طارق الشناوي يكتب: "فوزى" و"حليم" لقاء مستحيل!

الفجر الفني

عبدالحليم حافظ
عبدالحليم حافظ



كان محمد فوزى يشعر بأن عليه الدفع بأصحاب المواهب ليتقدموا الصفوف، ونحى جانبا تماما إحساس الغيرة، استبدله بالاحتواء، وهكذا ستجد له بصمات إيجابية على الملحنين الثلاثة اللامعين الذين بدأوا المشوار بعده بنحو عقد من الزمان، وهم كمال الطويل ومحمد الموجى وبليغ حمدى، حكى لى الموسيقار كمال الطويل مثلاً كيف استقبل محمد فوزى لحنه (على قد الشوق) بكل حفاوة وتقدير، بينما كان تعليق عبد الوهاب على اللحن أنه «يعنى»، و«يعنى» تعنى بكلمات مهذبة أنه أقل بكثير من المتوقع.

كتب اللحن شهادة ميلاد ثنائية الأبعاد، لكل من الطويل ملحناً وعبد الحليم مطرباً، كان النجاح مدوياً، ووصفه الشاعر الكبير كامل الشناوى بـ(أنه مثل الطبق الطائر الذى دفع حليم إلى السماء السابعة)، توقع فوزى النجاح الطاغى للأغنية، إلا أن ما لم يتوقعه هو أن (كاريزما) عبد الحليم الاستثنائية أصبحت حديث الناس، صار عبد الحليم هو المطرب الجماهيرى الأول، وتضاءل حضور فوزى المطرب، كما أن عدد الأفلام الغنائية التى يقدمها فوزى تراجع كثيرا، لم يتجاوز العدد ثلاثة أفلام فقط، بعد أن صار حليم منذ فيلم (لحن الوفاء) هو الورقة الرابحة لشركات الإنتاج.

حاول فوزى أن يظل محتفظا بحياده، فى تفسيره لحالة الهيام الشعبى التى حققها عبد الحليم منذ عام 54، قال: إحساس عبد الحليم فيه كل السر، والدليل أنه لا يمكن مقارنته كمطرب بعبد الوهاب، ورغم ذلك تفوق عليه بالأرقام، كانت لدى فوزى قناعة بأن الجماهير ذهبت لحليم لأن (الغربال الجديد له شدة)، إلا أن الشدة بفتح الشين صارت شدة بكسرها عانى منها فوزى!!.

لماذا لم يلحن فوزى لحليم مثلما فعل عبد الوهاب؟، سؤال توجهت به إلى الطويل والموجى، قال لى الأستاذ كمال الطويل: فوزى يقدم ألحاناً خفيفة تقترب مما يقدمه الملحن منير مراد لعبد الحليم، ولهذا كان حليم يكتفى بمذاق واحد، الموجى كانت لديه قناعة أخرى، وهى أن فوزى عندما يلحن تستمع إلى صوته وهو يغنى ولديه طغيان فى الأداء يغاير منهج حليم وبالضرورة سيصطدمان معا.

لم تشف غليلى إجابتا الموجى والطويل، ولدى تفسير ثالث، فوزى لا شعوريا مثل الجميع، شعر بتغيير دفة مشاعر الناس إلى هذا الصوت القادم بقوة، الفارق الزمنى بين فوزى وحليم 11 عاما، فى منتصف الخمسينيات بداية انطلاق حليم الجماهيرى، كان فوزى فى الـ37، وحليم 26، بينما محمد عبد الوهاب تجاوز الـ55، فلم يشعر عبد الوهاب مثلا بأن حليم يخطف منه المعجبات، بينما لم يكن من المنطقى أن يساهم فوزى فى نجاح مطرب منافس، كما أن فوزى كانت لديه شركة إنتاج (مصر فون) وعبد الوهاب وعبد الحليم يملكان (صوت الفن)، وبديهى أن المعادلة الاقتصادية رجحت كفة أن يظل عبد الحليم مبتعدا ومع سبق الإصرار عن ألحان فوزى حتى تؤول إليه كل الأرباح كمطرب للأغنية. أعلم أن هذا التحليل ربما يُغضب عشاق فوزى، وأنا أول الغاضبين، ولكن تلك هى روايتى وهذا هو اجتهادى المتواضع!!.