أسرار مثيرة تُنشر للمرة الأولى عن جولدا مائير بعد حرب 73 وموقفها من السادات

العدو الصهيوني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية



مع حلول الذكرى الـ45 لحرب أكتوبر 1973، سلطت صحيفة معاريف العبرية الضوء على رئيسة وزراء إسرائيل السابقة جولدا مائير، من خلال إجراء حوار مع متحدثها الرسمى ومستشارها "ميرون مادزينى"، كشف خلاله بعض الجوانب الخفية والأسرار التى تُنشر لأول مرة، عن شخصية السيدة الأولى فى إسرائيل، التى قادت الحرب وتسببت فى الهزيمة المذلة، التى لم تندمل جروحها لدى معظم الإسرائيليين حتى الأن.

تولى "مادزينى"، مهام منصبه كمتحدث رسمى فى شهر يوليو عام 1973، أى قبل إندلاع الحرب بـ3 أشهر، ويروى عن تلك الفترة، أن "جولدا" كانت قد بلغت الـ75 وأعترفت له فى أحد المرات "تعبت والصراع الدائر لا يروق لى فليذهب الجميع إلى الجحيم أريد الأن أن أجمع حقائبى وأسافر إلى الخارج".

وكانت لدى "جولدا مائير"، رغبة حقيقية فى ترك العمل السياسى، ووقتها وفى أحد اللقاءات التى جمعتها مع الرئيس الأمريكى "ريتشارد نيكسون". 

وأعربت عن استعدادها الإنسحاب من سيناء وكان سيتولى الإشراف عن هذا الملف، وزير الخارجية الأمريكى هنرى كسينجر السياسى الأمريكى اليهودى، وهو ما دفعها للاستمرار فى السلطة بعد أن تعرضت لضغوط شديدة فرضت عليها ضرورة البقاء فى منصبها لمتابعة المسيرة السياسية الجديدة، ورغم ذلك كانت لا تثق فى الأمريكان، رغم أنها عاشت هناك لمدة 15 عامًا.

كانت جولدا مائير قلقة بشكل كبير من إندلاع الحرب مع مصر، ولم تطمئنها رسائل التهدئة التى كانت تصلها من قيادات المخابرات العسكرية بين الحين والأخر، عن استحالة حدوث ذلك فى الوقت الحالى
وخلال تلك الفترة توطدت علاقتها بالملك حسين ملك الأردن،حيث إلتقيا تمانى مرات، وكان يُطلعها على الموقف السورى والمصرى أولًا بأول، لكنه لم يكن يعلم هل سيدخل السوريون الحرب وحدهم أم لا، كما كان يجهل كثيرًا ما كان يحدث داخل مصر.

أكثر الامور التى أصابتها بالحيرة، كما يقول متحدثها الرسمى، هو وصول طائرات مدنية روسية إلى مصر، لإعادة أسر الخبراء الروس من القاهرة لموسكو، وتسائلت وقتها ما الذى يعرفه الروس ولا نعرفه نحن، ووقتها أصر رئيس المخابرات الحربية "إيلى زعيرا" على موقفه، أن إحتمالات نشوب حرب مع مصر، ضئيلة للغاية.

كانت هناك تفاهمات فى ذلك الوقت بين تل أبيب وواشنطن، ألا تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة أولية مهما حدث، وفى تلك الأثناء وقبل إندلاع الحرب بيوم واحد، سافر رئيس الموساد "تسيفى زامير" لمقابلة أشرف مروان، الذى أبلغه بنية مصر فى توجيه ضربة عسكرية لإسرائيل فى تمام الساعة السادسة مساءًا، سافر "زامير" للتأكد من المعلومة بنفسه.

فور أن أبلغها رئيس الموساد بما دار مع أشرف مروان، قامت جولدا مائير بعقد إجتماع طارىء ضم رئيس الأركان "ديفيد بن أليعازر" ووزير الدفاع موشيه ديان، رغب "أليعازر" فى إجراء تعبئة شاملة لجميع القوات، فى الوقت الذى طالب فيه "ديان" بإجراء تعبئة جزئية ضئيلة، وقامت جولدا مائير، باستدعاء السفير الأمريكى بتل أبيب وقالت له نصًا "أننا فى أزمة"، فى الوقت الذى قام فيه "إيلى زعيرا" رئيس المخابرات الحربية بعقد مؤتمر مع مجموعة من المراسلين العسكريين الساعة الواحدة والنصف ظهرا، ليقنعهم بعدم حدوث أى شىء، وفى المقابل استدعت جولدا وزراء الحكومة لمناقشتهم فى الأمر، ولم تمضى دقائق، حتى أنطلقت صافرات الإنذار معلنة بدء الحرب.

وبعدها قررت "مائير"، عقد مجلس حرب مُصغر ضم جميع القيادات العسكرية، كان الجميع ساخطًا على موشيه ديان، فى حين ظلت هى شاردة تُدخن بشراهة وتحتسى الكثير من القهوة ولم تُغادر مكتبها طيلة أيام الحرب، إلا للخروج لزيارة الجرحى أو الذهاب للمطار لاستقبال جسر المساعدات الجوية الأمريكى، وبدا عليها الحزن الشديد والإحباط، وقررت عدم استقبال الصحفيين نهائيا.

ومع ارتفاع عدد القتلى أدركت أن الهزيمة قادمة، كانت تكتفى بتدوين بعض النقاط العسكرية أثناء الإجتماعات الطارئة، وكانت مستعدة أيضًا لقبول وقف إطلاق النار، وسألت الحاضرين عن إمكانية اللجوء لأمريكا فى هذا الأمر، كان يشغلها فى المقابل أن تعتبر مصر مطالبة إسرائيل بوقف إطلاق النار، إنتصار لها وتُعلن ذلك أمام العالم.

بعد أنتهاء الحرب وحتى وفاتها فى 8 ديسمبر عام 1978، كانت تأكل نفسها من الغيظ وتعيش فى حالة من الإكتئاب والندم العميق لأنها لم تصدق شعورها الداخلى، وأمنت بجميع التقارير التى أتضح أن كلها كاذبة وانها تسببت فى مقتل 2600 جندى، أصابها ذلك بمرض الحزام النارى العصبى وأقعدها فى المنزل لفترة طويلة، قبل أن تصاب بمرض سرطان الدم الذى تسبب فى موتها.

ويذكر متحدثها الرسمى، أن من اللحظات القليلة التى شعرت فيها بالسعادة والتأثر بعد الحرب، كانت حين حمل لها "كيسنجر" رسالة من الرئيس السادات، أعرب فيها عن سعادته لتوقيع إتفاق فصل القوات، _وهى الخطوة التى أدت لتوقيع إتفاق السلام بين البلدين_ وقال السادات لكسينجر نصًا، "أبلغ السيدة العجوز، أنه ربما تمثل هذه الخطوة صفحة جديدة"، وتكرر هذا الشعور لديها عندما قام السادات، بزيارة إسرائيل فى نوفمبر 1977، وجلست إلى جواره وقدمت له هدية لإبنته التى استقبلت فى نفس اليوم مولودًا جديدا.