د. بهاء حلمي يكتب: مصر رائدة فى إعادة بناء المنظومة الصحية والعلاج

مقالات الرأي

د. بهاء حلمي
د. بهاء حلمي


يرتبط حق الإنسان فى الصحة والعلاج ارتباطا وثيقا بحياته وكرامته وهو أحد الحقوق الأساسية المضمونة لكل إنسان.

وقد تناول الإعلان العالمى لحقوق الإنسان هذا الحق ضمنا فى المادة الخامسة والعشرين التى تقر بأن لكل شخص الحق فى مستوى معيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية والعناية الطبية له ولأسرته أما العهد الدولى الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية فقد خصص لحق الإنسان فى الصحة المادة الثانية عشرة.

ونص الدستور المصرى على حق كل مواطن فى الصحة والرعاية الصحية المتكاملة والتزام الدولة برفع كفاءة خدمات المرافق الصحية، وإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض.

إلا أن القيادة السياسية بادرت باختراق مشاكل الصحة فى مصر لحلها وعدم الانتظار لتنفيذ برامج إصلاح تلك المنظومة طويلا، وكرست الدولة جهودها فى مواجهة الفيروسات الكبدية التى جعلت مصر أعلى الدول إصابة بها ويرجع ذلك لعدم الوعى بالكشف المبكر عنه إضافة إلى ارتفاع نفقات العلاج.

فجاءت المبادرة الرئاسية الأولى للكشف عن المصابين بالفيروسات الكبدية وعلاجهم على نفقة الدولة رغم الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد ليتم علاج 2 مليون مواطن خلال الثلاث سنوات الماضية فى سلوك راقِ على مستوى الإنسانية وحقوق الإنسان المصرى وأسلوب العلاج والحفاظ على صحته لتشد انتباه العالم وعلى الأخص منظمة الصحة العالمية الذى اعتبرته وقتًا قصيرًا جدا.

ثم أعلن مؤخرا عن الحملة القومية لاكتشاف مصابى فيروس سى والسكر والضغط فيما تعرف بالأمراض السارية وذلك على مستوى الجمهورية وفق جدول زمنى وجغرافى معلن للجميع مع عمل قاعدة بيانات صحية لشعب مصر مستهدفا من 45 إلى 52 مليونًا بمن فيهم طلاب الثانوى مع صرف العلاج اللازم على نفقة التأمين الصحى فى سابقة هى الأولى على المستوى الوطنى والعالمى.

مما جعل منظمة الصحة العالمية تعلن امتلاك مصر أقوى برنامج قومى لعلاج الفيروسات الكبدية، وأنها مبادرة استراتيجية تطبق للمرة الأولى فى إقليم الشرق الأوسط والعالم، وأنها نموذج يحتذى به عالميا لتنفيذ منهجية موحدة تعالج مشكلتين على صعيد العامة فى مصر هما علاج فيروس سى بحلول 2020 م والوصول إلى أقل المعدلات العالمية إصابة به، وتخفيض الوفيات الناجمة عن الأمراض غير السارية، كما أنها تجعل البروتوكول المصرى وأدوية العلاج مدخلا جيدا لإفريقيا وأوروبا والعالم لمجابهة تلك الأمراض.

إن الإرادة السياسية والإصرار على إعلاء قيم ومبادئ حقوق الإنسان المصرى والتخطيط السليم بمشاركة جميع المحافظين والجهات المعنية لتنفيذ الحملة القومية لرصد المصابين بفيروس سى والكشف المبكر عن الأمراض غير المعدية مع المتابعة والرقابة على التنفيذ يعتبر نموذجا معتبرًا فى كيفية تطبيق مفاهيم حق الإنسان فى الصحة والعلاج دون تمييز بأسلوب علمى مخطط له.

الحقيقة أن الأمر لم يقف عند هذا الحد وإنما تم سبق إضافة تطعيم الأطفال ضد فيروس سى لجدول التطعيمات الأساسية للأطفال حديثى الولادة لتحصينهم، وسبق إطلاق حملة لاكتشاف سرطان الثدى فى ربوع مصر مع بدء تطوير منظومة الرعاية الطبية والتأمين الصحى، أضف إلى ذلك الجهود المبذولة فى مجال توفير مياه الشرب المستخدمة بطريقة مأمونة ومقبولة، وفى مجال حل مشكلة العشوائيات وبناء مجمعات سكانية حضارية كاملة المرافق والخدمات.

إنها جوانب مضيئة ليست فى الحل الجذرى للمشاكل الصحية المتوطنة وتوفير العلاج والمياه النظيفة واستكمال محطات الصرف الصحى بل فى مجال تطبيق مفاهيم حقوق الإنسان على أرض الواقع مع خلق أجيال تتمتع بصحة جيدة بما يسمح بالعمل والاجتهاد والتركيز ورفع العبء عن المواطن المصرى وأسرته وذويه والعلاج أيضا.