تفسيرات متطرفة فى دور تحفيظ القرآن.. تربي الأطفال على العنف

العدد الأسبوعي

أرشيفية
أرشيفية


من هنا يبدأ الإرهاب (3)

إحدى المحفظات لمحررة "الفجر": يا حبيبتى إحنا ممكن نديكى إجازة تحفيظ القرآن عادى


خاضت «الفجر» خلال الأسابيع القليلة الماضية، العديد من الرحلات الميدانية على الحضانات ودور النشر التى يسيطر عليها السلفيون، ونشرناها خلال العددين السابقين، وحظيت باهتمام واسع من الجميع، مسئولين ونوابا برلمانيين.


فى هذا العدد، نستكمل سويًا الحلقة الثالثة من حملتنا الصحفية، التى فضحت تحكم السلفيين والإخوان المسلمين، أصحاب الفكر المتطرف فى الحضانات المرفقة بالمساجد وكذلك دور النشر السلفية، واليوم موعدنا مع دور تحفيظ القرآن الكريم.

فى البداية، حددت وزارة الأوقاف 4 شروط لعمل دور تحفيظ القرآن الكريم والمحفظين، أولها: أن تكون تابعة للأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف، بالإضافة لاعتماد المحفظ من الجهتين.

أما الشرط الثانى: فهو أن يكون المُحفِّظ حافظا لكتاب الله، متقنًا لتلاوته، وثالثا: غرس بعض القيم الأخلاقية والإنسانية والوطنية فى الأطفال، بعد تأهيل المُحفِّظ من خلال عدة دورات متخصصة، والشرط الرابع: هو ألا ينتمى المُحفِّظ لأى جماعة إرهابية أو متطرفة، أو أن يستغل عمله لأغراض سياسية، تهدف إلى تجنيد النشء.

«الفجر» قررت خوض جولة ميدانية على دور تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة القاهرة وضواحيها، للوقوف على حقيقة أصحاب تلك الدور والممولين لها والمسئولين عنها، من إداريين ومُحفِّظين، فاكتشفنا سيطرة السلفيين على أغلبها تقريبًا، كما تحققنا من عدم توافر تلك الشروط سابقة الذكر.

البداية كانت من مسجد عمر الخطاب، الموجود فى منطقة شارع شبرا، وهناك قابلنا إحدى محفظات القرآن الكريم، منتقبة وتحمل أحد كتب محمد حسان، فأخبرناها برغبتنا فى إحضار أطفال 5 و7 سنوات إليها بالمسجد لتحفظهم كتاب الله.

سألتنا: «هل تريد تحفيظ قرآن أم شرح مواد شرعية؟»، فأخبرناها أننا نريد تعليمهم الاثنين، فقالت إن المسجد يُحفظ القرآن فقط بدون مقابل، ولكن ليس بالمواد الشرعية، لذا أدرس تحفيظ ومواد شرعية فى منزلى أو «أون لاين»، عبر الإنترنت.

وتابعت: «أعطى أيضا دورات نحو وتفسير للآيات وأسماء الله الحسنى، مع تحفيظ القرآن الكريم»، ثم أشارت إلى طفلة لا يتعدى عمرها الـ6 سنوات، وأخبرتنا أنها تعلمها نحو، ووصلت معها إلى إعراب المثنى، ما يعنى أنها فى مرحلة متقدمة بالنسبة إلى طفلة فى مثل عمرها، موضحة أن سعر الـ4 حصص يبلغ 150 جنيها.

وأكدت لنا أنها تحمل تصريحًا من الجمعية الشرعية، لكن ينبغى عليها أيضا أن تحصل على تصريح من الأزهر الشريف، خاصة أن المسجد ليس تابعًا للجمعية الشرعية، بل يتبع الأوقاف، وكل المحفظات فى المسجد ليس لديهن تصريحات من وزارة الأوقاف.

استكملنا جولتنا فى شارع شبرا، وذهبنا إلى 38 شارع راتب باشا، حيث وجدنا دار الرضوان لتحفيظ القرآن الكريم، التابعة لجمعية الفرقان المبين المشهرة برقم 9833، وداخلها لم نجد سوى معلمة واحدة، كانت منتقبة أيضًا وأخبرتنا أن المصروفات 60 جنيها للطفل الواحد فى الشهر، وقالت لنا إنها تعطى دروسًا خصوصية فى الحفظ والعقيدة داخل منزلها.

وفى شارع أبو طاقية، بنفس المنطقة، شارع شبرا، دخلنا إلى مسجد خالد بن الوليد، أحد المساجد التابعة لبنك ناصر الاجتماعى، فوجدنا به مكانا لتحفيظ القرآن، وفيه مُحفِّظة منتقبة أيضا، سألناها عن المواعيد، فأخبرتنا بأن التحفيظ متاح للأطفال يومين فى الأسبوع بدون أى مقابل مادى.

وتابعت: «لو عاوزة تديهم فى البيت علشان هنا مش هيبقى فى تركيز، أنا ممكن آجى لك البيت، بس بمقابل مادى، لأنها بتبقى حصص خصوصية، وسعر الحصة يكون على حسب عدد الأطفال، والنفر بـ25 جنيها» وبعد ذلك سألناها: «إذا حفظت القرآن جيدا، هل من الممكن أن أصبح محفظة مثلك، أم يجب أن أحصل على تصريح من الأزهر والأوقاف؟»، فأجابت: «يا حبيبتى كل المطلوب إنك تقعدى على إيد شيخ أو على إيدى علشان نديك إجازة، لأن لما يبقى معاك إجازة تقدرى تقعدى فى أى حتة وتحفظى قرآن، أنا حصلت على إجازة ومن السهل أن أمنحك إياها لتعملى بها».

