عبدالغفار شكر: الدولة نجحت في كبح جماح الإرهاب.. ويكشف أهم الملفات التي واجهها بمجلس حقوق الإنسان (حوار)

أخبار مصر

محررة الفجر مع الدكتور
محررة الفجر مع الدكتور عبدالغفار شكر


أفكر في الابتعاد عن المجلس القومي لحقوق الإنسان

أؤيد إنشاء وزارة لحقوق الإنسان في مصر

ثورة 25 يناير لم تكتمل و30 يونيو أعادتها إلى الطريق الصحيح

 

الدكتور عبدالغفار شكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، تولى العديد من المناصب، منها نائب رئيس مركز البحوث العربية والأفريقية بالقاهرة، ووكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي سابقًا، وهو واحد من السياسيين المخضرمين، عاصر ناصر والسادات ومبارك، مرورًا بما بعد يناير 2011 و 30 يونيو، يتمتع بنظرة قوية وثاقبة، تشمل تاريخ مصر المعاصر.


في حوارنا معه، تحدث "شكر" عن حقوق الإنسان والمشاكل التي تعاني منها مصر، وكشف عن تعديل قانون المجلس، وأبدى رأيه في دور الأحزاب السياسية، ورأيه في طرح فكرة إنشاء وزارة لحقوق الإنسان في مصر.




وإلى نص الحوار:


مررنا بثورتين شعبيتين.. بعدها إلى أين تتجه مصر؟

 مبدأيًا يجب مراعاة أن ثورة 25 يناير لم تنجح كُليًا، أو لم يستمر نجاحها بسبب غياب عنصري وهو التنظيم والقيادة، الأمر الذي أدى إلى أن تتوه في اتجهات أخرى، لم تعد إلى الطريق الصحيح منها إلا في ثورة 30 يونيو.

وبالنسبة لأوضاع مصر، فهي ترتبط بالبيئة المحيطة، وعلى سبيل المثال جاءت البيئة المُحيطة في 2013 متمثلة في عنصرين الإرهاب والتظاهرات، الأمر الذي أدى إلى أن تنكب الدولة على هدف واحد وهو "حماية مصر".

وأما البيئة الآن مختلفة تمامًا، نظرًا أن الدولة نجحت في كبح جماح الإرهاب، مما أدى إلى الاستقرار، إلا أنه كان مصاحبًا لأزمة اقصادية شديدة.

الوضع الآن يعتبر في "منتصف الطريق"، فـ بناءً عليه يجب أن تهتم الدولة في الفترة المقبلة برفع مستوى العيشة للمواطن العادي.




ما الفارق بين تعامل اليسار المصري مع ازمة رفع الدعم في 1977 وحاليًا؟

الوضع متغير من 1977 إلى الآن ، فـ المناخ في 77 كان يسمح لليسار بالحديث، فكان يُسمع صوتهم من خلال جريدة الأهالي، والتي كانت الجريدة المعارضة الوحيدة آنذاك، وعند رفع الأسعار في ذات العام، تصدت الجماهير لهذه العملية، وخرجت في تظاهرات أدت إلى إلغاء هذة الزيادات في الأسعار.

 

وفي ٢٠١٨، اليسار في نفس الموقف، ولكن المشكلة الآن أنه منقسم، وذلك يعود إلى الآليات أو وسائل تواصل صوت اليسار مع المجتمع والإعلام.




ماهو تقييمك لوضع الأحزاب في مصر؟

الأحزاب جميعها فقدت كثيرًا من تأثيرها وقدرتها، كان في السابق لدينا أحزاب تعتبر من أقوى الأحزاب كانت تخوض الانتخابات وتنجح، ولكن ليس لها صوت مثل "حزب الوفد".

وهناك أحزاب أخرى نشأت مع ثورة ٢٥ يناير، وكان لها قوة ونفوذ متزايد، ولكن بكل أسف تراجعت مثل حزب الدستور وحزب مصر الديمقراطي الاجتماعي، فهذه كانت أحزاب واعدة، الأحزاب في مصر ليست على ما يرام الآن، وليس لها القدرة على التأثير.





