عصابات الصيد تهدد مشروعات الاستزراع السمكي

العدد الأسبوعي



تتسلل إلى بحيرة ناصر ليلا دون تصاريح أو موافقات أمنية


تبذل الدولة المصرية مجهودًا كبيًرا للسيطرة على الأسواق، والحد من جشع التجار وتحكمهم فى الأسعار، لذا اتجهت الحكومة إلى إنشاء عدة مشروعات، مثل «المليون رأس ماشية» و«الـ5 ملايين فدان»، بالإضافة إلى مشاريع الاستزراع السمكى.

ورغم ذلك، هناك من يقف عائقاً أمام هذه المشاريع العملاقة، يدمر بجهل تام ما حققته الدولة، ويعلى مصلحته الشخصية ومكاسبه المادية على حساب وطنه وأهله، وأكبر دليل على ذلك ما يحدث من استنزاف لخيرات بحيرة ناصر، إذ اتجهت مافيا متخصصة فى صيد الأسماك وتهريبها.

«الفجر» بدأت التحقيق فى الأمر، لمعرفة طرق صيد هذه الأسماك ووصولها إلى الأسواق فى القاهرة، وكشف لنا أحد موظفى هيئة الثروة السمكية، أن صيد الأسماك فى البحيرة يتم بشروط، هى الحصول على موافقة الجهات الأمنية، ومعرفة عدد الأفراد المسموح لهم باستقلال مركب، وأن تكون المركب المستخدمة فى العملية كبيرة، لأن «الفلوكة» والقوارب الصغيرة لا تصلح، بسبب خطورة بعض أماكن الصيد، وأن يتم تحديد خط سير المركب بالضبط مع إلزام قائدها بعدم البعد عنه.

الموظف تابع: «إلى جانب الموافقات الأمنية يتم استخراج تصاريح من هيئة الثروة السمكية، لضمان إشراف الهيئة على عملية الصيد برمتها، إلا أن المهربين يستخدمون طرقاً أخرى، تنحصر فى نزولهم إلى الصيد ليلاً، بعيداً عن أعين مشرفى البحيرة، كما يستخدمون الصيد صعقًا بالكهرباء، علاوة على الاستعانة بأنواع شباك مخالفة للمواصفات القانونية، مثل التى تشترط وجود 8 فتحات فى كل نصف متر مربع من شبكة الصيد».

وعن آلية التهريب، أوضح الموظف أن العملية تتم عن طريق عربات صغيرة مجهزة بثلاجات لنقل الأسماك التى يتم تجميعها بكميات كبيرة من الصيادين، وتسلك هذه السيارات مدقات جبلية قريبة من بحيرة ناصر، حتى تصل إلى أسفل الجبل، وتحديدًا منطقة إسنا، حيث يتم فرز الأسماك هناك على حسب الجودة والنوع والحجم، ثم تزن المافيا كل فئة على حدة، قبل تحميلها داخل شاحنات كبرى استعدادًا لتوزيعها على الأسواق.

واستطرد: حتى يسير المهربون على الطرق بأمان دون اعتراضهم من قبل رجال الأمن، يذهب أحد المهربين إلى جمعية صيد الأسماك التابعة لمدينة إسنا، وبعد التعاون مع أحد الموظفين المرتشين داخل الجمعية، للحصول على تصاريح مقابل نسبة عن كل كيلو جرام يتم بيعه، وهذا اكتشفته بنفسى صدفة ذات مرة، إذ وجدت الموظف يحصل على نصف جنيه على كل كيلو جرام من السمك المهرب.

وعن احتمالية تهريب تلك الأسماك إلى الخارج، أوضح موظف هيئة الثروة السمكية أنه يتم تهريب الأسماك إلى السودان عبر الحدود، لأن سعر الكيلو جرام هناك يتخطى السعر المحلى بفارق كبير، بالإضافة إلى استغلال قلة خبرة السودانيين فى الصيد، خاصة أنهم يعتمدون بشكل يومى على تناول الأسماك، التى تأتى إليهم من الحدود المصرية.

وتابع: تتم عملية التهريب من مياه أبو سمبل، ثم تمر من منطقة مائية بين مصر والسودان، وهى منطقة آمنة، لعدم وجود أمن نهرى بالبحيرة، وبعدها تدخل المركب منطقة حدودية بين البلدين، محظور على قوات الأمن التابعة للطرفين الاقتراب منها، وهناك تبدأ الاتصالات بين المهرب وتجار الأسماك الكبار فى السودان، لإتمام عملية التسليم فى هذه النقطة.

وتهريب الأسماك يمر بمراحل عدة، وكل مرحلة منها لها سعرها الخاص، على قدر المخاطرة والصعوبات، وسعر الكيلو أيضًا يختلف فى كل مرحلة من هذه المراحل، ويباع للوسيط بـ7 جنيهات للكيلو، والذى يبيعه بـ9 للمهربين المسئولين عن توزيع هذه الأسماك داخل أسواق المحافظات المختلفة، بعد توصيلها لهم عن طريق مدقات جبلية هناك عبر سيارات المجهزة، للتوزع على الأسواق بدءًا من محافظة قنا وصولاً لسوق العبور، الذى يباع الكيلو فيه بـ35 جنيها –بحسب الموظف.

وعلمت «الفجر» أن هناك بعض المهربين الذين يتكفلون بكل ما يلزم الصيادين طوال فترة وجودهم داخل المياه، من مراكب وشبك وطعام ومشروبات، ويتعاملون مع الصياد بشكل مباشر دون الحاجة إلى وسيط، مقابل ذلك يحصلون على كيلو الأسماك بسعر أقل.

كما تتم عملية تهريب أخرى داخل محافظة كفر الشيخ، خاصة عند التقاء مياه النيل بالبحر الأبيض المتوسط، وهى تهريب زريعة الأسماك، التى تعتبر ثروة إنتاجية كبيرة، تهدر بصيدها وبيعها للمزارع السمكية الخاصة، ويتم إنتاج هذه الزريعة، عن طريق إيقاف هيئة الثروة السمكية لبحيرة ناصر لمدة شهرين، وتمنع فيها الصيد، إلا أن الصيادين يتسللون ليلاً للبحيرة لصيدها باستخدام شبك صيد مخالف للمواصفات.

ويتم تهريبها للمزارع الخاصة وبيعها بأسعار كبيرة، لأنها تحتوى على أنواع مختلفة من الأسماك، مثل البورى والبلطى وغيرهما، وبعد صيدها يضعها الصياد داخل علب بلاستيكية صغيرة، ووصل سعر كيلو الزريعة من السمك البورى إلى 550 جنيها، وكيلو البلطى وصل إلى 300 جنيه، والكيلو يضم تقريبا 100 سمكة.