مهرجانات لبنان الموسيقية تعاني من أجل الاستمرار في ظل ظروف صعبة

الفجر الفني




قدمت شاكيرا وإلتون جون حفلات فنية في لبنان خلال الأشهر القليلة الماضية لكن رغم ذلك فإن المهرجانات الموسيقية الصيفية التي ساهمت في جعل البلد واجهة ثقافية عربية تعاني من بعض الصعوبات.

وفي ستينات وسبعينات القرن العشرين قدم كبار النجوم آنذاك مثل إيلا فيتزجيرالد ونينا سيمون ومايلز ديفيس وكوكب الشرق أم كلثوم وفيروز حفلات بين أطلال المعابد الرومانية في مهرجانات بعلبك أو البلدات الساحلية الجميلة.

وكان يأتي لحضور الحفلات صفوة السياح من الخليج الذين ينفقون أموالا كثيرة كما ساعدت المهرجانات في التقريب بين اللبنانيين.

لكن كل هذا كان قبل الحرب الأهلية اللبنانية التي دارت رحاها بين 1975 و1990.

وقالت نورا جنبلاط رئيسة مهرجانات بيت الدين ”أكيد إننا نخاف من أن نصل إلى محل لا نستطيع فيه أن نكمل.. اليوم من الضروري حماية هذه المهرجانات“.

ورغم مشاركة بعض من أشهر الأسماء في المهرجانات هذا العام يعاني المنظمون من عدم الاستقرار بالمنطقة وضعف الاقتصاد اللبناني وصعوبات في التمويل.

وأثرت سنوات من الجمود السياسي على السياسة المالية مما أدى إلى تفاقم أحد أعلى مستويات الدين العام بالعالم. ومع بدء الحكومة في اجراءات تقشف قامت بخفض دعمها للمهرجانات وزادت من الضرائب عليها.

محتوى دعائي

وقالت نايلة دو فريج رئيسة مهرجانات بعلبك الدولية ”نقول للدولة اللبنانية ما تنزلوا لنا المساعدات، ما تكتروا الضرائب“.

وأثر التراجع التدريجي للاقتصاد على رعاية الشركات الخاصة للمهرجانات، كما ساهم الخوف من انتشار الحرب في سوريا المجاورة ووقوع لبنان في محيط صراع النفوذ الإقليمي بين إيران والسعودية في إبعاد السياح الخليجيين.

لكن بعد إبرام اتفاق في 2016 ساعد على إجراء أول انتخابات برلمانية خلال تسع سنوات في مايو أيار الماضي، ومع ابتعاد الحرب في سوريا عن الحدود اللبنانية بدأ الساسة في التحدث عن تعافي المهرجانات.

وقال وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال رائد خوري ”المهرجانات كثير مهمة لأنها تعطينا الوجه الحضاري للبنان وحيوية للبنان وتعطي صورة للخارج إنه بلد الترفيه“.

وأضاف ”نحن اليوم في مفصل بلبنان، هذا المفصل هو أساسي ونعيد اعمار بنى تحتية بلبنان وبنفس الوقت النظرة الاقتصادية وهويته عم تتكون ورح يصير عندنا خطة وخريطة طريق“.

تاريخ وفخر
وعما إذا كان هذا سيساعد المهرجانات أو يعيد سياح الخليج فيبدو ذلك غير مؤكد، فالفائزون في انتخابات مايو أيار هم حلفاء حزب الله المدعوم من إيران والذي تصنفه دول خليجية جماعة إرهابية وتعتبره تهديدا على مواطنيها.

وقالت المسؤولة الثقافية في لجنة مهرجانات بيبلوس بجبيل إلهام كلاب ”اللي أثر علينا هو عدم حضور كل الإخوان العرب من بلدانهم. يعني كان يجينا عدد كتير كبير، وفيه ناس كان ييجوا بالطيارة يحضروا حفلة ويرجعوا“.

ويقام مهرجان بيبلوس على أطلال المدينة الأثرية المطلة على البحر المتوسط بالقرب من البلدة القديمة ذات المعبد الفينيقي والمسرح الروماني والقلعة الصليبية والسوق.

وقالت كلاب ”المسرح وفي مواجهته البحر المتوسط وعشرات الحضارات خلفه، عندما نقف وننظر إليه نشعر بالكثير من الفخر أننا في بيبلوس“.

ومسرح مهرجانات بعلبك الدولية - الأقدم في لبنان والتي بدأت في 1956 - هو الأكثر روعة ويتوسط معبدي جوبيتير وباخوس ويعد من بين أكبر المعابد الرومانية في العالم التي لا تزال في حال جيد.

لكن هذا المهرجان يعاني أيضا من ضغوط اقتصادية، فمثل باقي المهرجانات يحصل على عوائده من بيع التذاكر والرعاية والدعم الحكومي وهي جميعها عناصر تمثل ضغوطا.

وقالت دو فريج ”فيه صعوبات يعني بدنا نباطح ونحارب، وعندنا، متل ما بدنا نقول، بس كتير مهم من شانا إنه نخلي المستوى“.

ويرى منظمو المهرجانات وكثير من السياسيين أن المهرجانات تمثل أهمية ليس فقط لجذب السائحين لكن ترسم صورة لبنان كبلد آمن ومستقر وجاذب للزائرين.

وقالت جنبلاط وهي تتذكر أول دورة لمهرجان بيت الدين أثناء الحرب الأهلية في 1986 والذي كان حدثا فنيا جمع بين الناس ”حملت هذه المهرجانات الصورة الحضارية والثقافية.. هي التي تحمل شعلة لبنان“.

ويقام مهرجان بيت الدين في ذلك القصر الأنيق الذي يعود إلى العهد العثماني الواقع بقضاء الشوف حيث يبرز زوجها وليد جنبلاط كأحد القادة السياسيين الفاعلين.

لكن رغم أهميتها لقطاع السياحة ولبعض الناس ولصورة لبنان فإن هذه المهرجات لا تزال تواجه صعوبات.

وقالت زلفا بويز رئيسة مهرجان زوق مكايل الدولي ”لا أريد أن أكون متشائمة لكن هذا العام هو الأصعب على المهرجانات حتى الآن“.