طارق الشناوي يكتب: يذبحون "قوس قزح"!!

الفجر الفني

بوابة الفجر


قبل أيام قلائل قتلوا ملكة الجمال العراقية تارة فارس، ونشرت مؤخرا ملكة الجمال السابقة شيماء قاسم (فيديو كليب) وهى تبكى بعد أن هددوها أيضا بالذبح، قبل أن يغتالوا تارة تعرضت للضرب والصفع وبعدها أطلقوا عليها وابلا من الرصاص، ليحصدوا روحها وتسيل دماؤها ساخنة على الأسفلت، بينما هم يهرولون سعداء، بعد إنجازهم للمهمة القتالية المقدسة التى اعتبروها الخطوة الأولى لدخول الجنة، وصلت رسالة التهديد للجميع، كل من تفكر بإعلان حبها للحياة ستلقى نفس المصير، وعلى الجميع انتظار الموت الذى يطرق بقوة على الأبواب.

إنهم أعداء الحياة قبل أن تصفهم بأنهم قتلة الجميلات، أو حتى أعداء الجمال، دائما يريدون إغلاق أبواب الحرية، ليصبح هناك رأى واحد وصوت واحد ولون واحد ووجه واحد، إظهار جمال المرأة هو نوع من التعبير عن الحرية، لأنه فى عمقه إعلان عن التعددية، حتى فى أبسط صورها.

هم يريدون للمرأة أن تُحبس فى البيت، وياحبذا لو ارتدت النقاب، فإذا خرجت للضرورة سيسبقها اللون الأسود، ليصبغ كل الحياة بالحزن الذى يفرزه رؤية هذا اللون، كل ما تراه أمامك يُعبر عن المرأة التى تتمرد، لأنها تُحطم هذا (التابوه)، وتخلع السواد الذين يريدون فرضه على الوجوه، وقبل ذلك على الحياة، لتنشط على الفور بداخلهم كرد فعل غدة الدموية.

خلق الله الدُنيا وهى تتزين بكل ألوان (قوس قزح)، بينما هم يريدون مصادرته، لأنه يرفع شعار التعددية بألوانه السبعة الأحمر والأصفر والبرتقالى والأخضر والنيلى والأزرق والبنفسجى، إنه المصدر الطبيعى للبهجة، وهم العدو الأول للبهجة.

القتل على الهوية السياسية والدينية والطائفية صار من زمن ماضٍ، هم الآن يوجهون ضرباتهم للعمق الكامن وراء الحياة، إنه البنية التحتية والبعد الاستراتيجى، وهكذا صار هدفهم قتل الجمال على وجه امرأة أو فى الطبيعة.

فى مصر مثلا صارت إقامة مسابقة للجمال لا تمر بسهولة، صدر المتزمتون للمجتمع أن تلك المسابقات هى الوجه الآخر للخلاعة، وأن من يشارك فيها أو يشاهدها هم من الزنادقة، ولو اتسعت الدائرة قليلا ستكتشف أن شعار السينما النظيفة الذى رددناه قبل نحو ما يزيد عن 20 عاما هو تنويعة أخرى لمصادرة الجمال، توقف الكثيرين عند ملابس النجمات على (الريد كاربت) فى مهرجان (الجونة) يحمل فى ظلاله رسالة أيضا مباشرة لتوجيه تهديد مباشر بأن تيار المصادرة صوته عال.

عانت مخرجة من آخر أجيال السينما المصرية من عنف المنتج بعد أن أنهت المونتاج النهائى للفيلم، وقبل العرض بساعات قليلة، تسلل المنتج إلى غرفة المونتاج، وتولى بنفسه حذف أى شروع فى قبلة، اعتبره بمثابة فعل فاضح.

لا تنسى أن جزءاً من النجوم والنجمات من أجل اكتساب دائرة جماهيرية أوسع يقرأون ما يريده المجتمع، ويرددونه، بل غالبا يزايدون عليه.

مثل النجم الكبير عندما سألوه لماذا لا تسمح لابنتك بالتمثيل؟ قال لهم لأنى أرفض أن يقبلها ممثل فى لقطة سينمائية، بينما هو لم يترك ممثلة وقفت أمامه فى أى مشهد إلا وانهال عليها بوابل من القبلات، ولم يكتف بهذا القدر، بل فى أحيان كثيرة كان ينهال عليهن أيضا بوابل من الركلات العنيفة على المؤخرة، أحيانا تقرأ أن فلان النجم عندما سألوه هل تسمح لابنتك أو ابنك بمشاهدة الفيلم الذى لعبت بطولته، وبرغم تصنيفه رقابيا بـ(العرض العام) المتاح لكل الأعمار، إلا أنه يزايد حتى على الدولة، مرددا رفضه التام بالسماح لأبنائه بالمشاهدة.

تلك الرسائل وغيرها تلعب ولا شك دورا فى فرض نمط واحد على الحياة، رغم أن كل من نعرفهم من رجال الدين فى السنوات السابقة لم يفرضوا حتى الحجاب على بناتهن.

مصادرة التعددية واغتيال الجمال صارا واحدة من أسلحة المتطرفين، االله جميل يُحب الجمال، وهم أعداء الله لأنهم يذبحون الجمال الذى أحله وأحبه الله.