الدواعش يخطفون "كعبة" الإرهاب العالمى من القاعدة

العدد الأسبوعي

عناصر داعش الإرهابية
عناصر داعش الإرهابية - أرشيفية


يجهزون لغزو أوروبا من أفغانستان

"ولاية خراسان" تحولت لعاصمة خلافة داعش.. وبريطانيا ترصد رسائل مشفرة تستهدفها بعمليات دموية


وضاعف من التوتر البريطانى على خلفية رصد الاتصالات السرية المشفرة بين «دواعش أفغانستان/ خراسان» وذئابهم المنفردة فى الأراضى الإنجليزية، أنها تلت مباشرة اشتراك لندن فى عملية عسكرية ناجحة بالتعاون مع كل من واشنطن وكابول، انتهت بتصفية زعيم الدواعش الأفغان، أبو سعد الرهابى، بضربة جوية مركزة نهاية أغسطس الماضى.

الرغبة الداعشية فى الانتقام لمقتل قائد التنظيم فى طبعته الأفغانية بالتأكيد صارت كبيرة للغاية.

ورغم أن واشنطن على وجه التحديد تدعم وفق معلومات استخباراتية أجنبية عدة، وعلى نحو ما، داعش أفغانستان، بل تشرف على نقل مقاتلى التنظيم الفارين من سوريا والعراق إلى هناك، لمساعدتها على ضرب النفوذ الروسى، ناهيك بطالبان ومن خلفها القاعدة، فإن الإدارة الأمريكية لا تتردد وحليفتها بريطانيا فى تقليم أظافر «ولاية خراسان» حتى تبقى الأمور تحت السيطرة.

غير أن الهلع البريطانى الحالى بعد رصد الرسائل المشفرة الطائرة من أفغانستان إلى لندن وعدد من المدن الإنجليزية الأخرى، وعلى رأسها مانشيستر، يكشف بوضوح أن الحسبة الأمريكية ليست فى محلها على الدوام.

واشنطن ومعها لندن ربما فوجئتا بذلك الجنوح الكبير من قبل أعضاء وقيادات بالقاعدة وطالبان للالتحاق بداعش.. الأخير تحول بشهادة رسمية حديثة من مجلس الأمن والأمم المتحدة، إلى «شبكة عالمية» جاذبة. أى أنه أصبح تقريبًا الوريث الإجبارى لنفوذ أسامة بن لادن ورجاله حول العالم، وفى أفغانستان على وجه التحديد، حيث كعبة الجهاد العالمى التاريخية.

«منها انطلقنا وإليها نعود».. هكذا صار لسان حال العشرات من المقاتلين العرب والأجانب المنخرطين حاليًا فى صفوف داعش أفغانستان، فيما كانت بدايتهم الأولى تحت لواء القاعدة، قبل أن يتحولوا لجنود فى خلافة أبو بكر البغدادى بعد عودتهم من سوريا والعراق.

ما يثير كثيرًا من الصخب فى أفغانستان حاليًا، ليست سيرة التقاتل الكبير بين تنظيمى داعش والقاعدة، بل ذلك التحول المتزايد من جانب قادة وكوادر الأخيرة للالتحاق بشبكة «داعش السرية»، ضاربين عرض الحائط بذلك العنف الكبير الذى يمارسه أعضاء طالبان «حليف» القاعدة تجاه الدواعش سواء كانوا متحولين أو أعضاء أصليين.

تكفى الإشارة هنا، إلى أن الأيام الأخيرة شهدت إعلان حركة طالبان عن إعدام قياديين فى داعش بإقليم ننجرهار، إضافة إلى إعدام 3 داعشيات أخريات من أصل شيشانى، وذلك بعد حفلة اغتصاب جماعى بولاية جوزجان.

طالبان والقاعدة يتفننان فى التنكيل بالدواعش، إذ إن نفوذ الأخير، وبشهادة رسمية من قبل الحكومة الأفغانية قد صار الأكبر والأعلى فى البلاد.

