طارق الشناوي يكتب: يعنى إيه أبناء "ماسبيرو"؟

الفجر الفني

بوابة الفجر


خدعوك فقالوا (جحا أولى بلحم طوره) بتنويعاتها المختلفة وآخرها (ماسبيرو أولى بأبنائه)؟

كثيراً ما نستسلم لكلمات برّاقة متعددة الألوان، مثل أوراق السوليفان التى تحمل قدراً لا ينكر من الجاذبية، إلا أنها لا تعبر بالضرورة عن الحقيقة.

أبناء ماسبيرو هم كل المصريين الذين عملوا أو لا يزالون يعملون بالإعلام بكل أطيافه، وليس فقط، من يعملون فى هذا المبنى المطل على النيل والذى أطلقنا عليه عند ولادته قبل نحو 58 عاما صفة العملاق.

ماسبيرو هو الابن الشرعى للإذاعة المصرية الرسمية التى افتتحت عام 1934، وذلك بعد نحو عشر سنوات من دخول الإذاعات الأهلية عشوائيا لأرض المحروسة، قررت الدولة التصدى للفوضى، التى كانت تصل بأصحابها إلى تبادل التجاوزات اللفظية على الهواء، نال الموسيقار والذى كان وقتها شابا محمد عبدالوهاب الكثير منها على يد الشيخ المطرب والملحن الضرير محمود صبح.

الموقع فى شارع (علوى) بوسط البلد، وبعدها فى عام 1960، أنشئ مبنى مطل على نيل القاهرة، والذى كان يحمل أيضا اسما متداولا (ماسبيرو)، إنه العاشق لمصر الفرعونية العالم الفرنسى جاستون كاميل ماسبيرو، كانوا يصفونه بالعملاق، وأبوابه قطعا مفتوحة لكل المصريين، لأنها لم تعرف التعددية فى قنوات البث، إلا قبل أقل من 20 عاما، وبالطبع كانت الكوادر الأولى للقنوات الخاصة هم من نصفهم بأنهم أبناء ماسبيرو، فاستعانوا بهم فى حفر البنية التحتية لتلك القنوات.

أفهم مثلا أن نشير فى الصحافة إلى أبناء الأهرام أو الأخبار أو روزاليوسف وغيرها من المؤسسات العريقة، لأن كل هذه المدارس الصحفية وغيرها كانت بشكل ما تتنافس وتمنحك حرية الاختيار، بينما هناك ماسبيرو واحد.

اللقطة الثابتة التى تتكرر أن أبناء ماسبيرو يحتجون، وذلك كلما بدأ التفكير لتوجه البوصلة خارج نطاق المسمى الوظيفى المباشر، لتبحث عمن تعتقد أنه كفاءة يستحق الاستعانة به، وتبدأ الاحتجاجات الصاخبة بأن يمتشق بعضهم سيف جحا، موجها طعناته لكل من تسول له نفسه ويقبل العمل معتديا على لقمة عيشهم، وحتى لا يسىء أحد القراءة، لست مؤيدا أبدا لما قدمه قبل نحو عام حسين زين، رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، عندما وضع خطة للتطوير وأنفق الملايين، ثم أسفر الأمر عن تبديد المال العام، العيب ليس بالضرورة فى العناصر التى استعان بها، ولكن لأنه كرر حكاية (أم رتيبة) القصة الشهيرة ليوسف السباعى، عندما طلبت فتاة من خطيبها الذى يعمل طرشجى تغيير اسمه (على بنجر)، لأن أسرتها تعترض، فقرر أن يُطلق على نفسه (سيد بنجر)، وتجاهل أن المشكلة كانت فى (البنجر).

مؤخرا أصدر زين قرارا بتنحية مجدى لاشين، رئيس التليفزيون، لأنه لم يقم بدوره فى التطوير، القرار ظاهريا طبعا سليم، ويشير بقوة إلى أن القرار وعلى غير العادة فنى، وليس لبلوغ الموظف كالعادة السن القانونية للمعاش.

هل كان خطأ لا شين أم أنه المناخ المكبل لكل شىء؟ (شالوا ألدو جابوا شاهين) لن تفرق أبدا، الحقيقة هى أن فى أرض ماسبيرو سُم قاتل لا يسمح بأن تُثمر أبدا شجرة التغيير.

على ماسبيرو أن يفتح الباب لكل المصريين، لأنهم جميعا أبنائه، إلا أنه يحتاج أولا إلى قدرة على اتخاذ قرار ثورى، لا أظن أن الظرف موات حاليا لإصداره، يجب تسريح آلاف من الموظفين بعد منحهم معاشا استثنائيا، لأنهم صاروا معرقلين للعمل، ومهما حاول المسؤول إضافة منشطات صناعية، ومكسبات لون وطعم ورائحة، فلن يستطع أحد إنقاذ ماسبيرو.

الإعلام المصرى كله صار متعثرا وتنطبق عليه نظرية الأوانى المستطرقة، حيث يتراجع المنسوب فى كل جنباته.

الدولة كما هو واضح (رمت تماما طوبة الإعلام الحكومى)، كما أنها تُدير الإعلام الخاص الذى هو أيضا قائم على إعلام ماسبيرو بقدر لا ينكر من العشوائية، ورغم ذلك هناك صراع حامى الوطيس على تورتة أو طور (ماسبيرو) رغم أنك ببساطة لو دققت النظر لن تجد سوى (فتافيت) تورتة وحوافر (طور)!!