أحمد شوبير يكتب: الدروس المستفادة..هيا بنا نتعلم!

الفجر الرياضي




كانوا زمان يعلموننا فى المدارس أن من جد وجد ومن زرع حصد والآن انتقل العلام من المدارس إلى الملاعب من جد وجد ومن تدرب وذاق مرار وشقاء الإعداد واحترم اللعبة والجماهير والمنظومة كلها سيجد المقابل نجاحا أسطوريا ومجدا وتاريخا لا يمكن لأحد أن ينساه.. وبالعودة إلى الشهر الرائع الذى قضيناه جميعا أمام شاشات التليفزيون نتابع معا مباريات كأس العالم نحلل ونستمتع بالأهداف واللقطات والفرص الضائعة وتألق الحراس وظهور الوجوه الجديدة سنعرف أن من فاز استحق الفوز وأن المجد لا يأتى إلا لمن عرق واجتهد وصبر ولذلك احترم الجميع الفريق الكرواتى هذا البلد الصغير والذى لا يتعدى عدد سكانه 4 ملايين نسمة إلا أنهم جميعا توحدوا خلف هدف واحد وهو رفع علم بلادهم فتحول الجميع إلى مشجعين ومساندين بداية من كوليندا رئيسة الجمهورية مرورا برئيس الوزراء وكل الوزراء وصولا إلى أصغر طفل فى دولة كرواتيا، ورغم أن الفريق دخل المباراة النهائية منهكا ومتعبا بشدة بعد خوضه ثلاثة أوقات إضافية للوصول إلى المباراة النهائية إلا أنهم اكتسبوا احترام العالم أجمع بما قدموه طوال البطولة مقدمين أروع وأجمل درجات الإجادة والإصرار فنال نجم كرواتيا مودرتيش جائزة أفضل لاعب فى البطولة، وها هو قد أصبح المرشح الأول لنيل جائزة أفضل لاعب فى العالم قريبا وتغنى العالم بأسماء نجوم كرواتيا من عائلة إيتش كلها والتى أصبحت الجماهير حول العالم أجمع تحفظ أسماءها عن ظهر قلب وهم يستحقون بكل تأكيد ويكفى أن كرواتيا خرجت بالكامل لاستقبال هؤلاء النجوم .. وبعيدا عن كرواتيا ووصولها إلى المباراة النهائية كان لابد من تحية دول مقاربة لنا فى المستوى والامكانيات بل هى أقل كثيرا منا مثل كولومبيا واليابان وحتى روسيا الدولة المنظمة نفسها والتى كان يعتقد الكثيرون أنها ستخرج من الدور الأول وأن بطاقتى التأهل محجوزتان لمصر وأوروجواى إلا أنها حطمت كل المقاييس ونجحت فى الوصول لدور الثمانية ولم تخرج إلا بضربات الترجيح أمام المنتخب الكرواتى وصيف كأس العالم لتعطى هى الأخرى درسا رائعا فى الإصرار والانتماء ومحاولة إسعاد الجماهير والتى خرجت راضية تماما عن الفريق رغم عدم تأهله إلى نصف النهائى ولكنها شعرت أنهم قدموا كل ما لديهم من جهد وعرق فنالوا احترام الجميع عكس منتخبنا الوطنى الذى انشغل بأمور كلها بعيدة عن كرة القدم كان أهمها الإعلانات والتى توالت على اللاعبين، فأصبحت شغلهم وهمهم الأول قبل الأداء والانتصارات وشاهدنا وتابعنا جميعا الأزمات التى أحاطت بالمنتخب قبل سفره إلى روسيا بل حتى قبل المعسكرات والمباريات الودية ولم يجرؤ أحد منا على نطق كلمة واحدة وذلك حتى لا نتهم بأننا نحارب مسيرة المنتخب بل الأكثر من ذلك رأينا الاختراق الفاضح لمعسكر المنتخب أثناء المونديال ووجدنا قائد وكابتن المنتخب يتولى بنفسه الاتفاق مع اللاعبين للتصوير للقنوات الفضائية مقابل مبلغ مادى كبير والغريب أن تسمع بعد ذلك عن عقوبات وهمية وما حدث هو الصحيح من تكريم ولعب مباريات وكأنهم يخرجون لسانهم للمصريين أجمع وكأن سمعة وكرامة المصريين لا تساوى شيئاً لديهم فكانت النتيجة الحتمية الخسارة والحصول على صفر من النقاط.. وعلى مدى البطولة كلها لم نسمع أن زوجة أحداللاعبين صرخت فى مسئولى المنتخب طالبة إشراك زوجها والأغرب أن المسئولين استجابوا لهذا الصراخ ويبدو أنه كان لزاما على كل اللاعبين الاحتياطيين أن يحضروا زوجاتهم للصراخ فى وجه الجهاز الفنى الإدارى حتى يلعب أزواجهن فى كأس العالم.. والغريب أنهم بعد ذلك مندهشون من حصولنا على صفر كبير جدا فى كأس العالم وكأنها كانت مفاجأة!!

على الجانب الآخر تجد لاعبا صاعدا مثل كيليان إمبابى النجم الفرنسى الصغير والذى لم يتعد عمره التاسعة عشرة إلا بأيام قليلة يتبرع بكل مكافأته للجمعيات الخيرية ويؤكد أنه سيفعل المزيد فى المستقبل من أجل إسعاد الفقراء والمساكين حول العالم فى درس بليغ من لاعب صغير أعطى الدرس للجميع وخصوصا لاعبينا والذين توحشوا فى الجوانب المادية تماما لذلك كان طبيعيا أن تفوز فرنسا بكأس العالم ليس للنوايا الطيبة فقط لإمبابى ورفاقه ولكن لأنهم عملوا واجتهدوا واحترموا اللعبة واحترموا المنافسين ففازوا فى النهاية.. يا سادة كرة القدم ليست لعبة صدفة ولا حظ بل هى علم وفن وإصرار ودراسة وتعب لذلك على الجميع احترامها إذا كانوا يريدون تحقيق المكسب أو على الأقل المنافسة على المراكز الأولى فقد انتهى زمن الفهلوة وبالونات الاختيار وأصبح للعلم الدور الأساسى فى الفوز وتحقيق الانتصار.