رعب إسرائيلي بسبب ترشح 90 مسلما بانتخابات الكونجرس الأمريكي

العدد الأسبوعي

الكونجرس
الكونجرس


قبل 12 عامًا وتحديدًا فى نهاية عام 2006، شهدت ولاية مينيسوتا، الأمريكية حدثاً تاريخياً فريداً، بعد نجاح نائب مسلم، يدعى كيت أليسون، للكونجرس لأول مرة فى تاريخ الانتخابات الأمريكية.

كان من المثير، أن يهود الولاية منحوا أصواتهم وقتئذ لـ«أليسون»، لأنه ينتمى للحزب الديمقراطى، على حساب منافسه اليهودى الجمهورى «ألان بين»، وبعد عامين صوتت الولاية ذاتها، لشاب أسمر البشرة، ابن لرجل مسلم، لانتخابات الرئاسة الأمريكية وهو باراك أوباما، وبهذا تكون «مينيسوتا» بدأت عصراً جديداً يُعلن انتهاء زمن إبعاد المسلمين عن السياسة الأمريكية، وانتهاء الشكوك الغريزية تجاه كل مسلم، بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

بهذه المقدمة وتحت عنوان «المسلمون يتدافعون على الصناديق الانتخابية»، أشارت صحيفة معاريف الإسرائيلية، إلى ظاهرة انتشار النواب والمسئولين المسلمين داخل الساحة السياسية الأمريكية، معربة عن قلقها بعد ارتفاع عدد المرشحين المسلمين لخوض انتخابات الكونجرس، والتى ستقام فى نوفمبر المقبل، لأكثر من 90 مرشحاً.

«معاريف» رأت فى ارتفاع أعداد المرشحين المسلمين للكونجرس، فرصة للديمقراطيين لضرب دونالد ترامب، وحزبه الجمهورى فى مقتل، والتأكيد عن عدم رضاء الأمريكيين عن سياسته، طوال العامين الماضيين.

الصحيفة لفتت إلى تحقيق نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، عن العدد الكبير للمرشحين المسلمين فى انتخابات الكونجرس، لافتةً إلى أنهم مرشحون لشغل مناصب ومهام منها الرفيع ومنها المتوسط، داخل المجالس التشريعية الإقليمية، إلا أن معظمهم لن يفوز فى هذه الانتخابات، وهو أمر شائع فى المنافسات السياسية، ولكنها نبهت، إلى أن مجرد ترشحهم يشير إلى حدوث تحولين مهمين، الأول هو وجود الاستعداد والرغبة لدى المسلمين للانضمام للساحة السياسية الأمريكية دون خوف وإيمانهم بإمكانية الفوز، وثانياً هو وجود استعداد كبير وملحوظ داخل المعسكر الديمقراطى، لانتخاب المسلمين لشغل مناصب ووظائف عامة.

تابعت الصحيفة الإسرائيلية أن المسلمين يمثلون أقلية ضئيلة داخل الولايات المتحدة، وعددهم يتجاوز 3 ملايين بقليل، قدموا من ماليزيا والهند والأردن ومصر ولبنان وفلسطين، إلا أنهم فى زيادة، بسبب ارتفاع نسبة المواليد، واعتناق عدد كبير من الأمريكيين سنوياً للإسلام، خصوصاً من الزنوج.

وقبل عدة أشهر أظهرت نتائج معهد «فيو» لاستطلاعات الرأى، أنه حال استمرار هذ النسبة، فخلال الـ30 عاماً المقبلة، سيُصبح عدد المسلمين فى الولايات المتحدة، أكبر من اليهود، الذين يمثلون 2 % من السكان فيما يبلغ تمثيلهم فى الكونجرس، خلال السنوات الماضية، 10%.

ويوجد 2 فقط يمثلون المسلمين بالكونجرس، وهما كيت أليسون، وأندريه كارسون، والأخير زنجى اعتنق الإسلام، وتم اختياره ليحل مكان جدته التى كانت تعمل كمشرعة.

الصحيفة تطرقت لأبرز المرشحين المسلمين لخوض انتخابات الترشح للكونجرس، والمتوقع فوزها، وهى رشيدة طاليب، الفلسطينية الأصل، التى تسعى لتكون أول مسلمة فى الكونجرس وتطالب الناخبين فى «ديترويت» بمنح أصواتهم لها، وسبق لها أن أصبحت المسلمة الأولى فى المجلس التشريعى السياسى لولاية ميتشيجان، محذرة من أن رشيدة ليس من المتوقع أن تخدم اليهود أو الإسرائيليين، أو أن تكون من المصفقين لبنيامين نتنياهو حال حضوره للكونجرس خصوصاً أنها قالت فى إحدى المناسبات، إنها تنظر للأمور بنظارة حقوق الإنسان.

ويرى شموئيل روزنين، خبير الشئون العربية والإسلامية، بالصحيفة، أن المرشحين المسلمين، لديهم رغبة فى استغلال كراهية الأمريكيين لترامب، للانقضاض على مقاعد الكونجرس، مشيراً إلى أنه رغم كراهية المنتمين للمعسكر الجمهورى للإسلاميين، وعبر عدد كبير من الأمريكيين عن إمكانية منح أصواتهم لمسلم، من أجل إدارة مؤسسة تعليمية مثلاً، إلا أنهم يتمتعون بتأييد أو ربما بموقف محايد من جانب الديمقراطيين الغاضبين من ترامب.

وأضاف إن هذا الأمر قد يضر بالسياسة الأمريكية أيضاً، حيث سيؤدى لتدافع الديمقراطيين للتصويت للإسلاميين، لحدوث صحوة سياسية لدى الجمهوريين أيضاً، وسيؤدى ذلك لتدافع الناخبين اليمينيين المتشددين نحو صناديق الاقتراع بشكل رهيب.

وتطرق «روزنين» فى النهاية لحالة التناقض التى قد تمس الساحة السياسية الأمريكية، وبقوله إلى أنه بمرور السنوات أصبحت الساحة السياسية الأمريكية، أكثر تسامحاً أمام كل الديانات والعرقيات، بجانب ابتعاد الأحزاب والناخبين عن تصنيف المرشحين وفقاً للديانة أو النوع، حتى عندما تم انتخاب باراك أوباما، تناثرت الشكوك فى أنه يدين بالإسلام فى الخفاء، إلا أن معظم الناخبين أكدوا أن الأمر عبثى وتافه، وأصبح هناك مرشحون ذوو أصول هندية وصينية ومن الزنوج أيضاً، عكس الماضى، وبمعنى أوضح، حيدت السياسة الأمريكة مسألة الدين تماماً لاختيار من يشغلون المناصب الرفيعة.

وفى المقابل فإنه لزاماً على الناخبين أن يذكروا أن فوز أى مرشح مسلم، فى الوقت الحالى سيمثل إزعاجاً شديداً لترامب، وسيكون شوكة فى ظهر ناخبيه، وسيجسد فوزه مدى نفور الأمريكيين من الرئيس الأمريكى، وأن انتخاب الشخصية المسلمة، ماهو إلا نوع من الاحتجاج، وهذا التناقض سيحاول الحزب الديمقراطى استغلاله، فى حين سيسعى الحزب الجمهورى لتدميره والقضاء عليه نهائياً، وهو ما سيؤدى لتدافع المسلمين على صناديق الانتخاب، وعلى الجانب الآخر سيزيد من كراهية الأحزاب الأخرى للمسلمين.