ورطة الحكومة فى التأمين ضد ارتفاع أسعار القمح والبترول

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


"الخطة والموازنة": 50 مليار جنيه زيادة محتملة لـ"دعم البترول" وربما نفتح اعتماداً إضافياً


توقعات الحكومة بارتفاع أسعار القمح والوقود، عالمياً دفعتها إلى دراسة بدائل للتعامل مع زيادة عجز الموازنة المحتمل بالتعاون مع مجلس النواب، حيث دخلت الحكومة بالفعل فى مفاوضات مع بنوك عالمية لإجراء تأمين أو ما يعرف بـ«التحوط» ضد ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية، خصوصاً أن مصر أكبر مستورد للقمح فى العالم، كما تدرس الحكومة وضع برنامج للتعامل مع الارتفاع المحتمل لأسعار الحبوب، وتأثيرها على الموازنة.

حالة عدم الاستقرار فى الأسعار العالمية للبترول، دفعت الحكومة لدراسة خطوة التأمين ضد مخاطرها لحماية المستهلك، خصوصاً أن الحكومة كانت قدرت دعم المواد البترولية فى موازنة العام الجارى على أساس سعر 67 دولاراً للبرميل، فيما تجاوز سعره حالياً الـ80 دولاراً.

تحرك الحكومة لمواجهة الزيادة المحتملة فى تكلفة القمح والبترول، بدأت فى يونيو الماضى، حيث شكل مجلس الوزراء، وقتئذ لجنة من وزارتى المالية والبترول للتعاقد مع أحد أو بعض البنوك العالمية للتأمين ضد مخاطر ارتفاع أسعار الوقود، بعد وضع رؤية مستقبلية لتلك الأسعار، ما يقلل مخاوف تضخم بند الإنفاق على دعم الوقود فى الموازنة.

ومصادر كشفت لـ«الفجر»، أن هناك وحدة بوزارة المالية يترأسها الوزير محمد معيط، نفسه، هى المسئولة عن إجراء دراسات حول مخاطر تقلبات أسعار البترول، لافتةً إلى أنه عادة ما يتم التأمين ضد هذه المخاطر من خلال بنوك استثمار عالمية تعمل فى هذا النشاط.

وأضافت المصادر، أن أمام الحكومة بدائل كثيرة، بجانب «التأمين»، مثل إبرام اتفاقيات مع بورصات عالمية أو مع مستوردين معينين أو من خلال العقود الآجلة أو بنظام التقسيط، وهو أمر لم يفت أوانه مؤكدة أنه فى هذه الحالة لن تحصل مصر على الوقود بتكلفة مرتفعة، لأن الأمر يتم من خلال الاتفاق على سعر معين، أما التأمين ضد مخاطر ارتفاع الأسعار عالميا فيتم بالتعاقد مع شركة أو بنك استثمار على شراء كمية محددة من سلعة معينة بسعر متفق عليه مسبقاً خلال فترة زمنية محددة ما يجنبها خطر تذبذب القيمة.

وتتفق الجهتان على سعر ثابت فمثلاً إذا كان الاتفاق على سعر 70 دولاراً للبرميل فهذا يعنى أنه إذا ارتفع سعر النفط فى السوق لـ85 دولاراً لن يؤثر الأمر على مصر حيث ستشترى بالسعر المتعاقد عليه.

ويرى ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أن الحكومة تأخرت فى خطوة التأمين ضد ارتفاع أسعار السلع، خاصة أن دراستها وتنفيذها حالياً سيكون له تكلفة مرتفعة فى ظل التوترات والقلاقل السياسية فى المنطقة والاحتمالات الكبيرة لارتفاع سعر البترول.

وحذر عمر، من أثر ارتفاع سعر البترول عالمياً على الموازنة، لأنه فى ظل التوترات السياسية، من المتوقع أن يصل سعر البرميل لـ100 دولار أو أكثر ما يعنى وقوع كارثة ستؤثر على تنفيذ خطط الحكومة للإصلاح الاقتصادى وخفض الدين والسيطرة على عجز الموازنة.

وقدر عمر، أثر تكلفة ارتفاع سعر البترول على الموازنة بأنها تتراوح من 40 لـ50 مليار جنيه، لأن كل دولار زيادة فى سعر برميل البترول يكبد الموازنة من 3 لـ4 مليارات جنيه.

وأشار عمر، إلى أن هذا السيناريو يضع الحكومة فى مأزق فيما يخص تنفيذ خطة إعادة هيكلة الدعم، لأنها أمام بديلين إما أن تقوم بتحريك أسعار المواد البترولية أو ترفع الدعم الموجه ما يزيد عجز الموازنة، لافتاً إلى أنه من المحتمل أن تفتح الحكومة اعتماداً إضافياً فى الموازنة فى النصف الثانى من العام المالى الجارى لمواجهة آثار ذلك.

وأضاف عمر، أنه على صعيد ملف القمح، تم تقديم مذكرة رسمية منذ أكثر من ثلاثة أسابيع لرئيس مجلس الوزراء، للإعلان عن الحد الأدنى لأسعار القمح قبل بداية موسم الزراعة فى أول نوفمبر المقبل، ما يمكن أن يساهم فى حل الأزمة خصوصاً مع نقص إنتاج القمح عالمياً بسبب التغيرات المناخية، ولكن الحكومة لم تستجب بعد.

وفتحت وزارة المالية اعتماداً إضافياً بـ70.3 مليار جنيه بموازنة 2017/2018 لاحتواء آثار ارتفاع سعر البترول وفوائد الدين، حيث تلتزم مصر فى اتفاقها مع صندوق النقد الدولى بإلغاء دعم الوقود بنهاية عام 2019، حيث تم تخصيص 89 مليار جنيه لبند دعم الوقود مقابل 120 مليار جنيه فى موازنة العام الماضى.