إيمان كمال تكتب: ذبح المهرجانات المصرية بـ"سكين الدعم"

مقالات الرأي



ما الذى تريده الدولة للسينما والفن فى مصر؟ رؤية ضبابية لمستقبل الفن منذ سنين فنفرح بالقليل من الإنجازات ولا نرى حلولا حقيقية للأزمة التى تواجهها السينما قبل سنوات، وكان الأمل فى المهرجانات التى تأتى ومعها الكثير من الأفلام  بمختلف جنسياتها وأفكارها.

مهرجانات متنوعة ومختلفة.. القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية وأسوان وشرم الشيخ والأقصر.. يحمل كل مهرجان طابعه وبصمته الخاصة وبالتأكيد لا ننكر بأن لكل دورة إخفاقات كما أن لكل منها نجاحات وإن كان القرار يسرى فقط على المهرجانات التى تقيمها المجتمعات المدنية مثل الأقصر وأسوان وشرم الشيخ فلا يسرى على القاهرة ولا الإسماعيلية ومهرجانات مثل شرم الشيخ السينمائى وأيضا مهرجانات مثل «سماع» و»طبول».

نطالب منذ سنوات بأن تعود الدولة لدعم السينما، إلا أن القرار الذى صدر مؤخرا من مجلس الوزراء بتخفيض دعم المهرجانات سواء الدعم المالى أو اللوجستى إلى 40% فقط وهو ما يهدد بعدم ظهور الكثير من المهرجانات فلن ترى النور اللهم فى حال تم التراجع عن هذا القرار أو الوصول إلى حلول حقيقية وهو يؤكد بأن السينما فى واد والدولة بعيدة تماما عنها أو تعتبرها مجرد رفاهية ،كيف ستنجو هذه المهرجانات لتخرج للنور بجهود ذاتية ورعاة؟

كيف يمكن أخذ القرار دون الرجوع إلى المعنيين به من القائمين على المهرجانات؟ كيف يمكن أخذ قرار دون دراسة حقيقية للكارثة التى ستطيح بكل هذه المهرجانات باستثناء مهرجان الجونة وإن كان من المفترض أن يتم تفعيل القرار بداية من العام المقبل.

كيف لم يدرك أصحاب القرار ما أدركه الزعيم جمال عبدالناصر قبل عقود بأهمية وقيمة السينما.. فالسينما صناعة والمهرجانات تبادل ثقافى وسياحى  ..كيف يمكن أن نقضى على بصيص الأمل بقرار أو كما يقولون «بورقة وجرة قلم؟».

أحزننى القرار بشدة ويحزننى أن الريادة الفنية لمصر فى الشرق الأوسط تنهار منذ سنوات مستمرة فى طريقها للانهيار بدون محبة حقيقية وإيمان بقيمة الفن  ودوره التنويرى؟

قبل أشهر كنت استمع للفنانة انتصار فى لقاء لها على إحدى الفضائيات وهى تتحدث عن أن جيلها لم يصنع تاريخا ولن يتذكرهم أحد مستقبلا..شعرت بصدقها ومرارة الحقيقة التى نحاول أن نخفيها سعيا وراء فرقعة «الإيرادات» وشعرت بأن الفن أصبح وسيلة للثراء والشهرة السريعة فلم يعد محبة واضحة تجاه صناعة السينما.. وكان أغلب المهتمين بالسينما يشبعون هذا الشغف بالفرجة على الأفلام فى المهرجانات.

قد ننتقد صناع الأفلام أحيانا وقد ننتقد بعض أخطاء المهرجانات ولا نرضى بظهورها بشكل غير مناسب أحيانا..لكن هذا لا يعنى أن نذبحها بسكين بارد ونقرر القضاء عليها إرضاء لقرار غير منطقى.

أتمنى من وزيرة الثقافة إيناس عبدالدايم ومساعديها أن تراجع هذا القرار جيدا وأن تجتمع بصناع المهرجانات للوصول إلى حلول، خاصة أن توليها المنصب كان بصيص الأمل للمهتمين بالثقافة والفن فى مصر.