صائد الطائرات: "أغنية على الممر" الفيلم الوحيد القريب من الواقع.. وهذه قصة إسقاطي لـ"فانتوم"

الفجر السياسي

بوابة الفجر



في ذكرى يوم الدفاع الجوي لا نستطيع نسيان الأبطال الذين سطروا تاريخ هذا اليوم ليصبح عيدا لمصر، ومن هؤلاء الأبطال البطل زغلول وهبة سليمان والذي أسقط أول طائرة للعدو وقتها.

وفى زمن جسدت فيه الدراما للشباب أن القدوة هى "البلطجي" أو "تاجر المخدرات" مما أدى لإنحدار الأخلاق والسلوكيات وأصبحنا فى أشد الإحتياج لقدوة حقيقية نقدمها للشباب والمجتمع ليتعلم منها وينسج على منوالها، وعندما نتلفت يمينا ويسارا لا نجد أفضل منهم، إنهم الأبطال الحقيقيين الذين أعادوا لوطننا الغالى كرامته الجريحة وأرضه المسلوبة إنهم ابطال ملحمة أكتوبر وفى الذكرى الـ”٤٥″ للنصر العظيم نقدم قصة أحدهم وهو المقاتل زغلول وهبة بن مدينة بنها بمحافظة القليوبية والملقب بصائد الطائرات الذى فتح لنا خزينة ذكرياته.

* كيف تم إختيارك لهذا السلاح المتطور؟
– تم إختيارى وزملائى بدقة خلال فترة التجنيد لهذا السلاح من حيث سلامة البدن وقوة الأعصاب وحدة الإبصار لأن سام 7 كان من أحدث الصواريخ التى زود بها جيشنا الباسل وكان مضاد للطائرات التى تطير على إرتفاع منخفض وقام بتدريبنا عليه خبراء روسيين فى الإسكندرية ومعهم قادة وضباط مصريين أكفاء وبعدها  ذهبنا للجبهة فى 20 / 6 / 1970 وتم توزيعنا على المواقع حتى 27 / 6/ 1970 وكانت إسرائيل وقتها لها اليد العليا وكانت تخترق الجبهة وخاصة بالطيران المنخفض الذى كان يضرب سرا ويعود ادراجه بسهولة بسبب إستحالة رصده وكانت هذه مهمتنا وهى أن نشتبك مع أى طيران من 50 م وحتى 800 م إرتفاع.


*ما هى قصة أول طائرة أسقطتها؟
 فى يوم 30 / 6/ 1970 كنت فى منطقة الجفرة بالسويس وحدث هجوم من العدو فى السادسة والنصف من مساء ذات اليوم هاجمتنا “8 “طائرات تطير على إرتفاع عالى جدا وضربوا منطقة خلفنا تسمى “الروبيكى” وتبعد عن “الجفرة” حوالى “15” كيلومترا وعلمنا بعدها أنهم إستهدفوا هناك مخازن الجيش الثالث التى كانت تحوى تعيينات وأسلحة وذخيرة ودمروها بالكامل ومن المؤكد انهم قتلوا زملاء لنا هناك وفى ذلك التوقيت تصادف وجودى بالموقع ومعى رامى صواريخ وخمسة مراقبين جويين و2 إشارة و3 حراسة  وكنت حكمدار الموقع وبالطبع كان الغضب يشتعل داخلى مما علمت به ووجدت الفرصة سانحة للثأر خلال عودة الطائرات حيث وجدت أمامى طائرة سكاى هوك ورصدتها لأطلق أول صاروخ فى حياتى حيث أننا فى التدريب لم نطلق صواريخ حية بل تدربنا على الحاسب الألى وكنت أرى الطيار داخل الطائرة رؤى العين والحمد لله أصاب الصاروخ الطائرة لكنى شعرت للحظات أن الصاروخ إنفجر فى شخصيا لان لسان اللهب الذى خرج من الخلف حرك رمال الحفرة التى كنت بها ومع حرارة الجو وإرتدائى نظارة الضرب  لم أكن أرى شيئا ولم استجمع ما حدث إلا عندما أحاط بى زملائى قائلين لى : “وقعت ..وقعت”ويقصدون الطائرة بالطبع فقلت لهم “ربنا يستر لأنى لم أتلقى أمر بالضرب  بل ضربت من تلقاء نفسى إنتقاما لزملائنا ، وفى الليل تم جمع المواقع وكنا نبيت فى أى مكان ليلا ويتم حمايتنا على أساس أننا نحمى زملائنا نهارا، ومنذ إسقاط الطائرتين فى ذاك اليوم ولأن هذه الفانتوم كانت اول فانتوم يسقطها الجيش المصرى تحول هذا اليوم “30 يونية” إلى عيد الدفاع الجوى وكان هذا شيئا رائعا بالنسبة لى.

