تاجرات الشنطة فى البرلمان.. نائبة تبيع ملابس جلدية «بالة».. وأخرى تخصص «عبايات» فرز أول

العدد الأسبوعي

مجلس النواب
مجلس النواب


بعد ثورتين قدم خلالهما الشعب المصرى وما يزال آلاف الشهداء، وخسائر بمئات الملايين من الجنيهات نتيجة لتوقف عجلة الاقتصاد، وارتباك استمر سنوات فى جميع تفاصيل حياته، وفى ظل إصلاح اقتصادى حتمى ومفترس، يتحمل وحشيته المصريون لاجل خاطر عيون بهية، مفترضين أن مؤسسات الدولة هى اليد الأمينة التى تتابع معاناته، وتعمل جاهدة على وضعه على طريق الرخاء.

هذا هو واقع الحال، وهذا ما يفترضه الشعب المصرى، لكن الواقع والمفترض لا يلتقيان، فأفكار وأحلام من يذق المر، تختلف تماما عن أفكار وأحلام من جلس على الكرسى الوثير بلا عمل تقريباً سوى متابعة أرصدته البنكية، وآخر مستجدات أسهمه فى البورصة، وخط سير أملاكه وتطور أسعارها.

فى إحدى أهم مؤسسات الشعب المصرى، المؤسسة التشريعية، البرلمان المنتخب، الذى ينحصر دوره فى تشريع قوانين تساهم فى تسهيل حياة الشعب، وتحقيق نمو اقتصادى قادر على إنعاش الجيوب والعقول، هناك من بين النائبات من يبعن العبايات – وارد الإمارات- وبينهن من تخصص فى تجارة «البالة»، وأخريات يكتفين بالصمت انتظاراً للراتب الشهرى، الذى يقتطعه الشعب المكلوم من قوت يومه حتى يأتى الفرج.

نائبة «فهلوية» لا تتوقف عن مد خيوط الود للسلطة التنفيذية، ولا يهدأ رنين هاتفها المحمول، تغير نغماته صباحاً ومساء، فتلك رنة تعبر عن السعادة، وهذه متفائلة، وثالثة مزعجة لكنها تلفت النظر وتهيمن على المشهد.

فى إحدى المرات، أثناء الاستراحة بين جلسات دور الانعقاد الثالث، ذهبت للقاء زميلاتها بالغرفة المخصصة للنائبات، وهى غرفة كبيرة، بها ما يوفر لهن رفاهية مهداة طواعية من الشعب المصرى، حتى يعملن على تحسين معيشته فى أجواء هادئة، لا تشوبها شائبة.

دخلت وفى يدها حقيبة سفر، وبعد لحظات من جلوسها على الكرسى الوثير، انتزعت منديلاً ورقياً من مكمنة على طاولة فخمة، عل فخامتها تذكر النواب بتاريخ الشعب الذى له يشرعون، ثم مسحت بالمنديل أصابع يديها الملتهبة من ثقل ما تحوى الحقيبة، وبعد تبادل الترحيب والنكات مع زميلاتها، أخرجت فستاناً صنع بعناية من الجلد الطبيعى، وبعين التاجر الذى لا يخطئ فريسته ألقته على ساق إحدى زميلاتها «شوفى الفستان دا كدا ينفع لبنتك الصغيرة»، وبعد صمت انصبت خلاله الأعين على الفستان، سألتها النائبة عن السعر، وجرى الاتفاق بعد فصال قصير على دفع المشترى 250 جنيهاً، وضعها التاجر فى حقيبته دون عناية.

وما جعل أصداء «الشنطة» مستمرة، هى اكتشاف النائبات أن الملابس التى تحويها ليست جديدة، هى ملابس «بالة»، تأتى خصيصاً للنائبة من وكالة البلح، بضاعة فاخرة للجالسات فى البرلمان، وإلى الآن تعد «الشنطة» مصدر نميمة ثرية فى أروقة البرلمان، تملأ فراغ الإجازة الصيفية، ومن خلالها تسترجع النائبات قصص زميلتهن «الفهلوية» المدعومة بحكايات ترويها عن أصحاب النفوذ، وكيف توثقت علاقتها بهم.

«تاجرة الشنطة» لم يعرف عنها مرة أنها استخدمت الأدوات الرقابية لحل مشكلات دائرتها، أو ساهمت بالنقاش حول ما يعرض من مشروعات قوانين.

وليست الوحيدة التى نسيت دورها، فهناك نائبات اعتبرن أنفسهن موظفات فى إحدى المصالح الحكومية، ومن باب زيادة الدخل يقمن ببيع الملابس، ومنهن النائبة «اللارج»، التى استغلت البرلمان لبيع «عبايات» وارد الإمارات، وهذه المرة كانت البضاعة على ما يرام «فرز أول»، ولقيت استحسان الزبائن.