الناشرون التونسيون يدعون الدولة إلى وضع سياسة واضحة للكتاب التونسي

تونس 365

بوابة الفجر


دعا عدد من الناشرين التونسيين الدولة إلى وضع سياسة واضحة للكتاب التونسي، "لا مجرد الإعلان عن مواقف". وشدّدوا على أن الدعم الذي تقدمه الدولة حاليا غير كاف مما تسبب في استمرار أزمات هذا القطاع "المنكوب" على حد توصيفهم.

وطرح المتدخلون في لقاء بعنوان "الكتاب التونسي بين الموجود والمنشود" التأم بمدينة الثقافة ضمن الأنشطة الثقافية للمعرض الوطني للكتاب التونسي (19-28 أكتوبر 2018) جملة من المشاكل التي يعاني منها قطاع الكتاب والنشر مجمعين على أن الكتاب "مهمش" وأنه "لا توجد سياسة دولة للكتاب".

وقدم الناشر التونسي منصف بن عياد في مداخلة بالمناسبة، حصيلة دراسة تتعلق بقطاع النشر في تونس بين 2006 و2016 كان أصدر نتائجها في كتاب العام الماضي، ارتفاع عدد العناوين التي تم إصدارها بين سنتي 2000 و2010 مشيرا إلى ارتفاع عدد المنتفعين من دعم الوزارة مقابل ازدياد عدد دور النشر وتراجع كميات السحب وهو ما يجعل الحديث عن ارتفاع دعم الوزارة محل مراجعة، خاصة أمام غلاء كلفة الكتاب وتراجع قيمة الدينار التونسي.

وتساءل عن مدى استفادة الناشرين فعليا من آليات دعم الورق داعيا إلى تغيير طريقة هذا الدعم وشروطه. ودعا إلى تشريك الناشرين في وضع تصور للمركز الوطني للكتاب لافتا إلى أهمية الإسراع بتأسيس هذا المركز لما له من دور هام في متابعة الدراسات المتعلقة بالكتاب بشكل علمي لدراسة واقع قطاع النشر ووضع مقترحات لحلول ممكنة "إذا توفرت الإرادة السياسية".

وقدم رئيس اتحاد الناشرين محمد صالح معالج من جانبه مجموعة من المقترحات للارتقاء بمكانة الكتاب التونسي، داعيا إلى ضرورة وضع سياسة واضحة للكتاب. وأكد على أن قضايا الكتاب "شأن مجتمعي" يهم كل الوزارات لا فقط وزارة الشؤون الثقافية. وجدد مقترح الاتحاد للوزارة الداعي إلى بعث لجنة معارض يقع من خلالها تخصيص ميزانية لدعم الناشرين للمشاركة في المعارض العربية ومساعدتهم على الترويج للكتاب التونسي خارج الحدود وبناء شبكة علاقات تمكنه من تطوير عمله والتعريف أكثر بالكتاب التونسي، مشيرا إلى أن قيمة مشاركة الناشر في معرض عربي تناهز 7 آلاف دولار تونسي أي حوالي 20 ألف دينار تونسي وهو مبلغ مرتفع مقارنة بإمكانيات الناشر التونسي وفق قوله. واعتبر أن الطريقة الحالية المعتمدة المتمثلة في مشاركة اتحاد الناشرين بجناح وتمثيله لبقية الناشرين طريقة غير مجدية لا تجاريا ولا ماليا. 

وعلى المستوى الوطني أشار معالج إلى ضرورة تنظيم معارض كتب لفائدة أبناء المناطق الداخلية. وأكد على أن النهوض بقطاع الكتاب لا يتطلب دعم الناشرين فقط بل لا بد من دعم بقية حلقات النشر أي دعم الموزعين وأصحاب المكتبات المتخصصة والتشجيع على مزيد إحداثها مع ضرورة اعتبارها مشاريع ثقافية لا تجارية وتخصيص حوافز جبائية لأصحاب هذه المشاريع.

وأشار إلى مشكل تواصل غياب حصص المطالعة من البرامج التربوية وغياب الكاتب التونسي من النصوص المدرجة في الكتب المدرسية. ودعا معالج وعدد من الناشرين الحاضرين في الندوة إلى وضع حد لاحتكار نشر الكتاب التونسي من قبل الدولة ممثلة في المركز الوطني البيداغوجي، وفتح المجال أمام الناشرين الخواص مع إلزامهم بكراس شروط، تستلزم ضرورة توفر لجان علمية للمراجعة والتدقيق تفاديا لوقوع أخطاء مثلما لاحظ عدد من الحاضرين. وطرح البعض مسألة مدى قدرة الناشرين الخواص على طبع الكتب في الآجال وتوزيعها على كامل تراب الجمهورية على غرار ما يقوم به مركز النشر البيداغوجي.

وتطرق أحد الناشرين إلى مشكلة الكتاب الفني وضعف دعمه بالنظر إلى تكلفته الباهضة داعيا إلى أن يتم أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار لدى إسناد الدعم للناشرين المختصين في الكتاب الفني، فيما تساءل البعض الآخر عن إمكانية دعم الطبعات الجديدة لكتاب ما.
ولئن أقرّ ممثل الإدارة العامة للكتاب في هذه الجلسة، مراد خليفة، بالواقع الصعب للكتاب التونسي، فإنه أشار في المقابل الى توفير الوزارة 5 ملايين دينار سنويا لدعم الكتاب بأشكال متعددة سواء اقتناء، أو توصية بالنشر أو دعم ورق أو غيرها من أشكال الدعم. وأشار الى تطور الكتاب التونسي من حيث الشكل والمضمون، معلنا بالمناسبة عن اعتزام الوزارة تنظيم يوم دراسي لتسليط الضوء على الحوافز والتشجيعات الجبائية المخصصة للناشر التونسي. ومن المنتظر أن يشارك في هذا اليوم ممثلون عن وزارتي الشؤون الثقافية والمالية والهياكل المهنية ذات العلاقة على غرار اتحاد الناشرين واتحاد الكتاب.

وتحدث الناشر منصف الشابي الذي أدار اللقاء عن ضرورة ضبط مخرجات الندوة ورفعها إلى رئاسة الحكومة لبحثها بالجدية اللازمة، وأشار إلى أن الميزانية التي كانت مخصصة للثقافة قبل الثورة تناهز 1 فاصل 35 بالمائة من ميزانية الدولة في حين تقهقرت هذه النسبة لتصبح حاليا صفر فاصل 76 بالمائة أي تقريبا نصف ما كانت عليه بعد الثورة. واعتبر أن مناخ حرية التعبير الذي أصبح متوفرا في تونس من شأنه أن يفرز ضرورة تطورا في مضامين الكتاب التونسي وهو ما سيجعله في مراتب متقدمة مقارنة بما هو عليه الآن، معربا عن يقينه بأن ذلك سيحد مستقبلا من مطالبة الناشرين بالدعم.  (وات)