تفاصيل ما دار داخل مقر هيئة الأركان الإسرائيلية يوم الخامس من أكتوبر 1973

العدو الصهيوني

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية



من أبرز صور الغرور والتعالى التى حدثت فى التاريخ العسكرى، هو ما دار خلال الإجتماع الذى حضره كبار قيادات الجيش الإسرائيلى داخل مقر هيئة الأركان الإسرائيلية، يوم الخامس من أكتوبر عام 1973، وقبل إندلاع الحرب بساعات قليلة.

فعلى الرغم من البوادر والإشارات والمعلومات التى وصلت لأجهزة المخابرات الإسرائيلية وقتها، عن رغبة مصر وسوريا فى شن عملية عسكرية شاملة ضد إسرائيل عصر اليوم التالى، إلا أن الاجتماع الذى سبق الحرب كان هادئًا، ويبدو أنه تأثر بالإعداد لاستقبال عيد الغفران فى اليوم التالى.

بدأ إيلى زعيرا رئيس المخابرات الحربية وقتها بالحديث وذكر نصًا "أن احتمال إندلاع حرب بمبادرة من مصر وسوريا، ضئيلة للغاية وربما تكون أقل من الضآلة ذاتها".

واستعرض "زعيرا" خلال الاجتماع أخر المستجدات المخابراتية، قائلًا: "أجرت مصر مناورة كبرى باستخدام قوات المظليين وتم تعزيز منطقة القناة بـ300 مدفع إضافى علاوة على إقتراب الدبابات من خط المياه".

وخلال الجلسة، أشار "زعيرا"، إلى حدوث أمرين لا تفسير لهما، أولها إرسال روسيا لـ11 طائرة نقل ركاب لمصر وسوريا، وتوقع خلالها "زعيرا"، أن تكون الطائرات مخصصة لنقل طاقم روسى رفيع من هذه الدول، وأضاف أنه ليس لديهم تفسيرا واضحا لذلك.

الأمر الثانى كما أشار زعيرا خلال الاجتماع هو مغادرة السفن الروسية لميناء الأسكندرية وهو أمر غريب وغير منطقى.

وعلى الرغم من ظهور هذه البوادر والإشارات إلا أنه قال " كل هذه الأمور لن تغير من شكل التقرير النهائى والأساسى لجهاز المخابارت الحربية أن إحتمال نشوب حرب بمبادرة من مصر وسوريا ضئيل للغاية."

بينما تحدث رئيس الأركان "ديفيد بن أليعازر"، قائلًا" إنه كأساس لتقدير الموقف يجب وضع أمرين هامين فى الاعتبار أولها أن المنظومة الدفاعية لمصر هى أيضًا هجومية فى الوقت ذاته أى أنه بمقدورهم التحول للهجوم فى زمن قصير جدا الأمر الثانى هو عدم وجود أى دليل إيجابى أن مصر غير مستعدة للهجوم وفى ضوء ذلك أعلن الجيش حالة الاستعدادات بالدرجة "ج" وتم القيام ببعض الأعمال لرفع درجة الاستعداد".

ورغم ذلك قال بنوع من الثقة "إذا كانت لدى مصر وسوريا حقا الرغبة فى الهجوم فى توقيت واحد فسنحصل على التحذير فى الوقت المناسب وإذا كان التحذير إيجابيا فأننا سنقوم بالطبع بتعبئة قوات الإحتياط أما إذا حدث السيناريو الأسوأ وحدث الهجوم المفاجىء فأننا سنضطر لصد الهجوم عن طريق القوات النظامية فقط".

وتطرق رئيس الأركان الإسرائيلى خلال الاجتماع لكيفية استدعاء قوات الإحتياط، حال حدوث هجوم مفاجىء دون تحذير سابق، نظرًا لأن محطة الراديو ستكون متوقفة بسبب عطلة عيد الغفران، وتقدم بإقتراح بإجراء إتصالات هاتفية بكل من يملك هاتف فى إسرائيل، لإبلاغ الجميع بضرورة فتح جهاز الراديو طوال اليوم والإستماع لشبكة الجيش الإسرائيلى الإذاعية "جالى تساهال"، التى ستبث طوال اليوم بيانات بأخر مستجدات الوضع.

وعلى الرغم من كل ذلك تبنى رئيس الأركان "ديفيد بن إليعازر" رؤية رئيس المخابرات الحربية، وقال نصًا "لا أعتقد أنهم قادرون على البدء فى الحرب ولا أعتقد أن ساعة الصفر ستكون غدا وفى المساء أيضًا وإذا كان حقًا لديهم النية فى الهجوم ولديهم ساعة صفر فأننى أأمل أن نحصل على التحذير فى الوقت المناسب".

وأضاف "سنكون مستعدين لجميع الاحتمالات إذا ورد لنا تحذيرًا قبل الحرب بـ24 ساعة فقط نستطيع أن ننظم أنفسنا ونستعد كأفضل ما يكون وأنا واثق أننا سنحقق أمرًا جيد... كل عام وأنتم بخير".

وما يعكس حالة اللامبالاة داخل الاجتماع، هو التطرق لأمر ثانوى لا يرقى للمناقشة فى هذا التوقيت، وهو ماذا سيأكل الجنود الإسرائيليين حال إندلاع الحرب، حيث قال رئيس شعبة الإمداد والتموين "نحميا كين"، إنه هناك نقص فى الأطعمة الطازجة مثل الخبز والخضروات والفاكهة، ورد عليه أحد الحاضرين وقال إن التعليمات بأن يحيا الجنود على الوجبات الجافة المخصصة للحروب، وهنا رد رئيس الأركان عليهم باستخفاف قائلًا: "ولنفترض عدم وجود وجبات الحرب عليهم بالصوم هذا يوم الغفران يجب صومه".