هبة قواس تكشف مسيرتها في التأليف والغناء في برنامج "لبنان بعيون جنوبية"

الفجر الفني

هبة قواس
هبة قواس


في أول لقاء إعلامي من نوعه تطل من خلاله على جمهورها اللبناني والعربي بعد غياب، استضاف الإعلامي طارق أبو زينب الفنانة الأوبرالية الدكتورة هبة قواس في برنامجه "لبنان بعيون جنوبية " عبر إذاعة الشرق حيث تحدثت قواس مطولًا عن بداياتها في مجال العزف والتأليف الموسيقي والغناء الأوبرالي وعن الذي نجحت في إرسائه من مدرسة جديدة في هذا المجال عبر مزجها بين الغناء العربي والاوبرالي، والموسيقى العربية والعالمية وعما تعده من اعمال جديدة.

وقالت الفنانة قواس: "من أسمى الأهداف أن نخلق تاريخًا قادمًا من خلال أعمال إبداعية، وان نكتب ونبدع ليس فقط للحاضر ولكن أيضًا للمستقبل، وهذا بالنسبة لي أساس العمل الموسيقي الذي يدخل في صلب العمل الثقافي،، فعندما نقول موسيقى أي ثقافة وتاريخ وحضارة.

وعن سبب ابتعادها عن الإعلام قالت: "ربما كان خطأ مني الابتعاد وربما كانت طريقة تعاملي مع الإعلام أساسًا كلاسيكية على الطريقة الغربية أو ربما لأني اعمل بمجالات موسيقية اكاديمية، فبقيت إطلالاتي الإعلامية في إطار العمل البحثي وليس الترويجي إذا صح التعبير، فهناك فرق بين أن تسلط الضوء على عمل تقوم به وبين أن تشتغل بهدف الترويج الاعلامي لنفسك اليوم تغيرت منظومة الإعلام كما منظومة التفكير وربما بات ضروريًا أن نقارب نظرتنا للإعلام بطريقة وأسلوب مختلفين.

وعن تأثير طفولتها ومدينتها صيدا في شخصيتها وإبداعها الموسيقي قالت: "منذ كان عمري سنتين ونصف السنة عزفت على البيانو، فبالنسبة لي الطفولة هي التي صنعتني هي الحب والرعاية والاحتصان الذي نتلقاه في الصغر من الأهل ووالدتي هي أول من أثر بي وهي لم تكن فقط أم لي بل كانت مربية لصيدا اشتغلت على تشجيع الفرد، تعلمت منها الكثير وسرت على خطاها إن كان بالعمل الأكاديمي لاحقا أو بالعمل الاجتماعي 

وأضافت: "طفولتي في مدينتي صيدا هي التي صنعتني كما صنعت كل من انطلق منها بما صبت فيه منذ لحظة الولادة من سلام وطمأنينة وقيم فصيدا هي السلام والحب والطيبة المطلقة وهي صفة صيدا والصيداويين، صيدا تعني لي امتداد البحر والقلعة التي أراها من بيتي والزيرة والسماء المفتوحة على المطلق والبساتين ورائحة زهر الليمون.

وعن بداياتها قالت: "احترفت الموسيقى منذ كان عمري أربع سنوات وأول أمسية موسيقية احييتها كنت بعمر ست سنوات في صيدا ثم توالت المحطات الأساسية في مسيرتي الموسيقية، وبعمر 16 سنة التحقت بالجامعة في لبنان ثم تابعت دراستي في إيطاليا بالاختصاص الموسيقي ولكن الانطلاقة الأولى والأكبر كانت سنة 1998 في حفلة الفوروم دي بيروت.

 وتابعت: "بالنسبة لي الاحتراف يولد نوعًا من الضغط على المبدع الذي وفي غمرة عمله يجد نفسه مشدودًا إلى ما يبقى بداخله من زمن الطفولة كما لعبتك صغيرا، الموسيقى  كانت لعبتي منذ صغري، وهذه تشكل قيمة مضافة على الاحتراف أحاول العودة اليها بين الحين والآخر بالاحساس وأن أعزف الموسيقى بعيدا عن ضغط العمل".

