"المياه مباركة".. دجل وشعوذة ونصب بجامع "السلطان الحنفي" (صور وفيديو)

أخبار مصر

بوابة الفجر


جامع ضخم مهيب قد لا يتخيل المرء وجوده في هذه المنطقة، وللوهلة الأولى تعتقد أنه مملوكي المولد، ثم تدخل إلى باحته الداخلية فتجده جامع مغطى على الطراز العثماني، ثم تطالع على منبره اسم منشئ الجامع وهو الخديو عباس حلمي الثاني.




الملفت في جامع السلطان حنفي عند أول وهلة من دخوله هو مشهد خادم المسجد وهو يرفع السجاد من المنطقة المجاورة لمنبر المسجد، ثم يكشف غطاء ويدلي دلو ويخرج ماء من تحت الجامع وهو بئر يدعي خادم المسجد أن "المياه دي من عند الله" فهكذا يردد لمرتادي الجامع وأغلبهم رجال بسطاء وسيدات تصطحب كل منهن ابنتها فلكل منهن حاجة تريد أن تستعين عليها بهذه المياه المباركة.




قالت إحدى السيدات لمحرر الفجر، وقد رفضت رفضًا قاطعًا أن تلتقط لها الكاميرا صورة أو فيديو واكتفت ببضع كلمات حول بركة هذه المياه، وأنها شافية من كل داء، وهي من نبع زمزم المبارك.




المشهد الثاني حينما اقتربت السيدة من خادم المسجد وبدأت تحدثه عن كيف أن ابنتها متزوجة من عدة أشهر ولم تنجب بعد، هم يريدون مياهًا من البئر المباركة.


لم تنته المشاهد بعد، رجل جاء على عجل وأشار لخادم المسجد وسبقه للمكان الموجود فيه البئر، والخادم يهرول إلى جواره، ثم فتح البئر، فيما أخرج الرجل عدد من الزجاجات الصغيرة، ثم بدأ الخادم في ملء هذه الزجاجات للرجل.


المشهد الأكثر غرابة كان من إحدى السيدات، التي قامت بالشرب من المياه ثم وقفت أمام الخادم الذي بدأ في إلقاء زخات من ماء البئر عليها.


استطعنا التقاط بعض اللقطات لهذه المشاهد، ولكننا لم نستطع التسجيل مع أحد بسبب الاعتراضات التي بدأت تصدر من خادم المسجد بعدما علم وتأكد من هويتنا الصحفية.


"مياه مباركة من عند الله" هذه هي العبارة التي يرددها دائمًا خادم المسجد، لم نشاهده يتلقى مالًا من أحد، ولكن الأمر كله فيه نوع من "النصب" على المواطنين بشكل واضح، فلا يوجد ما يسمى بالمياه المباركة في العالم سوى مياه بئر زمزم في المعتقد الإسلامي.


قال غريب سنبل مدير الإدارة المركزية للترميم في وزارة الآثار، إن البئر الموجودة في ظلة قبلة جامع السلطان الحنفي، ويقع إلى يسار المنبر، لا يمثل خطرًا على أساسات المسجد، حيث أن إدارة الترميم قامت بتثبيت منسوب المياه فيه، بحث لا يشكل تذبذب المياه خطرًا على الأساسات، وأضاف سنبل أن هذه المياه غير متصلة بأي شئ وهي بئر عادية، وليست عميقة، ومياهها تحتاج إلى تنقية.


ومن جانبه قال الدكتور جمال مصطفى رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية بوزارة الآثار، إن مسؤولية الوزارة تنتهي بعد ترميم الأثر وتسليمه لوزارة الأوقاف، وأن خدام الجامع أو العمال فيه خاضعين لوزارة الأوقاف، وليسوا تابعين لوزارة الآثار.