*ماذا عن الطائرة الثانية التى أصبتها خلال حرب أكتوبر ؟
كانت هناك طائرة آخرى أصابتها خلال اكتوبر، كان ذلك يوم 10 أكتوبر 1973  حدث فى يوم 8 اكتوبر أن صدرت الأوامر لفصيلتى رقم “39 ” للتحرك إلى فوج 56 دفاع جوى لحماية مطار أبو حماد لحمايته لأنه كان له اليد العلياعن طريق الطائرات ميج 21 فى إصابة أهداف مهمة فى سيناء وعن طريق المخابرات والإستطلاع الجوى وردت المعلومات بأن العدو يستهدف المطار وبالفعل علمنا بقدوم طائرات العدو فى المدى الجوى لنا وكنت أنا فى قرية الأسدية التابعة للشرقية وحوالى الساعة 10 صباحا يوم 10 أكتوبر شاهدت إحدى الطائرات المعادية وكانت بالصدفة من طراز سكاى هوك أيضا فقمت بضربها وسقطت فقال أهالى القرية من الفلاحين وقتها “صاروخ الأمباشا زغلول دخل فى الطيارة زى اللبن الحليب” وذلك لأن الصاروخ كان يترك فى السماء خطا أبيض حتى يصيب الطائرة والحمد لله هذه الطائرات التى إستهدفت المطار لم تستطع الوصول وأفرغت كل حمولتها عندما ضربت 3 قرى محيطة بالمطارهى الشوامين وكفر حافظ والشيخ جبيل وقتل بهذه القرى حوالى 150 شخصا من المدنيين ، وكان هذا شيء شنيع ولكن عملنا على الا يكون هناك خسائر أكثر من ذلك. 

*هل  ترى أن أفلام حرب أكتوبر عبرت عن حجم الحدث وعظمته؟
– للأسف كل ما قدم من أفلام لم يعبر عن واحد على مليار مما رايناه والفيلم الوحيد الذى إقترب بشكل ما من الصورة الحقيقية هو فيلم “أغنية على الممر”  الذى لعب بطولته العظماء “محمود مرسى ” و”صلاح السعدنى ” و”صلاح قابيل” ومن المواقف الصعبة التى رأيناها ولم تصورها الأفلام أن أحد زملائنا وجد ثعبانا ضخما فقتله ولأن الحاجة أم الإختراع وكان الطعام الذى يصلنا كملحقين قليل قمنا بسلخ جلد الثعبان وإستبعدنا الجزء السام ثم قام أحد زملائنا من أبناء بورسعيد بتتبيله مثل الاسماك وقمنا بشيه وأكلناه .

إلى من توجه رسالة شكر؟
أوجه الشكر والتقدير لمؤرخين ٧٣ الذين عملوا على اظهار الأبطال الحقيقين وعرفت العالم بنا ومن ٧٣ الي ٢٠١٤ لم يعلم أحد عني شيء ولا زملائي في العمل  كنت مدير عام لتربية والتعليم ولم اصنع من نفسي بطلا أمامهم لأني كنت اراه واجبي الوطني وبفضلهم في الفترة الاخيرة حصلت على جوائز عديدة وتكريمات كثيرة وذلك بعد تسوية معاشي في ٢٠١٤ بدأ يتواصل معي التلفزيون والصحف لافتح باب الذكريات الخالدة من جديد.