وبالبحث عبر موقع التواصل الاجتماعى، وجدنا على «فيس بوك» صفحة لدار تحفيظ قرآن، اسمها رياض الجنة، وعنوانها 13/8 شارع الزهراء الرئيسى بالمعادى، ومرفق بالصفحة رقم التليفون الخاص، فاتصلنا وردت علينا إحدى العاملات.

أخبرتنا أن المصروفات تبلغ 200 جنيه شهريا للطفل، إذا كان سيحضر مرة واحدة فى الأسبوع و300 جنيه شهريا إذا كان سيحضر مرتين فى الأسبوع، فسألناها: «هل الدار بها تفسير وشرح للآيات؟»، فأجابت: «عندنا أى شيء ممكن تتخيليه، حديث وسيرة وعقيدة وفقه وكل ما يتعلق بالقرآن الكريم».

وتابعت: الأطفال بنين وبنات من سن 5 إلى 7 سنوات يحفظون سويا فى حلقات التحفيظ، ولكن الدار تفصل بينهما فى سن 8 سنوات، وتمنع الاختلاط أثناء حلقات التحفيظ، علاوة على أن الطفل إذا كان عمره أكثر من 11 سنة لا يقبلونه، لأنه فى تلك السن يحتاج إلى معلم وليس إلى معلمة، خاصة أن كل المعلمات فى الدار منتقبات ولا يجوز أن تجلس أمامه بدون نقاب، لأن تلك السن سن الكبر والبلوغ.

وانتقلنا بعد ذلك إلى منطقة عزبة النخل، ودخلنا دار أولى الألباب لتحفيظ القرآن الكريم، التابعة للجمعية الشرعية، ويسيطر عليها السلفيون أيضا، ملحق بها حضانة، وهناك استقبلنا «الشيخ أشرف»، وأخبرنا أن التحفيظ محدد له يوم الأحد من كل أسبوع فى الساعة الرابعة عصرًا، والمصروفات 50 جنيها للطفل.

وأوضح، إلى جانب الشرح نعلم الأطفال التفسير أيضا، وحاليًا لا يوجد عقيدة وفقه، بسبب بدء الدراسة، لأن الدار ومسئولوها لا يريدون أن يثقلوا على الأطفال، ولكن أثناء إجازة الصيف يدرسون فقها وعقيدة وتفسيرا، بسبب وجود وقت فراغ كبير، يجب استغلاله فيما يرضى الله.

وبعد ذلك انتقلنا إلى شارع الفاتح، بميدان الشرفاء القريب من ميدان الجيزة، وهناك دخلنا مسجد أنس بن مالك التابع للجمعية الشرعية، وقابلنا إحدى المحفظات، التى كانت منتقبة وتختبر سيدتين فى حفظ القرآن وأحكامه وتجويده، أخبرتنا أن المواعيد ثلاثة أيام فى الأسبوع وبدون أى مقابل مادى.

وأثناء فترة إجازة الصيف، يدرس الأطفال حديثا وعبادات وأخلاقيات، ولكن أيام الدراسة يكون فقط حفظ القرآن وتفسيرات بسيطة تتناسب مع سنهم، موضحة أن كبار السن نلزمهم بمناهج أكبر.

وتابعت: «بداية من بلوغ الطفل مرحلة 4 ابتدائى يجلس الولد مع شيخ ليحفظه القرآن، مينفعش أقعده مع معلمة، لازم يقعد مع شيخ، لأن الأولاد يحتاجون إلى رجل يتعلمون منه، بالإضافة إلى أن المعلمات منتقبات، هيقعدوا ليه من غير نقاب مع ولد فى 4 ابتدائى أو إعدادى، علاوة على أن هناك بعض الأمور التى يستطيع الشيخ أن يتحدث فيها مع الطفل ولا تستطيع أن تحدثه فيها المعلمة، لذا من السهل أن يتعامل ويحكى للشيخ». وبعد ذلك خرجنا من الغرفة وهبطنا إلى الدور الثانى، فوجدنا بعض السيدات، سألناهم عن تحفيظ القرآن لكبار السن، بالإضافة إلى دروس التفسير والشرح والفقه، فقالوا إن المسجد به شرح وتفسير وكل شيء، وأشاروا إلى إحدى الغرف التى يتم داخلها التحفيظ.

دخلنا فوجدنا إحدى السيدات ترتدى جلبابا أسود محتشما، وتعتلى رأسها «طرحة» صفراء، تتولى مهمة تحفيظ السيدات، فجلست إلى جانبها وسألتها عن التحفيظ، فقرأت لى 6 سور من جزء عم، ورددت خلفها الآيات، وقلت لها: «هل من الممكن أن أُدّرس القرآن إذا حفظته»، فأجابت: طبعا ولا تحتاجين إلى تصريح من الأوقاف أو غيره.

وتابعت: «كل ما ستحتاجينه هو شهادة من هذا الجامع، تثبت أنك ختمت القرآن، ومن ثم تستطيعين على الفور أن تحفظى القرآن هنا، وعلاوة على ذلك ستصير لديك القدرة على تفسير الآيات، وهذا كتاب اسمه تفسير العشر الأخير من القرآن الكريم سيعينك على ذلك».