وللمفارقة، فإن أعداء الأمس صاروا أصدقاء اليوم.. طالبان وظلها القاعدة، ممن حاربوا فى عقدين كاملين الاتحاد السوفيتى السابق، أصبحوا أكبر حلفاء الروس حاليًا.

موسكو تدرك الخطة الأمريكية الرامية إلى تطويقها بمقاتلى داعش الهاربين من سوريا والعراق إلى دول الاتحاد السوفيتى السابق كالشيشان وجورجيا وغيرهما، أو بزملائهم الفارين إلى مركز الخلافة الداعشية الجديدة فى أفغانستان، وهى دولة جوار مهمة لروسيا أمنيًا واستراتيجيًا.

على هذا النحو تمنح موسكو طالبان علنًا، والقاعدة فى الكواليس، كل الدعم المطلوب لضرب المصالح الأمريكية فى أفغانستان والمنطقة.

روسيا تسلح طالبان والقاعدة، وتتدخل ماليًا لاستمالة القبائل وحشدها خلف الحركة والتنظيم.

بل تشرف بنفسها على عمليات تجنيد كوادر شابة لحساب القاعدة وطالبان، وتساعد كذلك فى وضع الإطار العام لخطط العمليات التى تهدد المصالح الأمريكية.

وبالتوازى مع ذلك، تحتضن محادثات رسمية لدفع طالبان إلى واجهة المشهد الأفغانى ليصبح انتصار موسكو على واشنطن مدويًا عسكريًا وسياسيًا.

هكذا تدور المعركة فى أرض الخلافة الداعشية الجديدة، الملاذ الأكثر أمنًا على ما يبدو فى تلك اللحظة لفلول دواعش سوريا والعراق.

الأمم المتحدة أقرت بذلك صراحة فى تقرير رسمى صادر فى 23 أغسطس الماضى، وتمت مناقشته فى جلسة عامة بمجلس الأمن حول مخاطر داعش.

بوضوح يشرح التقرير كيف أصبح داعش شبكة عالمية سرية مترامية الأطراف، وكيف صارت أفغانستان مركز دولته الافتراضية.

يقول التقرير حسب الترجمة الرسمية للأمم المتحدة: إن توقف تدفق المقاتلين إلى العراق وسوريا، قد توازى مع تهديد متصاعد من قبل شبكة داعش العالمية، لافتًا إلى أن التهديد الداعشى العابر للحدود قد صار متنوعًا وصعب التنبؤ به، وبخاصة مع تحول بنية الدولة الأولية «الدولة الإسلامية» وتحولها إلى شبكة سرية.

كما أن نفوذ داعش أخذ فى الاستمرار فى جميع أنحاء العالم من خلال الشركات التابعة له والوسطاء، فى حين لا يزال يثير كثيرًا من القلق ارتفاع حجم الرسائل المشفرة تجاريًا فى أوروبا.

النقطة الأخيرة بالذات هى التى دعت بريطانيا للانتفاض، بعدما صار التهديد حقيقيا على خلفية رصدها للمراسلات القادمة من أفغانستان نحو أراضيها، وعليه قررت لندن رسميًا ضرب داعش خراسان «عاصمة الخلافة الجديدة» فى المنبع.

ولعل أصعب ما تواجهه بريطانيا وأوروبا بوجه عام، أن الاتصالات القادمة تصل إلى موقوفين سابقين بتهمة الانضمام لداعش أو التعاطف معه، وهى المشكلة التى قالت عنها الأمم المتحدة، إن الدول تواجه مخاطر محتملة ناجمة عن الإفراج الاعتيادى عن المقاتلين الأجانب المسجونين بعد انتهاء فترات سجنهم. فقد يعودون، للانخراط فى أنشطة إرهابية.

كما أن هناك العديد من الدول غير متأكدة من فعالية أدوات المراقبة التى تم تطويرها لهؤلاء الأفراد، وقد أُعطى العديد من هؤلاء المقاتلين أحكامًا قصيرة نسبيًا، وربما لم تتح لهم فرص كافية للخضوع لإعادة التأهيل وإعادة الاندماج قبل الإفراج عنهم.