ماهي التعديلات التي طالبتم بها في التشكيل الجديد للمجلس القومي لحقوق الإنسان؟

المجلس الحالي أعد تشكيل لقانون التأسيس الذي تشكل بناء على غرار قانون رقم ٩٤ لسنة ،٢٠٠٣ وذلك كان يحدد كيفية تشكيل المجلس ويحدد اختصاصته، فـ طالبنا في التشكيل الجديد بتعديل هذا القانون .

وبالفعل صدر التعديل على القانون الجديد لتأسيس المجلس، تضمن التعديل استجابة لبعض مطالبنا في تعديله.

 أولًا كانت مدة المجلس ٣ سنوات، فأصبحت ٤ سنوات، وذلك ليكون هناك مدة كافية عند وضع المجلس لخطة يكون هناك الوقت الكافي لتنفيذه.

ثانيًا أن يكون للمجلس حق لإنشاء فروع في جميع المحافظات.

ثالثًا طالبت المجلس ألا يكون هناك اخطار للنيابة العامة ووزارة الداخلية قبل زيارة السجون والاقسام، نظرًا أن الإخطار يقلل من فاعلية الزيارة، فلا يستطيع أن يرى الوضع الطبيعي لحالة المحتجزين، ويجعل السجون في حالة استعداد وتصحيح لبعض الأوضاع، ورُفض هذا التعديل فظل حق المجلس في زيارة السجون بعد إخطار النيابة العامة ووزارة الداخلية .

حدثت تعديلات في قانون المجلس، ولكنها لم تكن التعديلات المنشودة، ونأكد أن زيارة السجون بدون إخطار، هو أمر مهم للتعرف على حقيقة ما يحدث، وخاصة أماكن الاحتجاز في أقسام الشرطة التي أصبح بها تكدس كبير من عدد النزلاء، الأمر الذي ينعكس على أحوالهم الصحية، وزيادة معدل الوفيات في تزايد ملحوظ.




هل دور المجلس استشاري أم يملك قوة إلزامية؟

المجلس له الردع الدولي، فـ المجلس الدولي لحقوق الإنسان يتبع الأمم المتحدة، ينبثق منه المفوضية الثانية لحقوق الإنسان، وهذا يُعتبر الجهاز التنفيذي لدى الأمم المتحدة الذي يتابع المجالس الوطنية لحقوق الإنسان في مختلف الدول، وهذه المجالس تعتبر هيئات استشارية للحكومة، لكنها ليست خاضعة لها.


وما يخص الدولة فـ القانون ينص على أن رئيس الجمهورية من حقه أن يطلب من المجلس أن يبحث قضايا معينة، فـ المجلس رأيه استشاري بالنسبة للسلطة التنفيذية والتشريعية، ولكن أيضًا المجلس مستقل فنيًا وإداريًا وماليًا عن الدولة.



هل توافق على إنشاء وزارة لحقوق الإنسان في مصر؟

نعم أؤيد وبشدة إنشاء وزارة لحقوق الإنسان في مصر، فـ اليوم وزارة الداخلية أنشأت إدارة لحقوق الإنسان على مستوى الوزارة، كما أنشأت في كل قسم شرطة وكل مديرية في المحافظات قسم مخصص لحقوق الإنسان، فكون أن الأجهزة التنفيذية تحترم حقوق الإنسان، هذه لفتة هامة، ونريد أن يحدث ذلك في جميع المنظمات الحكومية في الدولة.

 كما أصبحت حقوق الإنسان مادة تُدرس في جميع الجامعات المصرية، وإنشاء وزارة لحقوق الإنسان مهم ولا يتعارض مع المجلس، فـ المجلس الدولي لحقوق الإنسان يقوم بعملية تقييم كل أربعة أعوام لحالة حقوق الإنسان في مختلف الدول، وقد حدث هذا التقييم في مصر منذ عامين، وكانت مراجعه دورية شاملة لحالة حقوق الإنسان، وصدر له ٢٤٠ توصية مطالبين بتنفيذها، وافق المجلس على جميع التوصيات ما عدا توصيتين، الأولى متعلقة بحقوق الإعدام الصادرة، والثانية بمساواة المرأة بالرجل في الميراث، نحن نرحب بإنشاء وزارة لحقوق الإنسان في مصر.




