محمود فوزي يكتب : الأحداث الخاصة ..صناعة ضخمة وتحديات واقعية متلاحقة

ركن القراء

بوابة الفجر


تعد الأحداث الخاصة Special Eventsأحد أدوات مزيج الاتصالات التسويقية المتكاملة، كما تعد استراتيجية اتصالية متكاملة توظّف أنشطة العلاقات العامة لتحقيق أهدافها الاتصالية والتسويقية التي تسعي إليها المنظمة؛ نظرًا لما تتضمنه هذه الفعاليات من عناصر جذب وتشويق تثير اهتمام الأفراد وتشغل تفكيرهم وتظل عالقةً في أذهانهم لفترة طويلة، ومن ثم تعزيز فرص الاتصال بالجمهور العام وبالمجتمع المحلي أو ببعض الجماهير النوعية، ولعل هذه المزايا تمثل في ذات الوقت تحديات واقعية متلاحقة تهدد بشكل مستمر كل العاملين بهذه الصناعة .
وتتفاوت هذه التحديات وفقا لمعايير متعددة ،أبرزها حجم الحدث ونطاق انعقاده ، وطبيعة موضوعه ـو الهدف من إقامته ،وكذلك مكان انعقاده ودورية تنظيمه ، ويركز المقال الحالي علي أحد أبرز أنماط التحديات التي تعاني منها صناعة الأحداث وما يتصل بها من صناعات أخري وثيقة الصلة ، وهي العوائق التنظيمية ،نظرًا لكونها المشكلة الأعظم التي يعاني منها – للأسف الشديد- مجتمعنا المصري بشكل ملح .
وتظهر هذه التحديات التنظيمية مصاحبة لسوء الإدارة وتدني مستوي التخطيط ، كالاضطرابات وأحداث الشغب المصاحبة لانعقاد بعض الأحداث الخاصة مما يؤدي لعواقب سلبية كالتكدس والعنف أثناء فعاليات التسجيل بالحدث أو أثناء التقاط الصور التذكارية مع كبار المسؤولين أو توزيع الهدايا المصاحبة لبعض الأحداث ؛ فضلًا عن تأثّر الحدث بالظروف والمتغيرات السياسية في المجتمع مستضيف الحدث الذي قد يشهد وقفات احتجاجية ومظاهرات ، وقد يصل الأمر إلي تنظيم مسيرات شعبية غير أخلاقية تعصف بالصورة الذهنية للمجتمع وللدولة مستضيفة الحدث - لاسيما في الأحداث الدولية الكبري التي تشهدها جماهير من دول مختلفة .
وقد شهدت ملاعبنا الرياضية الكثير من هذه التحديات نتيجة للزحام الشديد أثناء حضور المباريات أو أثناء شراء التذاكر ، وبالمثل أيضًا شهدت دول العالم بعض من هذه العوائق التنظيمية ، كمسيرات العراه التي شهدتها شوارع البرازيل قبيل تنظيم كأس العالم لكرة القدم عام 2014؛ اعتراضًاعلي بعض اللوائح الإدارية والتنظيمية للبطولة ، واحتجاجًا علي الاستخدام السييء للمرأة في الدعاية للبطولة.
وتكمن خطورة المثال السابق في اقترانه الواضح بأبعاد سياسية ،واستقطابات أيديولوجية معينة ، قد تصل إلي تطور النشاط الإجرامي المصاحب لانعقاد الفعاليات، وظهور عصابات المافيا الدولية ، وما تمثله من صعوبات بالغة في أعمال التأمين لكبار المسئولين والشخصيات المشهورة؛ ممن تستضيفهم الأحداث الخاصة الكبري ، وهو ما قد يسبب تأجيل دورة انعقاد الحدث أوعدم تنظيمه ، وقد يصل الأمر إلي انسحاب بعض الشركات أو حرمانها من المشاركة.

ويشهد التاريخ المعاصر علي ذلك ، حيث أعلن منتخب توغو لكرة القدم انسحابه من بطولة كأس الأمم الأفريقية 2010 لكرة القدم بعد الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له حافلة منتخب توغو والذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة تسعة آخرين ، وكذلك أحداث الشغب العنيفة بيم الجماهير الإنجلزية والروسية في المباراة التي جمعت بينهما ببطولة الأمم الأوربية لكرة القدم عام 2016 ، والتي ألقت بظلالها علي خطورة تكرار مثل هذه المشاهد والوقائع في المزنديال الروسي الأخير 2018 ، والتي شاركت فيه إنجلترا
ويأتي الوجه الثاني من هذه التحديات متمثلا في الموارد البشرية ذاتها ، حيث فرض التقدم التكنولوجي المذهل في شتي المجالات -لا سيما مع تغير أنماط الحياة - ضرورة الارتقاء بمهارات وقدرات موظفي ومنظمي الأحداث الخاصة من حيث الدراية والإلمام باللغات وتطبيقات الحاسب وبحوث الإحصاء والتسويق ؛ فضلاً عن مهارات الإتيكيت والدبلوماسية العامة، والمعرفة بأعمال إنتاج المطبوعات، ومهارات الاتصال والتفاوض والقدرة علي الإقناع، كما تتطلب الأحداث الخاصة الدولية الكبري من منظميها الإجادة التامة للغات الأجنبية للرد علي تساؤلات الزوار من مختلف الجنسيات، وصياغة تقارير الحدث وبياناته الصحفية وترجمتها لأكثر من لغة .
ويمكن تفادي حدوث هذه التحديات التنظيمية ، من خلال إرساء برامج إدارية ومعايير علمية عالية الجودة في تنظيم الفعاليات ، إلي جانب تطوير نماذج علمية لقياس و تقدير فاعلية إدارة الفعاليات- علي اختلاف أنواعها- في تحقيق الأهداف المنشودة ، وتقييم العلاقة بين هذه الأهداف المنشودة وبين النتائج المتحققة، مع مراعاة وجود قدر كاف من المرونة في واقعية تطبيق كل نموذج ،وفقا لطبيعة المجتمع مستضيف الحدث ، ووفقا لنطاق إقامته وحجم جماهيره .