عادل حمودة يكتب: بروتوكول حكماء "الدوحة وتل أبيب وواشنطن ولندن" فى وثائق سنودن

مقالات الرأي



تأجيج الصراع بين السنة والشيعة وإنفاق المليارات على صناعة القصص الصحفية الكاذبة

المخابرات الأمريكية تساعد فى خروج أبومصعب الزرقاوى من سجون عمان للتدريب فى قطر

تسليم الإرهابى أبوبكر البغدادى لإسرائيل وتدريبه على قتل العرب

الاجتماع الأول أقيم فى قصر أمير قطرى بلندن


فى مارس الماضى فوجئت أسواق الطائرات الخاصة بعرض الشيخ حمد بن خليفة لبيع طائرته الحديثة (طراز بيونج 747 800) محتفظا بطائرته القديمة (طراز بيونج 747 أس بى) ولم يرجع السبب إلى ما اشتهر عن أمير قطر السابق من تصرفات يخاصمها المنطق ويهجرها العقل وإنما كان هناك سبب آخر مختلف تماما وراء قراره.

كانت هناك علاقة صداقة متينة بين حمد بن خليفة وهو يحكم قطر وبشار الأسد جعلته يقرر إهداء طائرة خاصة إليه وبالفعل أصدر أمرا لشركة بوينج بتصنيع الطائرة ولكن المخابرات السورية عرفت أن الدوحة طلبت من شركة متخصصة فى التجسس زرع أجهزة تنصت فى الطائرة فاعتذر الأسد عن قبول الهدية الملغومة بما يفضح أسراره وأفكاره.

ما أن انتهت بوينج من تصنيع الطائرة حتى أرسلتها إلى قطر ولكن حمد بن خليفة لم يفكر فى استخدامها أو ضمها إلى أسطول طائراته الخاصة خشية أن ينقلب السحر على الساحر وتتنصت ميكروفوناتها وكاميراتها الخفية عليه فقرر التخلص منها.

لكن خيانة حمد بن خليفة لصديقه بشار الأسد لم تتوقف عند هذا الحد.

ما أن بدأت التظاهرات المعارضة لنظام الأسد تشتعل مطالبة برحيله حتى أرسل حمد بن خليفة رسالة إلى خالد مشعل مشفوعة بإغراء مالى تحذره من مساندة النظام الذى استضافه هو ورجاله بعد أن ضاقت بهم السبل ونفذ رئيس المكتب السياسى لمنظمة حماس الأمر بل أكثر من ذلك أمر المقربين منه بالمشاركة فى التظاهرات وفى أول فرصة غادر دمشق متجها إلى الدوحة.

لم تتوقف قطر فى مساندة التنظيمات الدينية المسلحة حتى تجهز على الأسد وتسقط نظامه وتفتت دولته حتى أصبح فى سوريا بعد سبع سنوات من الحرب الأهلية 148 ألف مقاتل ينتمون إلى 78 جنسية وأنفقوا على التسليح والتدريب والعمليات العسكرية والتفجيرات الإرهابية نحو 137 مليار دولار ساهمت خزانة الدوحة فيها بنصيب كبير بجانب ما انفردت به من مليارات.

هذه الأرقام كشفت عنها وثيقة وضعها إدوارد جوزيف سنودن فى عين أجهزة المخابرات الغربية.

سنودن الذى لا يزيد عمره على 35 سنة أمريكى الجنسية بوذى الديانة عمل فى وكالة الأمن القومى بعد أن خدم فى وكالة المخابرات المركزية ولكنه لم يحتمل برامج التجسس الأمريكية على مكالمات وإيميلات الناس فى بلاده بعد أن أجبرت شركات المعلومات والاتصالات على ذلك فهرب إلى هونج كونج ليكشفها وقبل القبض عليه وجد طريقه إلى موسكو حيث يستقر هناك بعيدا عن طلبات تسليمه لمحاكمته بتهمة تسريب وثائق سرية تتعلق بالأمن القومى لبلاده.

