قلب المهرجان

الفجر الفني

طارق الشناوي
طارق الشناوي


أعلنت مساء أمس نتائج لجنة التحكيم فى مهرجان (قرطاج)، وكما توقعت فازت السينما المصرية بنصيب وافر من الجوائز، ذهبية فى التسجيلى الطويل (أمل) للمخرج محمد صيام، والفضية فى نفس المسابقة (تأتون من بعيد) للمخرجة أمل رمسيس، كما حصل فيلم (يوم الدين)، لأبوبكر شوقى، على الجائزة الفضية فى مسابقة الأفلام الطويلة، أما الجائزة التى تسرق الاهتمام الإعلامى وهى (التانيت) الذهبى لأفضل فيلم روائى طويل فلقد كانت من نصيب الفيلم التونسى (فتوى) لمحمود بن محمود، والفيلم مصنوع على موجة الجمهور تماما، ويدخل فى جدل فكرى بين المتطرفين والمثقفين التوانسة، وهو الحوار الذى تجد له مردودا فى الشارع العربى وليس فقط التونسى، وإن كانت تونس قد سبقتنا فى المواجهة الفكرية المباشرة لهذا التيار، الذى يبدو دائما أنه يحتفظ بنيران تحت الرماد أو ما يبدو أنها رماد، وهو يدفعنا دائما لكل نظل مستيقظين، وهكذا وجد الجمهور فى الصالة نفسه طرفا فى المعركة وعلى الموجة تماما، ولا تنسى تلك الشحنة التى تجددت بعد العملية التى قامت بها تلك (الذئبة المنفردة) مباشرة قبل بداية الافتتاح بثلاثة أيام، وجاء الرد المباشر هو أن إدارة المهرجان بقيادة المنتج نجيب عياد قررت أن تقيم حفلا غنائيا فى نفس موقع الحادث، فكان الرقص والموسيقى والغناء هو السلاح الذى واجهوا به (الذئبة) وأخواتها.

أيضا فى الفيلم الحائز على (التانيت) الذهبى نشاهد بطل الفيلم أحمد الحفيان وهو يؤدى دور المثقف الذى يواجه التيار بعد شكه فى مقتل ابنه على أيدى المتطرفين، وبرغم أن الفيلم ينتهى بذبحه، إلا أن الرسالة وصلت للجميع، المثقف التونسى على الشاشة يعبر عن المواطن بل العربى فى مواجهة تلك الأفكار، ولكن هل هذا يكفى لكى يتوج الفيلم بأهم جائزة؟، أتصور أن لجنة التحكيم برئاسة الناقدة الأمريكية ديبورا يانج انحازت للأفكار أكثر من الإبداع.

تصدرت صورة (هنومة) هند رستم و(قناوى) يوسف شاهين من رائعته (باب الحديد) شعار المهرجان، لا أتصور أنه من الممكن أن يقدم أى مهرجان آخر بما فيها مهرجان القاهرة السينمائى، على كل تلك الحفاوة للسينما المصرية.

نصيب مصر فى الجوائز الذهبية طوال 29 دورة قليل جدا، هذه حقيقة، فلقد نالها أحمد عبدالله عن فيلمه الروائى الأول (ميكروفون) عام 2010، وقبلها بـ30 عاما لم يتجاوز الأمر يوسف عن مجمل أعماله رغم أنه وقتها شارك بفيلم (الاختيار).

نعم لو قارنت مثلا ما حصلت عليه مصر من مهرجان عربى مواز لقرطاج وهو (دمشق) ستكتشف أن السينما المصرية حظيت بجوائز ذهبية طوال تاريخ (دمشق) أكثر من سوريا، ولكن هذا بالنسبة لى لا يعنى فى واقع الأمر شيئا سوى أن تلك قناعات لجان التحكيم، والبلد والمهرجان الذى يمنح مصر كل هذا الدفء وكل تلك الحفاوة وهذا العدد من التكريمات، أراه منحازا لمصر، فهو لم ينس فى هذه الدورة جميل راتب وعطيات الأبنودى والعزيز الناقد الراحل على أبوشادى، ما الذى نطلبه أكثر من ذلك؟

على الجانب وبعيون اللجنة يجب أن أذكر أنها ربما استشعرت أن قضية الإرهاب والتطرف والعنف الدموى الذى يتدثر بالإسلام عنوة، ويعانى منه العالم أجمع يستحق جائزة، لشجاعة المواجهة ربما، رغم أن الشجاعة لا تدخل أبدا كمعيار فى التقييم الفنى!!