هل أجريتم تفتيشًا منظمًا على جميع السجون التابعة لوزارة الداخلية في الفترة الأخيرة؟

 منذ انتهاء فترة المجلس المُنعقد حاليًل، أصبح مجلس تسيير أعمال، ولكن في المدة الأصلية قمنا بجولات لمعظم السجون، ومن ضمنها السجون التي بها مسجونين على ذمة قضايا حساسة، لنتأكد من حسن معاملتهم، والآن نحن في انتظار التشكيل الجديد الذي سوف يستأنف هذة المسألة.




ما هي أهم الملفات التي عمل عليها المجلس طوال فترة عضويتك؟

كان اهتمامي الرئيسي خلال فترة عضويتي هو متابعة أعمال اللجان في المجلس، فـ هي تعتبر الدينمو الذي يزود المجلس بقضايا واقتراحات وأنشطة يوافق عليها في جلسته الشهرية.

ومن أكثر الملفات أهمية، والتي عملت عليها بشكل كبير، هو عقد لقاءات مشتركة مع المنظمات الحقوقية في مصر، وكان هدفي أن ننجح، وأن يكون هناك ملتقى دوري يجمع المنظمات والمجلس، لمناقشة القضايا المشتركة ومشاكل حقوق الإنسان في مصر، وكيفية النهوض بحالة حقوق الإنسان، ولكن بكل أسف لم نصل لهذة الصيغة، وأرجو أن يهتم المجلس القادم بهذا الملتقى.


ومن أهم الملفات التي عملت به بشكل جزئي، هو ملف الاختفاء القسري، وهو الموضوع الذي أعلن المجلس اهتمامه به، خاصة بعد إلحاح ملحوظ من الخارج.


تبنى المجلس قصة الاختفاء القسري بشكل كامل، وأعلن استقباله لشكوى الاختفاء القسري، وتقدم للمجلس ٣٢٠ حالة، واستقبلنا الأسر المُتقدمة بالشكوى، وبعد تنسيق ذلك، تم إرساله إلى وزارة الداخلية، وقامت بدورها بإرسال رد على جميع الشكاوى بتحديد حالة كل اسم موجود، فبعض الأسماء اتضح أنها تحاكم على ذ      مة قضايا، وحددت مكان احتجازهم ورقم قضاياهم، وبعضهم سافروا إلى الخارج للالتحاق بمنظمات إرهابية، والبعض الآخر على اختلاف مع ذويهم، فتركوا أماكنهم اإلى أماكن أخرى، عملت على كثير من الملفات، والتي أتمنى أن تُستكمل بعد انعقاد المجلس الجديد.



ما هو تقييمك لوضع حقوق الإنسان في مصر ؟

حقوق الإنسان في مصر اليوم في أزمة حقيقية، وذلك بسبب ما تحدثت عنه سابقًا بعد ما حدث ٣٠ يونيو، والصراعات التي أصابت المجتمع وبدأت الدولة تتعرض للخطر، وحاولت أجهزة الأمن أن تتصدى لذلك.




هل تفكرون في الابتعاد عن المجلس  بشكل خاص والحياة السياسية بشكل عام؟

نعم، أعاني من مشاكل صحية كثيرة، فأنا أعاني من جلطة بالمخ، أصبت بها منذ ،٢٠١٤ وقتها قدمت استقالتي من رئاسة حزب التحالف الشعب الاشتراكي واكتفيت بعضوية المجلس، وكنت أنتوي الاستقالة أيضًا، ولكن عارض رئيس المجلس الأستاذ محمد فايق، نظرًا أن استقالتي ستُفسر بشكل خاطئ.


وبعد تشكيل المجلس الجديد، سأتفرغ إلى العمل الفكري، وسوف أستكمل عملي في مركز البحوث العربية، فأنا في منصب نائب رئيس مركز البحوث، والآن بعد وفاة رئيس المركز الدكتور سمير أمين نعيد تشكيل مجلس الإدارة ووضع خطة عمل جديدة، وسوف أستكمل عملي الفكري في كتابة المقالات.