هانى عبدالله يكتب : الجيش يعود للسلطة فى يوليو

مقالات الرأي

هانى عبدالله يكتب
هانى عبدالله يكتب : الجيش يعود للسلطة فى يوليو


تقول الأسطورة إن ربة الحكمة «أثينا»، دخلت فى خلاف حاد مع إله البحار «نبتون».. وبدا الأمر أن هناك صراعا وشيكا بين الاثنين.. فكان أن قرر «مجتمع الآلهة» فى جبل الأوليمب – حسماً للنزاع – أن يقدم كل منهما ما لديه، كى يفيد البشرية.

فكان أن أخرج إله البحار «متقلب الأمواج» رمحه، وضرب به الأرض.. فخرج «حصاناً مجنحاً» يسر الناظرين «!»

فأمسكت أثينا – أو «منيرفا» بحسب التسمية الرومانية – بعصاها.. ووضعتها على الأرض، فأخرجت شجرة الزيتون.

.. وعندما ذهبت الآلهة، لتعدد فوائد المعجزتين، كان أن اختارت «معجزة أثينا» فى النهاية.. وقررت تكريما لربة الحكمة، أن تسمى عاصمة اليونان باسمها«!»

فقد اهتم نبتون بتصدير «الشكل» على حساب «المضمون».. كما اهتم «الإخوان» تماماً، عندما أرادوا أن يقدموا أنفسهم لـ «أبينا الذى فى البيت الأبيض»، كوارثين جدد للحكم فى مصر(!)

ففى جلسة «عاصفة»، وضعت أوزارها بداية الأسبوع، كان أن قال وزير الخارجية الأمريكى «جون كيرى»: (لقد خدعنا «الإخوان» خلال الفترات الماضية.. أوهمونا بأنهم يمتلكون الكوادر والكفاءات التى تؤهلهم لقيادة مصر، لكنهم فى الحقيقة، لا يمتلكون هذه الكوادر على الإطلاق).

ورغم أن الجلسة، التى ضمت عددا من الفاعلين بالإدارة الأمريكية، والبنتاجون، والأمن القومى (كان د.سعد الدين إبراهيم، أحد شهودها) قد بدأت بهجوم حاد من قبل «الجمهوريين» على إدارة أوباما، محملة إياها مسئولية وصول الإخوان للسلطة فى دولة محورية مثل مصر، إلا أن «كيرى» بدا أكثر «عملية» من غيره، وحاول الوصول إلى نقطة النهاية مباشرة.

تحدث «كيرى» – حسبما ذكر لنا د.سعد الدين إبراهيم – عن دور «محورى» للجيش المصرى فى السيطرة على المشهد «المتصاعد» فى الشارع المصرى، لحظة نزوله للميادين من جديد.. خاصة أن الجيش يجب أن يقف حائلا دون نشوب «حرب أهلية» بالبلاد.

وعندما وجهت انتقادات حادة لكلام «كيرى»، وقال له البعض إنّ إدارتكم هى التى تدعم الإخوان؟!.. رد كيرى قائلا :

«إن كان الحديث عن مبلغ الـ 105 ملايين دولار التى منحتها لمصر أثناء زيارتى الأخيرة، فقد كانت جزءًا من مليار دولار خصصها «الكونجرس» لمصر.. وعندما صرفنا هذا المبلغ، كان لأن مصر ستدخل لا محالة فى «مجاعة» بعد أسابيع قليلة.. وقررنا، بعد ذلك، ألا يكون هناك مزيد من الدعم إلا بقدر استجابة «مرسي» لعمليات التحول الديمقراطي».

وحينما تحدث البعض عن أن المشهد «السياسى والاقتصادى» فى مصر، ينذر بانهيار سريع لسلطة الحكم خلال 3 شهور من الآن «أى فى يوليو المقبل» – وهو ما نسبته أيضاً دورية «أمريكان انترناشيونال» لجهات استخباراتية - قال «كيرى» إن الأمر فى أقصى تقديراته لن يتجاوز العامين.. وإن كان يرى – بحسب تقديره الشخصى – أن «مرسي» إنْ كان يملك ملاكا حارساً من الرب، فلن يستمر بهذه الطريقة أكثر من 6 شهور «!»

وهنا.. تطرق الحديث، من جديد، إلى أن مصر ستتعرض لنوبات ضخمة من الدمار تأكل الأخضر واليابس، مما يستدعى الجيش للتدخل وفرض الأمن، لكن المشكلة أن مثل هذه الحركة الجماهيرية الفجائية، وذات الطبيعة غير السلمية وغير المنظمة، ستقضى على ما تبقى من استقرار واقتصاد هش فى مصر.. وعلى الإدارة الأمريكية عدم انتظار السقوط الكبير لمصر، إذ إن هذا الأمر فى غير مصلحتها.. وعليها أن تعمل على إيجاد نظام حكم متماسك لسنوات طويلة.

فقال أحد المشاركين بالنقاش:

«هناك تساؤلان مهمان قبل أن نتحدث عن حتمية نزول الجيش: الأول «من هو البديل؟»، والثانى «ما هو وضع الجيش فى إدارة «المرحلة الانتقالية» المرتقبة؟».. فتقارير المتابعة تؤكد أن أداء «جبهة الإنقاذ» غير مؤثر، وأن أغلبهم يفتقر «الكاريزما»، الجاذبة الشارع«!»

.. وقبل أن يتعقد الموقف بهذا الشكل، كانت التوصيات الاستخباراتية تدور حول 5 مطالب رئيسية للخروج من الأزمة، هى:

«إلغاء الدستور المشوه، واستبداله بدستور يعكس الأيديولوجيات السياسية المختلفة داخل المجتمع المصرى – استيعاب المرأة والأقليات والمعارضة المدنية داخل مناصب قيادية بالدولة – الدعوة لانتخابات برلمانية «نزيهة» تحت إشراف دولى – الدعوة لحوار وطنى جامع - إنشاء صندوق لدعم المبادرات المبتدئة للشباب، وربطها بصورة أكبر بمجتمعها».. إلا أن الصورة اختلفت – الآن – بشكل كبير، وأصبحت أكثر تعقيداً (!)

.. فعقّب «كيرى»:

«لا يمكن لنا أن نتدخل – الآن – سوى بتوجيه «مرسي» نحو انتخابات رئاسية مبكرة، لإنقاذه من أزمات متفاقمة يسعى إليها برعونة.. لكننا نتعامل مع «الإخوان» لا «نظام مبارك».. فقد كان هناك ما يمكن أن نقيس عليه وقت مبارك، أما الآن فلا.. فالإطار الذى يتحرك داخله «مرسى» مبهم.. وإن ضغطنا عليه سيحاول إن يجعل من نفسه بطلا، حتى لو اضطر لارتداء «عباءة ناصر» التى يفتقر لمقوماتها.. فقط.. سنطالب، ونتمنى إن يدرك الرسالة !».

.. لكن أغلب الظن، لن يدرك مرسى وجماعته الرسالة «!».. فمحدودو الرؤية السياسية، لا يجيدون إلا «قواعد الرزالة» (!)