محي الدين إسماعيل لـ"الفجر الفني": تنبأت بأحداث ثورة يناير وشخصية السيسي في روايتي عام 2002 (حوار)

الفجر الفني

محي الدين إسماعيل
محي الدين إسماعيل


لا أسعى لتكريمات وأرفض تخطي الرموز وتحطيم القدوة 

فاروق حسني أول من أدخل التجريب في مصر

أصدر قريبًا في كندا كتاب يوثق تاريخ أول مسرح تجريبي 

ما العبقرية في الجمع بين التجريب والمعاصرة في المهرجان

الحركة المسرحية المصرية تفتقر للتطور 

نشوى مصطفى مبدعة في "سيلفي مع الموت"

أثار الفنان محي الدين إسماعيل عاصفة من الجدل بعد هجومه على دورة اليوبيل الفضي لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي والمعاصر والذي انطلق الإثنين الماضي، وتستمر فاعلياته حتى ١٧ سبتمبر الجاري، ويرأس دورة هذا العام الكاتب الدكتور سامح مهران.

وأكد "إسماعيل" في منشوره عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أنه من رواد المسرح التجريبي في مصر ولا يصح عدم ذكر اسمه في محفل دولي للمسرحيين التجريبين.

"الفجر الفني" حاور الفنان محي الدين إسماعيل للتعرف على أسباب هجومه على المهرجان، وعن رأيه في دورة هذا العام، وموعد طرح كتابه المنتظر ومشاريعه المستقبلية، وإلى نص الحوار.

*في البداية، ما سر هجومك على دورة اليوبيل الفضي لمهرجان المسرح التجريبي والمعاصر؟
أنا لا أهاجم أحدًا، لكن قضيتي قضية أخلاقية في المقام الأول، وهي تخطي الرموز وتحطيم القدوة في مهرجان مصر في أشد الحاجة لتأكيد رموزها حتى لا يحبط كل من يجتهد في عمله، ومع إقامة المهرجان فهناك موظف مسئول من وزارة الثقافة للإشراف عليه وهو من يُخفي تاريخ الرموز بدلًا من أن يفخر أمام الأجانب بأننا في مصر كان لدينا مسرح تجريبي غير مسبوق أسسه محي الدين إسماعيل في عام ١٩٦٨، وهو مسرح ال١٠٠ كرسي، وكان يَصْب فيه كل مثقفي مصر والشخصيات الرفعية من أمثال الدكتور عبدالقادر حاتم، والدكتور ثروت عكاشة، والدكتور فاروق حسني، والأديب يوسف السباعي، وصلاح جاهين، كما كانت الدكتورة الراحلة نهاد صليحة، أستاذة مادة النقد في أكاديمية الفنون، تدرس للطلبة تاريخ المسرح وتاريخ مؤسسه، وذكرت لهم أن مجلة "إيماج" الفرنسية سجلت لمحي الدين إسماعيل حديث لأنه أول من قدم المونودراما في مصر من خلال مسرحية "بيانو للبيع" للمؤلف المجري "فبرك جرنتي".

*المهرجان متواجد منذ أكثر من ٢٥ عامًا، لماذا لم تهاجمه سوى في دورة اليوبيل الفضي؟
أعاتب وزارة الثقافة لعدم توجيه دعوة شخصية لي لحضور افتتاح المهرجان، فهل هناك خطة لتحطيم الرموز وعدم ذكرهم، المهرجان لم يرسل لي دعوة لأول مرة في دورة اليوبيل الفضي، وأي مهرجان في مصر سواء في السينما أو المسرح يوجه لي دعوة، لأتعرف على ماهية المهرجان، ومكان جلوسي، لماذا لم توجه لي دعوة في هذه الدورة بالتحديد، وأنا مؤسس المسرح التجريبي في مصر، ومكرم عالميًا من البرلمان الكندي والرئيس أنور السادات وغيرها من التكريمات.

*هل فكرت في توجيه الأمر لوزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبدالدايم؟
أحترم وزيرة الثقافة جدًا، وهي تحترمني في المقابل، وقد التقيتها قبل أيام في مسرح السلام أثناء عرض "حدث في بلاد السعادة"، ولكني لست في صراع مع أحد إطلاقًا، ما أتحدث فيه هو قضية أخلاقية وأتمنى إجابة سؤالي لماذا لم توجه دعوات للرموز، فأنا لا أطلب تكريمًا، إنما أوجه سؤالي للوزيرة هل يرضيها عدم ذكر رموز المسرح التجريبي، وأطالبها بتصحيح وضع أخلاقي بذكر الرموز.

*لماذا انتقدت عدم دعوة وزير الثقافة الأسبق فاروق حسني للمهرجان؟
فاروق حسني هو من أتى بالتجريب لمصر من الغرب، فكيف لا تتم دعوته لافتتاح مهرجان عن المسرح التجريبي، اعتقد أن الموضوع يتمثل في عدم رغبة إدارة المهرجان في إبراز الرموز والكبار حتى يظهروا هم على أنهم الكبار، ولكن ما أتحدث فيه هو تاريخ موثق.

*كيف ترى إضافة كلمة المعاصر لاسم المهرجان إلى جانب التجريبي؟
اعترض على الأمر تمامًا، فهل يصح عمل مهرجان سينما وأضيف إليه عروض شرائط إذاعة، ما يحدث هو "سمك لبن تمر هندي"، ما العبقرية في جمع التجريب والمعاصرة معًا، فالأمر يفتقد للمنهجية ويسيئ لوزارة الثقافة، أين المنهجية والتخصص؟، التجريب له خصوصيته، ولابد من تحديد المفهوم وعدم التلاعب بالألفاظ.