وعن أجمل اللحظات الابداعية بالنسبة لها قالت: "طالما الوصل موجود مع المطلق وطالما الدفق يأتيك لتكون قناة اصفى تمر من خلالك أصوات موسيقية جديدة ، فأنت تبدع ، ولكن هناك لحظات تكون فيها الحالة اعلى لدرجة انها تولد موسيقى افضل واجمل وتشعر ان هناك دفقا لا تستطيع ايقافه يمر من خلالك ويجب ان يخرج وتلك اجمل اللحظات بالنسبة الي.

وعن علاقتها بالشعر وأي الشعر تفضل مادة لموسيقاها قالت الفنانة قواس: "كنت أول من عمل على الشعر الحديث او النثري موسيقيا، كنت أقول اننا نحن من نعطي البعد الايقاعي والموسيقي وليس القصيدة، فقد كنت ابحث عمن يخرج اللغة من ماديتها".

وأضافت: "الموسيقى هي اكثر صيغة تعبيرية تجريدية وجدت على الأرض . ونحن كمؤلفين نتعامل معها على انها تجريد بتجريد اما اللغة فتدل على مدلولات مادية محددة، فكنت احاول البحث عن الصيغة التي تخرج اللغة الى مكان اكثر تجريدية ووجدتها في الشعر الحديث ثم في الشعر الصوفي. على هذا الأساس اخذت من انسي الحاج وحمزة عبود وادونيس وبدر شاكر السياب وندى الحاج وهدى النعماني وبعد ذلك الحلاج وابن عربي وعبد العزيز الخوجة، لكن ما اثر فيّ اكثر هي صداقاتي مع انسي الحاج وندى الحاج وهدى النعماني وفي كل مرحلة كان هناك شاعر يؤثر ويعلم فيّ ، بغض النظر عن الحضور والغياب لهذا الشاعر او ذاك، فهو وان كان غائبا كالحلاج ، حاضر بالحالة التي يوجدها او يحدثها لديّ.

وعن تحولها الى الموسيقى والغناء العربي قالت: "بدأ مطلع  التسعينيات حين انكببت على الجمع بين الشرقي والغربي، الغناء العربي والغناء الاوبرالي، الموسيقى العربية والعالمية معً،ا فالصوت البشري هو اعظم آلة موسيقية موجودة فلا يجب ان تغني على مساحة صوتية محدودة بل يجب ان تبحث دائما عن مساحات أوسع فذهبت الى عمق الموسيقى العربية، والى الروح التي اختزنها ، فأنا شرقية وابنة صيدا وموسيقاي متوسطية عربية.

وردا على سؤال حول "كيف يمكن للإبداع ان يحمل رسالة سلام ومحبة وانفتاح بمواجهة العنف" قالت: كل إبداع يستطيع أن يواجه التطرف والعنف ، الابداع هو الثروة التي تصب حضاريا في الفكر الانساني ولكن كيف توصل هذه الرسالة من خلال الابداع هذا هو الأهم.

وعن حفلتها الشهيرة في الرياض بالمملكة العربية السعودي وما تركته لديها من انطباعات علقت قائلة "أثرت بي كثيرًا ايجابيًا، وأنا اعتبر اننا كعالم عربي الانفتاح الثقافي الحاصل اليوم بالمملكة العربية السعودية سينعكس اشعاعات على العالم العربي كله نظرا لثقل المملكة وثقل تأثيرها على المحيط العربي فانفتاحها سينعكس على المحيط العربي انفتاحا اكبر وسيكون هناك انتاجات اكبر موسيقية وفنية وثقافية وادبية بكل المجالات . هذا توقعي".

وعما تعنيه لها الجوائز التي حازتها قالت: "الانجاز ليس بالجائزة وانما بالعمل والابداع نفسه، لكن جميل انك اذا انجزت ان تأتي ردة فعل تعطيك تاكيدا على انجازك ولكنها في نفس الوقت تحملك مسؤولية لأن كل حجر تبينه عليك ان تحافظ عليه لأنك ستبني عليه لتمضي قدما الى الأمام، والموسيقى التي اكتبها ليس لأني اريد ان اكتب هكذا، ولكن لأن هذه طبيعتي، فطبيعة الانسان تجعله يذهب الى الأمام ولكن الجائزة تشعره بالفرح بان هناك من شعر به وأكد له انه يعمل بالطريق الصحيحة ليكمل". 

