حسام السعيدي يكتب: ناقصات عقل ودين

مقالات الرأي

حسام السعيدي
حسام السعيدي


يتناقل بعض الجهلة عن عمد أو بدون علم الحديث النبوي الذي يُشير في مضمونه عن أن "النساء ناقصات عقل ودين"، ويأتي به بعض الرجال للإساءة للمرأة، أو من المُمكن أيضًا للحديث عن رؤية الدين الإسلامي ورسوله الكريم للمرأة بنظرة دونية، تعالى سيد الخلق عما يدعون.

بين الرسول صل الله عليه وسلم، أن نقص عقل المرأة من جهة ما قد يحصل من عدم الضبط للشهادة، ونقص دينها من جهة ما يحصل لها من ترك الصلاة والصوم في حال الحيض والنفاس.

هذا النقص ليست مؤاخذة عليها، وإنما هو نقص حاصل بشرع الله، هو الذي شرعه، رفقا بها وتيسيرا عليها لأنها إذا صامت مع وجود الحيض والنفاس يضرها ذلك، فمن رحمة الله شرع لها ترك الصيام وقت الحيض والنفاس والقضاء بعد ذلك. 

ولنُقارن دعونا بين مهام المرأة في حياتها اليومية خاصةً وإن كانت عاملة وبين مهام الرجل، نجد بما لا يدع مجالًا للشك أن قُدرات المرأة أعلى بمراحل من قُدرات الرجل، فهي عندها القُدرة على القيام بعملها الخارجي والتفوق فيه والوصول لأعلى المناصب، فكم من مرأة تُدير عمل وتحت قيادتها العشرات من الرجال وفي نفس الوقت تقوم بأعمالها المنزلية دون أن يشعر الرجل بأي نقص. 

ليس ذلك انتقاص من الرجل في شئ، فالحديث عن قدرهم في الإسلام بالنسبة لزوجاتهم وأمهاتهم وبناتهم ودينهم يحتاج لمُجلدات، ولكننا فقط نتحدث عن المرأة في هذا المقال المطول. 

ليس ذلك فقط فعملها ليس مُقتصر على الوظيفة أو إدراتها لعمل خاص أو لأعمالها المنزلية، فهُناك عملها المُقدس وهو تربية جيل من الرجال والإناث قادرين على تحمل المسؤولية والمُساهمة في بناء المُجتمع، بعد حمل وولادة وتعب لم يجد الرسول صل الله عليه وسلم مُقابل له إلا التأكيد على أن الجنة تحت أقدام الأمهات.

وبالعودة لمُعاملة الإسلام للمرأة ومساوتها بالرجل، فقد أدلت المرأة برأيها في الشأن السياسي في عهد الرسول والوحي ينزل، حيث استشار أم سلمة فيما وقع من الصحابة من التأخر في الاستجابة لأمر النبي ظنا منهم أن النبي لم يعزم عليهم في هذا الأمر، وتعجلا منهم لفتح مكة فقالت أم سلمة: أخرج أنت فاصنع ذلك, فقام رسول اللَّه واستعد للحج وفعل الصحابة ما فعله الرسول.

وهكذا شاءت إرادة الله عز وجل أن يحفظ المجتمع المسلم بفضل مشورة أم المؤمنين في هذه القضية، ولقد نزلت آيات القرآن الكريم تؤكد صواب وعد الله لنبيه وتبشر بقرب النصر وفتح مكة.

وبالنسبة للتعليم فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «أيما رجل كانت عنده وليدة، فعلمها فأحسن تعليمها، وأدبها فأحسن تأديبها، فله أجران".

وبالنسبة للدفاع عن الوطن، فقد كانت المرأة المسلمة تتمتع بحس وطني عال، فعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: (غزوت مع رسول الله صل الله عليه وسلم سبع غزوات أخلفهم في رحالهم وأصنع لهم الطعام) رواه مسلم، وكانت رفيدة الأنصارية تخرج للمعركة لتداوي الجرحى وتسقي العطشى فكان لها خيمة تداوي فيها الجرحى وتحتسب ذلك عند ربها.

بل كانت المرأة تشارك بنفسها إن اضطرت إلى القتال، حيث قالت صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الخندق: (أنا أول امرأة قتلت رجلاً فقد مر بنا يهودي يطوف بالحصن فقلت: هذا لا آمنه على أن يدل على عوراتنا، فاحتجزت - شدت وسطها - وأخذت عموداً ونزلت فضربته حتى قتلته).

ولقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها فقيهة محدثة تنظم الشعر أيضاً, ويروي الشعبي فيقول: (قيل لعائشة رضي الله عنها يا أم المؤمنين هذا القرآن تلقيته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك الحلال والحرام، وهذا الشعر والنسب والأخبار سمعتها عن أبيك وغيره فما بال الطب؟ قالت: كانت الوفود تأتي رسول صلى الله عليه وسلم فلا يزال الرجل يشكو علته فيسأل عن دوائها فيخبره بذلك فحفظت ما كان يصفه وفهمته)، وهو ما يدل على أنها كانت تجلس مع الرسول أثناء استقباله للوفود.

وبالإضافة للسيدة عائشة رضي الله عنها، كانت فاطمة بنت علاء الدين السمرقندي الحنفي صاحب كتاب "تحفة الفقهاء" حفظت التحفة فكانت فقيهة, طلبها كثير من الرجال فلم يزوجها والدها, وعندما صنف أبو بكر الكاساني كتابه "بدائع الصنائع" وهو شرح التحفة عرضه على شيخه - أبوها - ففرح به كثيراً وزوجه ابنته، وكانت الفتوى تأتي فتخرج وعليها خطها وخط أبيها، فلما تزوجت صاحب البدائع كانت تخرج وعليها خطها وخط أبيها وخط زوجها.