الإتفاق على تفعيل مدوّنة سلوك تضبط العلاقة بين الأمني والصحفي

تونس 365

بوابة الفجر


بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، اتفق وزير الداخلية، هشام الفوراتي ورئيس النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، ناجي البغوري،  الخميس بالعاصمة، على تفعيل مدوّنة سلوك تضبط العلاقة بين قوات الأمن الداخلي والصحفيين في أسرع الآجال والعودة إلى الحوار والتنسيق بين الجانبين، لتفعيل مسار التعاون والشراكة بينهما، من أجل تعزيز المكاسب المحقّقة.

واعتبر رئيس نقابة الصحفيين في كلمته التي ألقاها بالمناسبة، أن حماية الصحفيين هي حماية للمواطن وتكريس لحقّه في الحصول على معلومة حرة وتعددية وذات مصداقية، محذّرا من أن "الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين يولّد عدم الثقة في الأجهزة الأمنية والقضائية".

وبعد أن أشاد بالمناخ الإيجابي السائد حاليا مع وزارة الداخلية والرغبة الجديدة التي تحدوها من أجل إنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، دعا البغوري إلى "متابعة حوادث الإعتداء على الصحفيين وعدم الإكتفاء بمجرد الإعتذار أو التعهّد بفتح تحقيق وخاصة إلى نشر نتائج التحقيق في هذا الشأن".

كما أشار إلى الصعوبات التي يتعرّض لها الصحفيون في الجهات والتضييق عليهم أثناء قيامهم بعملهم، "لاسيما وأن أغلبهم غير قادر على التصريح بتعرضه لاعتداء، باعتبار أن ذلك يمنعه مستقبلا من القيام بعمله ومن الحصول على المعلومة أو يعرضّه إلى اعتداء ثان".

وتطرّق البغوري إلى السياق العام الذي يحتفل فيه العالم بهذا الحدث الذي اتسم بتزايد تعرّض الصحفيين عبر أنحاء العالم إلى اعتداءات وجرائم، على غرار ما تعرّض له الصحفي السعودي جمال خاشقجي من تصفية واختطاف الصحفيين التونسيين سفيان الشورابي ونذير القطاري بليبيا منذ أربع سنوات.

من جانبه قال وزير الداخلية، هشام الفوراتي "إنه لا مجال اليوم للإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين"، مشيرا إلى أن كافة التجاوزات في هذا الخصوص يتم أخذها على محمل الجد، بعد التأكد من وقوعها من قبل هياكل التفقد بالوزارة ومجالس الشرف التي تضطلع بدور تأديبي في هذا المجال.

وأفاد الوزير أنه اتفق مع نقيب الصحفيين على تفعيل مسار التعاون والشراكة وإحياء التجارب التي دأبت الداخلية على تنظيمها بالتعاون مع النقابة، باعتبارها تعود بالنفع على الجانبين وتعزّز المكاسب التي تم تحقيقها، داعيا الصحفيين إلى الإلتزام ببعض الضوابط عند مباشرتهم لمهامهم، خاصة أثناء عمليات حفظ الأمن والنظام، وذلك بارتداء الشارة المميّزة واحترام الإجراءات الأمنية الميدانية المقرّرة.

وذكّر الفوراتي بأهم الإجراءات التي شرعت الداخلية في اتخاذها، في سياق تأمين عمل الصحفيين، على غرار صياغة مدوّنة سلوك تضبط العلاقة بين قوات الأمن الداخلي والصحفيين، مؤكّدا تفعيلها في أسرع الآجال بالإتفاق مع النقابة.

وأضاف في سياق متصل أنه تم تخصيص باب كامل في مدوّنة سلوك قوات الأمن الداخلي للتعامل مع وسائل الإعلام، تضمّن بالخصوص ضرورة أن "يحترم الأمني، في كل الأحوال، الحق في التعبير والتصوير وسعي وسائل الإعلام وراء الحصول على المعلومات ولا يمنعهم من ممارسة مهامهم، إلا وفقا لما تقتضيه القوانين والتراتيب النافذة خاصة فيما يتعلق بسرية العمليات أو الأبحاث أو التحقيقات".

ولفت الوزير أيضا إلى تكرر الإعتداء على قوات الأمن الداخلي، ما أدّى إلى إصابة عدد منهم مؤخرا بتشوّهات (قطع أصابع وإصابات على مستوى العين)، حاثا الصحفيين على تسليط الضوء على مثل هذه الإعتداءات.
يذكر أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أحيت اليوم الخميس للمرة الرابعة على التوالي، اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، بالشراكة مع الإتحاد الدولي للصحفيين والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" ومنظمة المادة 19، وذلك تحت شعار "إن الحقيقة لا تموت أبدا، وكذلك وهج التزامنا بالحق الأساسي في حرية الرأي والتعبير لا ينطفئ أبدا".

وقد تضمّنت فعاليات إحياء اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين، نشر التقرير السنوي حول سلامة الصحفيين الذي أعدته وحدة الرصد بمركز السلامة المهنية التابع للنقابة. كما تضمّن عرضا لكلمة مسجلة لأمين عام منظمة الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريز.

يذكر أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتمدت في دورتها 68 المنعقدة في عام 2013، القرار رقم 68/163 الذي تم الإعلان بمقتضاه يوم 2 نوفمبر من كل سنة، "يوما عالميا لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين". وحثّ القرار، الدول الأعضاء، على تنفيذ تدابير محددة لمكافحة ثقافة الإفلات من العقاب المتفشّية حاليًا. 

وقد تم اختيار هذا التاريخ تخليدا لذكرى اغتيال صحفيين فرنسيين في مالي يوم 2 نوفمبر 2013.