من الوثائق التى أتاحها لنا وثيقة ترصد كيف ساهمت المخابرات البريطانية والأمريكية والإسرائيلية فى إنشاء التنظيمات الإرهابية التى تدعى الآن أنها تحاربها وتسعى للقضاء عليها فيما يشبه الحرب على طريقة الفيديو جيم.

فى يوم 19 أغسطس عام 2004 اجتمع فى قصر أمير قطرى (لم يحدد اسمه) يقع جنوب لندن مديرو المخابرات الثلاثة لمدة أربعة أيام لم يناموا فيها وليضعوا خطة تكوين تلك التنظيمات ليحققوا من نشاطها عدة أهداف منها: تجميع المقاتلين الإسلاميين من جميع دول العالم وحصرهم فى منطقة الشرق الأوسط لتطهير الغرب منهم بما يجعله يعيش فى سلام بجانب النفخ فى نار الخلاف السنى الشيعى لتقسيم الدول العربية ومحاربة حزب الله وحصار إيران.

عرفت هذه العملية باسم عش الدبابير أو سوابس نست وتولى تنفيذها العقيد فى المخابرات البريطانية مايكل أريسون الذى يجيد اللغة العربية بلهجة فلسطينية ورصدت له ميزانية وصلت إلى 860 مليون دولار فى البداية وراحت تتزايد فيما بعد.

بمساعدة وكالة المخابرات المركزية خرج أبو مصعب الزرقاوى (أحمد فاضل نزال الخلايلة) من أحد سجون عمان لينقل إلى قاعدة صغيرة جنوب الدوحة وهناك نال تدريبا عسكريا ومخابراتيا متميزا قبل أن يبدأ عمليات تنظيمه الجديد (الدولة الإسلامية فى العراق التى أضيف إليها الشام فيما بعد).

نقلت الأموال إلى الزرقاوى سرا بالشاحنات ليرسلها إلى المتدربين فى معسكر مراد نضلمى على أرض مدينة غازى عنتاب التركية بهدف تدمير المقاومة المسلحة فى العراق ضد القوات الأمريكية وحققت نجاحا مؤثرا.

ولكن باتساع نفوذ الزرقاوى وانضمام مئات من الشباب إليه انفرد بالسيطرة على مناطق حيوية فى الموصل وتكريت والأنبار مما أشعره بقوته فبدأ يتمرد على صانعه العقيد ماير أريسون الذى لم يتردد فى قتله يوم 7 يونيو عام 2006 فى منطقة تسمى بعقوبة.

لم تتعلم المخابرات المركزية من درس أسامة بن لادن الذى دربته هو و20 ألفا من رفاقه على الجهاد فى أفغانستان ضد القوات السوفيتية المحتلة والكافرة لتبارك بما فعلت تنظيم القاعدة ولكن التنظيم سرعان ما وجه هجماته نحو الولايات المتحدة فى ضربة مؤلمة قبل 17 سنة ليصبح حلفاء الأمس أعداء اليوم وليتحول المجاهدون إلى إرهابيين.

أصبح بن لادن العدو رقم واحد الذى لابد من القضاء عليه وفى يوم الثانى من مايو عام 2011 اقتحمت فرقة محمولة جوا مخبأة فى أبوت باد (أفغانستان) والقيت جثته فى المياه حتى لا تتحول مقبرته على الأرض إلى مزار ورغم ذلك أقيمت صلاة على روحه فى كنيسة بفلوريدا وتقبل متظاهرو ميدان التحرير العزاء فيه.

تسلم التنظيم إبراهيم البدرى المكنى بأبى بكر البغدادى الذى كان معتقلا فى سجن بوكا على أطراف بغداد وخرج منه لتحمله على الفور طائرة عسكرية إلى تل أبيب ليدربه الموساد عسكريا ومخابراتيا فى معسكر نحال موشي.

فى إبريل عام 2007 سافر البغدادى إلى إسطنبول ومنها إلى تل أبيب ليطلب منه تنفيذ مهمة جديدة بعد أن فشلت مهمة مساعدة إسرائيل فى القضاء على حزب الله فى حرب استمرت 33 يوما ولكنها خرجت بخسائر هائلة فى الجنود والمعدات.

