مصطفى عمار يكتب: هل تفعلها الدولة وتعيد لجيل الرواد حقهم المهدور؟!

مقالات الرأي



رسائل عديدة وصلتنى رداً على المبادرة التى طرحتها الأسبوع الماضى فى هذه المساحة، واقترحت خلالها تكريم من تبقوا من جيل الرواد فى جميع المجالات بتعددها وتنوعها، هذا الجيل الذى ضحى بسنين عمره من أجل نشر الثقافة والتنوير والفن، ليس فى مصر فقط ولكن فى جميع أنحاء الوطن العربى، لا أعرف هل لاقت الفكرة القبول لدى المسئولين عن منتدى الشباب، أم أن برنامج المنتدى تم وضعه بالفعل، ويصعب إضافة أى فعاليات إضافية له، ولكن الرسائل التى تلقيتها من بعض أساتذتى فى المهنة وبعض أبناء وأقارب كبار الفنانين والمثقفين، الذين عبروا عن شديد احتياجهم لتكريم من هذا النوع من قبل الدولة، ليكون ذكرى طيبة تسعدهم خلال سنوات عمرهم الأخيرة، فتكريم رئيس الجمهورية هو الحلم الذى ينتظره أى مبدع، لأنه اعتراف رسمى بما قدمه لدولته خلال سنوات عمره.. فلا ينكر أحد أن لولا الفن المصرى بما قدمه من أغان وأفلام ودراما لما تعرف جزء كبير من الشعب المصرى على تاريخه وحضارته، وبطولات أبناء وإنجازته فى شتى المجالات، فحرب أكتوبر المجيدة كُتب عنها آلاف المقالات وقدم عنها مئات البرامج التليفزيونية، ولكن كل هذا لم يكن فى قوة فيلم واحد من الأفلام التى قدمت عن الحرب أو حتى مسلسل واحد من المسلسلات التى رصدت العمليات البطولية التى قام بها جهاز المخابرات المصرية، والتى أشهرها على الإطلاق مسلسلا «رأفت الهجان» و«دموع فى عيون وقحة» وعلى نفس المقياس نستطيع أن نرصد الشعور الوطنى فى أغانى حرب أكتوبر، وأغانى تأميم قناة السويس، وأغانى انتصار 56، حتى هزيمة 67 اللعينة، لم نكن نعرف مرارتها ولا قسوتها، سوى من المشاهد التى تابعناها فى مختلف الأعمال السينمائية والدرامية التى رصدتها.. فالجيل الذى حمل لنا على كتفيه هذا التاريخ وقدمه لنا، لم يشغل باله وقتها بمكاسب مادية أو أدبية، بقدر انشغاله بحمل شعلة التنوير والثقافة والمعرفة..

وللأسف هذا الجيل اختفى وتلاشى وابتعد نهائياً عن المشهد، بعد أن ارتفعت النغمة النشاز، وأصبح الفن والثقافة فى مصر تجارة أكثر من أن يكون رسالة، فتعلمت الأجيال الجديدة أن الشىء الوحيد الباقى هو رصيدك فى البنك، حتى لا يأتى عليك فترة من حياتك تتسول العلاج على نفقة الدولة، أو حتى ترحل مفلساً دون تقدير أو تمييز من دولتك ومسئوليها عن سنوات عرقك وتعبك فى تثقيف الناس وإمتاعهم وإزالة الجهل والتطرف والقبح من على عيونهم..

الأسبوع الماضى طالبت بأن يتم تكريم من تبقوا من جيل الرواد، لتكون رسالة للأجيال الحالية والأجيال القادمة، بأن مصر لا تنسى من أخلص لها، ومنحها سنوات عمره، وأن التقدير لا يأتى فقط بعد الموت، بعبارات التعازى ودموع السوشيال ميديا، فمن حق هذا الجيل أن يحظى بتكريم يليق به، فلماذا لا تتدخل وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة إيناس عبدالدايم لإقناع رئيس الحكومة الدكتور مصطفى مدبولى ومؤسسة الرئاسة، بعودة عيد الفن، ليتم فيه تكريم الرموز من قبل رئيس الجمهورية بشكل سنوى، وأن يتحول اسمه لعيد الفن والثفاقة، ليشمل تكريم رواد الفن فى جميع المجالات الفنية والثقافية، وبنفس المنطلق لماذا لا يتدخل الكاتب الكبير مكرم محمد أحمد، ليعود مرة أخرى عيد الإعلاميين، ليكون فرصة لتكريم جيل من الرواد منحوا الإعلام المصرى سنوات عمرهم، وأن يعود عيد العلم للحياة، ليتم تكريم علماء مصر بالداخل والخارج على ما قدموه للبشرية من خدمات علمية جليلة.

أرجو أن تصل الرسالة لمكتب رئيس الجمهورية والقائمين عليه، وأن يقرأها بعناية دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى، وأن تنتبه إليها الدكتورة إيناس عبدالدايم والأستاذ مكرم محمد أحمد، فنحن فى أشد الحاجة لأن نرى موقف الدولة تجاه من أخلصوا لها ومنحوها سنين عمرهم بلا أى مقابل ولوجه الله والوطن.