وعن الهواجس التي تخالج كل لبناني حيال الأوضاع التي يمر بها البلد قالت: "نحن خلقنا في اجواء كلها هواجس، فأنا من مواليد الحرب اللبنانية ولبنان جزء من العالم العربي تأثر ولا يزال يتأثر بقضاياه وفي مقدمها قضية فلسطين  وغيرها من القضايا التي توالت لاحقا، نحن خلقنا ونشأنا في هذه البيئة المتأثرة بالمحيط". 

وأضافت:"اعتقد انه بامكان كل فرد أن يحدث تغييرًا ، ففي لبنان التغيير ينطلق من الفرد ، والحل للمشكلات في عالمنا العربي اعتقد لا سيكون بالسياسة وانما يكون بالاستثمار بالفكر والطاقات الفردية والابداعية الخلاقة التي تستطيع احداث التغيير الحقيقي، نحت بحاجة إلى ثورات ليس كتلك التي تتسبب بفوضى  ؟ لا حل الا بالثورات الفكرية التي تحدث تغييرا للأفضل". 

وردا على سؤال عن علاقتها بالرئيس الشهيد رفيق الحريري قالت: كانت علاقة جدا خاصة فأنا لم اقابل احدا بقامته وقيمته وبالكاريزما التي كان يتميز بها ، وبطيبته الصيداوية المنشأ وبنبله وقلبه وفكره الكبيرين. تعرفت عليه سنة 1994 ، كنت قد التقيت قبلها بالسيدة بهية الحريري حين كنت اغني في القصر الجمهوري ، وكانت هي حاضرة وبدات العلاقة من هذا المكان ، اتصلت بي واحبت ان يكون هناك تعاون وهي من الناس الذين امنوا بي منذ ان كنت في السادسة عشرة وهي بالنسبة لي اكثر من اخت ، ومن خلالها تعرفت على الرئيس الحريري رحمه الله وبنيت صداقة مع العائلة كلها.

 وحفلة الفورم دي بيروت التي كانت اول انطلاقة لي كانت برعاية الرئيس الحريري واتذكر انه كان يسميني "جوهرة صيدا ". لقد اثر بي وجوده كما اثر بي وبكل لبنان رحيله . بعد استشهاده عام 2005 ، قدمت في العام 2006 اهديت روحه اغنية "منثورة روحك فينا" ، شعرت انه رغم رحيله بقي نفسه فينا . وانا أسست مؤسستي بعد استشهاده ، وشعرت ان علي واجب بالسير على خطاه بأنه لا يكفي  ان نقول ماذا تستطيع بيروت او الوطن ان يقدم لنا ، بعد استشهاد الرئيس الحريري شعرت ان كل واحد يجب ان يقول ماذا يجب ان يعطي لبنان. حينها اسست مؤسستي وغيرت طريقة تفكيري وبدأت اشتغل باسلوب مختلف . اعتبرت ان الرئيس الشهيد  برحيله حمّل كل منا مسؤولية كان هو يحملها عنا.

وعما تحضره من اعمال موسيقية مقبلة علقت: "أحضر لألبوم بعنوان" صوتي السماء " كلمات الشاعر زاهي وهبي ، سيصدر قريبا ويتضمن شعر" عبد العزيز الخوجة وندى الحاج وهدى نعماني وراغدة محفوظ وزاهي " كما اني أعدكم بأغنيتين مختلفتين عن كل ما قدمت سابقا وبلهجات عربية اعمل عليهما وانا الآن بمرحلة كتابتهما  وسأسافر الشهر القادم لتسجيلهما ثم تصويرهما".

وعن الكلمة التي توجهها الى الجيل الجديد في لبنان نصحتهم: "أقول لهم رغم اننا نعيش في لبنان وفي عالمنا العربي اصعب الأوقات، نشهد حروبا فعلية واقتصادية وفكرية، لكن دائمًا في اصعب الأوقات ومن اصعب الاماكن والمحطات تولد الاعمال الكبيرة، وكلما زاد الضغط زاد الانفراج،، المهم ان نتحلى بالايمان وباليقين ونعمل دائما على خلق افكار جديدة لنخرج من الواقع الذي نعيش".