*توثق تاريخك في المسرح التجريبي من خلال كتاب سيصدر قريبًا، حدثنا عن تفاصيل الكتاب وموعد خروجه للنور؟
سأصدر الكتاب عن دار نشر في إحدى الجامعات الكندية، وهو مكتوب باللغتين العربية والإنجليزية، والكتاب عبارة عن رسالة الدكتوارة الخاصة بي وتتناول تاريخ أول مسرح تجريبي في مصر في ١٩٦٨.

*حدثنا عن كواليس تأسيس مسرح ال١٠٠ كرسي؟ 
أسست مسرح ال١٠٠ كرسي مع ثلاثة آخرين وهم الكاتب والناقد والمترجم عبدالمنعم سليم، وأخوه الفنان التشكيلي العالمي أحمد فؤاد سليم، والمخرج أحمد عبدالحليم، والثلاثة رحلوا ولكني لا أزال على قيد الحياة، فهل ننسى تاريخ المسرح؟، وقد سجل التلفزيون جميع الأعمال التي عرضناها على المسرح لكني لا أعرف أين ذهبت هذه التسجيلات.

*كيف تجاوبت وزارة الثقافة آنذاك مع مسرح ال١٠٠ كرسي؟ وكيف كانت ردود أفعال الجمهور؟
لم تتجاوب وزارة الثقافة معانا، ولم نتقاضى مليمًا من هذه العروض، والمركز الثقافي التشيكي هو من مول المسرح، وعمل بالمسرح نجوم كبار من أمثال "محمود ياسين، وفردوس عبدالحميد" وكثيرون، واستمر المسرح قرابة خمس سنوات قدمنا خلالها عشرين عرضًا.

*ما أسباب توقف المسرح بعد خمس سنوات؟
توقف المسرح بعد أن أدى غرضه، كما أننا لم نمتلك القدرة على الاستمرار.

*ما رأيك في العروض التجريبية الموجودة في مصر؟
شاهدت عرض "سيلفي مع الموت" للفنانة نشوى مصطفى على مسرح ميامي، ووجدت نشوى قوية ورائعة ومبدعة، لكنى لم أشاهد عروض أخرى، "أحنا معندناش تجريبي في مصر ومنعرفوش"، التجريب دراسات غير عادية وممارسات في المايم والسولافاج والغناء والرقص والحركات الإيكروباتية بمضامين جديدة ولغات مختلفة، وهذا غير متوفر في مصر وإنما في الغرب فقط.

*كيف ترى العروض المسرحية في الوقت الحالي؟ 
شاهدت مؤخرًا مسرحية "آليس في بلاد العجائب" للفنانة مروة عبد المنعم على مسرح البالون، وهو عرض جميل ومشوق ولكن النص ممل ولم تصل متعته للجمهور، الاخراج والديكور جيدين والامكانيات ضخمة، وكل شئ مبهر بدرجة غير عادية لكنه يفتقر للكوميديا خاصةً وأن العرض موجه للأطفال، وكان يجب توفير دارماتورج جيد يتمكن من نقل النص العالمي بحرافية.

*هل لمست تطورًا في الحركة المسرحية مؤخرًا؟ 
لا يوجد أي تطور، فالمسرح الحقيقي كان في فترة الستينات، والذي قدمت خلاله أعمال مهمة مثل "المغناطيس" مع نعمان عاشور، ولابد من توفير قناة تعرض مسرح سعد وهبة ويوسف إدريس ونجيب سرور، لأنه هو المسرح الحقيقي، ومسرح البالون كان به قرص وتم الغاؤه ولا أعرف أين ذهب، وقد قدمت عليه وقتذاك مسرحية "القاهرة في ألف عام" والتي تعد أهم عرض مسرحي في تاريخي مصر، من تأليف صلاح جاهين، وأخرجه ألماني أحضره وقتها الدكتور ثروت عكاشة، وكان العرض من بطولتي مع كل من سعيد صالح وصفاء أبو السعود، وضم العرض ٢٠ استعراض وأغنية، وكل هذة الأعمال تم تصويرها ولكنها مركونة في مكتبة دون أن تخرج للأجيال الجديدة.

*كيف وجدت بادرة الرئيس بحضوره عرض "سلم نفسك" للمخرج خالد جلال مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان؟
لم أتمكن من مشاهدة العرض لدواعي سفري خارج مصر، حيث كنت متواجد في كندا، ولكن البادرة أمر جيد، وخالد جلال مخرج مرموق ولده رؤية وهو فنان ناجح.

*ما هي مشروعاتك المقبلة؟
لدي رواية أدبية من تأليفي بعنوان "المخبول" منشورة على موقع الأمازون بالإنجليزية تحت عنوان "the lunatic"، وقد كتبتها عام ٢٠٠٢ ونٌشرت من خلال مكتبة مدبولي، ثم أُعيد نشرها بعد ثورة ٢٥ يناير في هيئة الكتاب، وطٌبعت منها ٣ آلاف نسخة، وفيها تنبأت بأحداث الثورة قبل وقوعها بعشر سنوات، حتى شخصية الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقد حولت الرواية لسيناريو فيلم سينمائي بعنوان "حراس المستقبل"، وأرجو أن يكون الفيلم تحت إشراف الرئيس عبدالفتاح السيسي شخصيًا، وفيه كل خطط ورؤى الرئيس، وهو عمل مهم ولابد أن يكون تحت إشراف الرئيس حتى لا يعطله المعرقلون الذين تمتلئ بهم مصر.