"صورني يا بني وأنا بحلب الجاموسة".. حكاية مصور وثق حياة والدته البسيطة

تقارير وحوارات

بوابة الفجر


يقتطع المسافة بين قريته بمحافظة المنوفية وقاهرة المعز، وحلمه لا يترك خاطره، فعشقه للتصوير يجعله ينتظر الفرصة التي يقتنصها ليضع أولى خطواته على سلم النجاح، فلم يكن يعلم، كريم عصام، أن تكون بصمة نجاحه محفورة بجمال صورة لوالدته البسيطة.

فانتقل "كريم" واضعًا حلمه أمام عينيه إلى القاهرة بعدما أنهى دراسته الجامعية بكلية التجارة جامعة بنها في عام 2013، متذكرًا عشقه لتوثيقه اللحظات الجميلة لأفراد أسرته بقريته في محافظة المنوفية، لينتقل بواسطة أصدقائه وبأصراره إلى الانغماس في تصوير الشارع.

ولأن دائمًا ما تكون البدايات صعبة، فيعود الشاب ابن الخمسة وعشرين ربيعًا، ليتذكر عندما اشترى له والده كاميرتين ولكن كان التلف من نصيبهم، وكيفما خسر كل صوره في عام 2013 بعدما تلف جهاز الحاسوب الخاص به، ليتحول إلى مصور في بداية العام الجاري بعدما اشترى كاميرا خاصة به، ليعود ويخسر صور عمل على توثيقها لمدة ستة أشهر حتى رمضان الماضي "كنت هنتحر وقفلت موبايلى عشر أيام ولا أكل ولا شرب لحد ما ربنا هداني ووقفت على رجلي من ثاني ورجعت لشغل الشارع".




مسافات طويلة من الوقت يترك "كريم" أسرته وينهمك مع تصوير الشارع فلا ترى عينه قريته إلا في الأعياد والمناسبات الرسمية، فكانت المرة الآخيرة طويلة على أسرته فلم يسافر الشاب منذ عام وشهرين، ليعود خلال عيد الأضحى الماضي، وتستقبله والدته بضحكتها التي تخفى بصمات الشقى على وجهها، وتسبق أحضانها فرحتها بكونه أصبح مصور تتفاخر به أمام الجميع.

أخذت الفرحة تجعل الأم عيدها عيدين، فلم تتمالك نفسها فقابلته في أول أيام عيد الأضحى الشهر الماضي بابتسامة تجعله يشعر بفرحة لا يراها في أى شيء آخر، لتقول "صورني يا ابني وأنا بحلب الجاموسة.. صورني كذا صورة واطبعهم وعلقهم عندنا في البيت عشان عيالك وعيال عيالك يعرفوا إني تعبت في حياتي عشان أربيكم وأعلمكم"، فما كان من "كريم" إلا أن يأخذ كاميرته ليوثق تلك اللحظات لوالدته.




تردد "كريم" في عرض الصورة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، إلى أنه عرضها في 25 أغسطس الماضي، لتنهال عليه التعليقات "الصورة أبهجتني بكلام الناس اللى شوفته.. ناس طلبت تطبعها وناس طلبت ترسمها".

ومثلما رأى "كريم" تعليقات أسعدته تعرض لنقد إلى أنه أخذ منه دافع لتوثيق كل الحياة البسيطة في محافظته بالمنوفية "عاوز أزرع جوه قلوب الناس إنهم يفتخروا بأصلهم وبعاداتهم القديمة.. واحنا فلاحين ونفتخر".

وبفرحة شديدة قام الشاب بتنفيذ وعده لوالدته وعاد لها بصورتها بعدما وضعها برواز، فانهالت عليه بالأحضان وأخذت تتمتم بالدعاء له، فقام بتصويرها من جديد وهي تحمل صورتها، التي ابتهجت لكونها انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

 "حاجة كده من ريحة ناس زمان".. بهذه الكلمات يوصف "كريم" والدته متفاخرًا بكون الجميع يقول له إنه يشبهها "أمي.. الطيبة والأصالة والبساطة والتواضع"، ومن ابتسامة والدته وفرحتها يرسم "كريم" خطة نجاحه للفترة المقبلة والتي يراها في تصوير الشارع الذي يعشقه.