وفي لقاء للفجر مع إمام مسجد السلطان الحنفي عمرو عبد الحميد، قال إن ما يدور من أساطير حول مياه البئر لا أساس لها من الصحة، فهي مياه بئر كأي بئر آخر، ولا صحة حول أن هذه المياه متصلة بماء زمزم أو ما شابه، وأسطورة البئر في استمراريته حتى الآن.
وأضاف عبد الحميد أن بعض الأبحاث أجريت على البئر وقالت أن مياهه غير صالحة للشرب، ثم في فترة تالية جاء البعض بأبحاث جديدة بأن المياه لا مشكلة فيها، وتم فتح البئر بعد قرار إغلاقه.


حكاية المسجد وسلطانه:


قال محمد شاهين مدير آثار منطقة شارع باب الوزير، إن المسجد يقع بشارع "الحنفي" بحي السيدة زينب، وكان مكان المسجد الحالي خلوة يقيم فيها الشيخ، ثم تم بناء زاوية في نفس المكان، ثم تم بناء المسجد بدلًا من الزاوية.


وتابع شاهين أنه في عهد محمد علي باشا، تم تجديد المسجد بمعرفة الأمير سليمان أفندي، ثم قام الخديوي عباس حلمي الثاني بإنشاء المسجد مرة أخرى على صورته الحالية، وتم الانتهاء منه عام 1333 هـ 1914م، وصممه محمود فهمي بك مهندس وزارة الأوقاف وقام بتشييده المهندس أحمد عزمي بك.


والسلطان الحنفي هو شمس الدين محمد الحنفي نسبه إلى مذهبه، ولد في مصر وعاش بها، وحفظ القرآن صغيرًا، وأُطلق عليه لقب سلطان لأنه لم تكن ترد له كلمة عند سلطان مصر، عاش اثنين وسبعين عامًا من سنة، وكان له مدرسة في تفسير القرآن والفقه والتصوف والآداب الإسلامية.


ليس جامعًا وفقط بل مؤسسة كاملة:


وكان الهدف من بناء الجامع ليس الصلاة وفقط بل وأن يقوم الشيخ شمس الدين محمد الحنفي، بإلقاء دروسه فيه، وكان الجامع مكان يجد فيه الفقراء مأوي وطعام وشراب.


والجامع عبارة عن من أربع وجهات حجرية، أولها تطل علي شارع الحنفي، وتضم مدخلين رئيسي وفرعي، والواجهة الثانية تطل علي حارة السلطان الحنفي والواجهة الثالثة بيسارها باب يفضي إلي داخل المسجد وإلى الضريحين، والواجهة الرابعة علي حارة الميضة.


يتوسط المسجد من الداخل قبة ضخمة، يحيط بها أربعة أيوانات أما المحراب فمن التحف المعمارية، وهو عبارة عن تجويف كبيرة ذو عقد نصف دائري تغطية ثلاث قباب صغيرة، تغطيها زخارف نباتية وهندسية وكتابية بديعة.


دكة المبلغ يوجد بالمسجد دكة مبلغ محمولة على 12عمود يصعد إليها بسلم حجري، وبالجامع كرسي مقرئ مصنوع من الخشب وعلية زخارف هندسية بديعية، أما المنبر مصنوع من الخشب وعلية زخارف هندسية وكتابية، وأهم ما يميز هذا المنبر وجود نص كتابي يتضمن اسم المنشئ وهو خديو مصر عباس حلمي الثاني.


المئذنة وهي على طراز المآذن المملوكية التي تتميز بالشرفات المحمولة على صفوف من المقرنصات، ويعد مسجد السلطان الحنفى تحفة معمارية رائعة ويمثل فترة هامة فى تاريخ العمارة المصرية في عهد أسرة محمد على باشا.


وملحق بالمسجد ضريحين الأول للشيخ شمس الدين محمد الحنفي، والثاني لزوج ابنته عمر الدكني، وملحق به أيضًا سبيل وكتاب، ويقوم بالصرف علي جميع منشآت الجامع الأوقاف التي رصدها منشئ المسجد للإنفاق عليه بعد وفاته.