كانت المهمة الجديدة تجميع أعداد كبيرة من المقاتلين السنة من دول عربية وأوروبية مختلفة ليبدأوا العمل ضد النظام السورى بعد أن تولى ضابطان لبنانيان هما أشرف ريفى ووسام الحسن تهريب الأسلحة وضخ الأموال إلى القرى السورية التى يتواجد فيها تنظيم الإخوان.

وما أن بدأت العمليات فى درعا حتى كان فى سوريا 7 آلاف مقاتل تلقى كل منهم راتبا شهريا 750 دولاراً وبتوسع العمليات أصبحت سوريا قاعدة للتنظيم ينطلق منها المقاتلون لتنفيذ المهام التى يكلفون بها فى الدول العربية المختلفة مستغلين حالة الفوضى التى سببتها ثورات الربيع العربي.

فى تلك الفترة بدأ الدور القطرى فى تحويل مسار الثورات ناحية التنظيمات الإسلامية التى توصف بالمعتدلة لتفوز بالسلطة حتى تستوعب التنظيمات الإسلامية المتشددة والمتطرفة لإبعاد الغرب عن ميادين عملياتها الإرهابية حسب الخطة التى وضعت فى صيف عام 2004.

هنا وجدت الأموال القطرية طريقها إلى جماعات خفية فى الدول العربية لتنفذ دورها فى الخطة مقابل حماية نظامها.

حسب ما ذكر حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر الأسبق فإن الدوحة أنفقت فى سوريا 137 مليار دولار للقضاء على نظام الأسد وكان الأدق أن يقول: إن الأموال التى أنفقت أضعفت الجيش السورى وأبعدته عن المواجهة مع إسرائيل ليكتفى بحماية نظامه وليقبل بدولة كوردية تستقطع من الخريطة السورية.

وحسب ما سمعت من محمد حسنين هيكل فإنه سأل حمد بن خليفة عن سر حماسه لإسقاط نظام مبارك وكما نشرت من قبل فإنه تلقى منه إجابة أدهشته:

إننى أحب الديمقراطية.

ولم يسأله هيكل:

لم لا يطبقها فى بلاده؟.

فقد رفض هيكل إغضابه وهو فى قصره يتمتع بكرم الضيافة.

وتضاعف انزعاج هيكل عندما ادعى حمد بن خليفة أنه أنفق أموالا من خزانته على ميدان التحرير وإن لم يقدم دليلا على ما قال ولكن أجهزة أمنية أخبرت مبارك عن أموال قطرية تقدر بخمسين مليون دولار على الأقل سترسلها الدوحة إلى جماعة الإخوان لضمان سيطرتها على الثورة بعيدا عن الديمقراطية التى يعشقها حمد بن خليفة أكثر من التدخين وعرفت وزارة الداخلية فيما بعد أن تلك الأموال دخلت مصر عبر مطار برج العرب.

وحسب سنودن فإن وزارة الدفاع الأمريكية أنفقت خلال عملية غزو العراق نحو 540 مليون دولار لصناعة الأخبار والتقارير الكاذبة وتولت شركة بيل بوتينجر المهمة فى عقد سنوى بقيمة 120 مليون دولار ولكن ما قدمته قناة الجزيرة فى الترويج للأوهام الأمريكية تزيد قيمته كثيرا عن ذلك المبلغ وتولت الوساطة الشيخة موزة بعد لقاء جرى فى صالون السيجار فى الطابق الأول من بيتها فى لندن.

ولكن بعد الحصار الذى وجدت قطر نفسها فيه أجبرت على أن تكشف حساباتها المالية لوزارة الخزانة الأمريكية حتى تنفى علاقاتها بالعمليات الإرهابية التى انفجرت بعد الحصار وفى الوقت نفسه اتفقت قطر مع وكالات المخابرات الأمريكية والألمانية والبريطانية والإسرائيلية على أن ترسل صورة من ملفاتها أولاً بأول لتؤكد لها أنها تنفذ تعليماتها سواء فى دعم تنظيمات إرهابية أو فى مواجهتها مما يؤكد أن موقف الغرب النهائى من تلك التنظيمات لم يحسم بعد.