محمد محمود حبيب يكتب: عن علاقة التجديد بالفتوى الرشيدة أتحدث

ركن القراء

محمد محمود حبيب
محمد محمود حبيب


يُعد التجديد في الفتوى أصلًا من أصول الإسلام، فهو أمر قد حرص السلف الصالح وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون عليه مقتدين في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وخاصة عند نزول نوازل جديدة ومستجدات حديثة.

وليس التجديد في الفتوي معناه فتح الأبواب لكل إنسان مفرّط، ولا التنكر والسخرية من كل قديم، بل التجديد في الفتوى يعنى الممارسة الواعية التي تعني الاستمساك بالثوابت مع ربط الفتوى بالواقع واستخدام معارف العصر وعلومه وغير ذلك من الضوابط بسبب تزايد المتسرعين للإفتاء والمتشوفين له، حتى كثرت الزلات وعظمت السقطات.

ومن يتأمل الأمر يجد أن هناك علاقة بين التجديد والفتوى الرشيدة هي علاقة الوسيلة بالنتيجة، ذلك أن الاجتهاد الجماعي المنضبط هو أحد وسائل الفتوى الرشيدة وخاصة في قضايا الأمة، فالاجتهاد وسيلة والفتوى الرشيدة مطلب، والمحصلة تجديد.

ولاشك أن المؤتمرات الإسلامية العالمية تُعد نتاجًا لتفاعل جمع من العلماء المجتهدين والخبراء المختصين وتكاملهم وتشاورهم، وثمرةً لتقليب وجهات النظر المختلفة وتبادل الآراء المتعددة في القضية محل الاجتهاد، وبهذا فهي أقرب إلى الحق وأدعى للقبول والاطمئنان؛ إذ من المعلوم أن رأي الجماعة أقرب إلى الصواب من رأي المفتي الفرد وإن علا شأنه في العلم؛ فالمناقشة والمذاكرة والمشورة الجماعية بين العلماء تُجلّي ما كان غامضًا وتذكّر بما كان منسيًا وتكشف عما كان خافيًا، فعمق النقاش ودقة التمحيص للآراء والحجج التي يتسم بها الاجتهاد الجماعي تجعل استنباط الحكم أكثر دقة وأحرى بموافقة الصواب، للخروج بفتوى عالمية آخذة في الاعتبار عادات كل الشعوب الإسلامية.

ومن هذا المنطلق تقوم دار الإفتاء المصرية بهذه المبادرة للتباحث في وضع ضوابط تجديد الفتوى وفق المستجدات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والطبية من خلال مؤتمرها العالمي السنوي في بداية النصف الثاني من شهر أكتوبر 2018م، (من يوم 16 – 18) تحت عنوان "التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق"، تحت رعاية "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم" في القاهرة، والتي ترأسها دار الإفتاء المصرية، فكل التحية والاحترام لرئيس الأمانة العامة السيد الأستاذ الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية، ولأمينها العام الدكتور إبراهيم نجم، المستشار الإعلامي لمفتي الجمهورية على هذه الجهود الملحوظة والبارزة للتجديد في الفتوى من أجل القضاء على الفكر المتشدد والتصدي للفتاوى الشاذة.