قاتل "الأنبا إبيفانيوس" ليس غريبا

العدد الأسبوعي



المؤشرات تؤكد أن الفاعل حر داخل الكنيسة


لا أحد يعرف بعد من هو قاتل الأنبا إبيفانيوس، رئيس دير القديس أبومقار، بوادى النطرون، الذى تم العثور على جثته فجر الأحد الماضى، فى ممر مظلم بين «قلايته» وبين الكنيسة، ولكن المؤكد أن هذا الحادث البشع لن يمر ببساطة وهدوء، إذ إنه فجر مشاعر غضب بين الأقباط وأنفسهم لأن الرجل الذى يعبد الله فى قلب الصحراء، ينتمى إلى المدرسة الفكرية للأب متى المسكين، مؤسس الدير، وهو ما قد يشير إلى وجود يد داخلية وراء هذا الحادث.

ولن تمر الجريمة بهدوء أيضاً لأن البعض يحاول أن يدفع باتجاه أن الجريمة إرهابية، خصوصاً مع استهداف التنظيمات الإرهابية للأقباط طيلة السنوات الـ5 الماضية، بدءا من الهجوم الواسع الذى شنه أعضاء جماعة الإخوان، على الكنائس خصوصاً فى صعيد مصر، مروراً باستهداف الأقباط فى سيناء، ومحاولة استهداف مطرانية الأقباط بالإسكندرية عندما كان البابا تواضروس موجوداً داخلها، فضلاً عن استهداف كنيسة مارجرجس بمدينة طنطا بمحافظة الغربية، والتى يترأسها الأنبا بولا، وكيل البطريركية، ونهاية باستهداف أقباط من زوار دير الأنبا صاموئيل فى محافظة المنيا.

جميع الشواهد تشير إلى وجود دافع جنائى لمقتل الرجل الذى يصفه رهبان الدير المائة، بأنه متواضع للغاية رغم علمه ورئاسته للدير، حيث رفض ارتداء ملابس مغايرة لما اعتاده، كما رفض ارتداء العمامة أو حمل عصا الرئاسة التى تشير إلى المنصب الجديد كما كان يحرص على الجلوس فى المقاعد الخلفية فى أى احتفالية كما كان يصر على عدم الاحتفال أو الاحتفاء به بأى شكل.

والأنبا إبيفانيوس، من مواليد عام 1954 بمركز طنطا التابع لمحافظة الغربية، وتخرج فى كلية الطب وترهبن عام 1984، واهتم بالتراث والتاريخ القبطى وترأس مركز الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية ومركز مارمرقس للدراسات البحثية والتراث القبطى، كما كان أميناً لمكتبة المخطوطات بالدير الذى كان تحت رئاسة الأنبا متى المسكين حتى رحيله عام 2006، وظل الدير دون رئيس، حيث كان الأنبا ميخائيل مطران أسيوط، يقوم بمتابعته حيث كانت إدارة الدير مستقلة عن الكنيسة بسبب خلافات لاهوتية بين الأب متى وبين البابا شنودة الراحل.

وظل رهبان الدير يتبعون أفكار الأب متى، ثم التحق بهم رهبان جدد، من مدارس فكرية مختلفة ومع ترأس البابا تواضروس الثانى للكنيسة قرر فى عام 2013، انتخاب أسقف للدير من بين معتنقى أفكار متى المسكين حيث حصل الأنبا إبيفانيوس على أعلى الأصوات من بين نحو 100 صوت من الرهبان المشاركين فى التصويت فيما امتنع المخالفون لفكر متى والبالغ عددهم نحو 30 راهباً عن التصويت أو الترشح خصوصاً أن الاختيار كان من بين أكبر الرهبان سناً.

وخلال 5 أعوام هى مدة رئاسته للدير عمل إبيفانيوس على تعميره وتطوير أنشطته من زراعة وتصنيع لبعض المواد المزروعة، وظل يرتدى نفس زى معلمه «المسكين»، ورغم الخلاف الفكرى بين الرهبان إلا أن جميعهم كان يحبون إبيفانيوس لحرصه على لم شمل الجميع تحت مظلة الرهبنة والتعبد لله.

من الواضح أن قاتل إبيفانيوس، كان يعرف طبيعة المكان الذى اختاره لتنفيذ جريمته المنكرة، حيث اختار ممراً مظلماً، كما اختار الوقت فى ساعة مبكرة حيث الهدوء التام مستغلاً أن الدير يخلو من الكاميرات الداخلية، حيث رفضت إدارته تركيب كاميرات أو وجود حراسة داخلية لتأمين الرهبان، لذا ضرب القاتل الأنبا إبيفانيوس بآلة حادة على رأسه تسببت فى خروج أجزاء من المخ ووفاته فى الحال.

البابا تواضروس وجه خطاباً لرهبان الدير بعد مراسم الدفن والنعى الذى أصدره وأشاد فيه بالراحل بضرورة الابتعاد عن التصريح لوسائل الإعلام لأن الراهب إبيفانيوس مات وانقطعت علاقته بالعالم وحذرهم من الانحرافات، وأثارت كلمة «الانحرافات» تساؤلات عديدة خصوصاً فى الوقت الذى انتشرت فيه الشائعات، خصوصاً مع رفض بعض الجماعات القبطية العزاء فى الراهب بزعم أنه «مهرطق يتبع الفكر المتاوى».

جميع الأجهزة الأمنية على اختلافها تبحث عن القاتل وتقوم النيابة العامة بالاستماع لأقوال الرهبان وخدم الكنيسة، للبحث عن أى دليل يقود إلى القاتل، كما أنه هذه الأجهزة تفحص الواقعة التى جرت مؤخراً حين حاول شاب تسلق سور الدير للقفز داخله، حيث أمسك به حراس الدير ولكنهم تركوه بعد أن تبين أنه مريض نفسى، كما كشف تفريغ الكاميرات الخارجية أن الدير لم يدخله شخص غريب.