مي سمير تكتب: شهادات خبراء السياسة أمام "الكونجرس" الأمريكى تفضح الدعم القطرى والتركى لـ"الجماعة"

مقالات الرأي



الدوحة منحت "مرسى" 8 مليارات دولار.. وأردوغان أرسل إليه مساعده لضمان نجاحه فى الانتخابات المصرية

استخدمت الجماعة قطر فى الستينيات كقاعدة للانطلاق والتوسع فى دول أخرى


تكشف شهادات خبراء السياسة الأمريكية أمام لجنة استماع الكونجرس الأمريكى الدور القطرى والتركى فى رعاية إرهاب جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى الأموال التى أهداها الرئيس التركى أردوغان إلى «المعزول» محمد مرسى، وكذلك شحنات الأسلحة التركية المتدفقة على التنظيمات الإرهابية فى شمال إفريقيا.

وتناولت جلسة استماع لجنة الأمن القومى فى الكونجرس الأمريكى، الأسبوع الماضى، دور جماعة الإخوان المسلمين فى الإرهاب الدولى، وكيف تشكل تهديدا للأمن القومى الأمريكى، فى ظل تبنيها للأفكار المتطرفة.

وأكد الدكتور جوناثان شانزر، نائب رئيس البحوث فى مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، فى شهادته، أن الولايات المتحدة الأمريكية يجب أن تتصدى لأنشطة التنظيم الدولى للإخوان المسلمين، سواء بتصنيف الجماعات التى تتبنى العنف تنظيمات إرهابية، أو بمراقبة الجماعات التى تزعم تبنى العمل السياسى، لأن كليهما يروج لأيديولوجية العنف.

كما أشار هيليل فرادكين، الباحث البارز فى معهد هدسون، إلى أن «الإخوان» تعنى بأن تكون عالمية، ما يعنى أنها تمثل تهديدا كبيرا، وبشكل أكثر تحديدا، يكرس الإخوان المسلمون لمشروع سياسى ودينى، فى طبيعته وأهدافه الأساسية، وهو معادٍ لأشكال أخرى من السياسة، بما فى ذلك السياسة الخاصة بالولايات المتحدة.

كما تضمنت جلسة الاستماع شهادة الدكتور زهدى جاسر، وهو طبيب مسلم من ولاية أريزونا، الذى أوصى باعتبار جماعة الإخوان المسلمين تنظيما إرهابيا.

وإلى جانب رصد التاريخ الإرهابى للتنظيم الدولى للإخوان المسلمين، قدمت شهادة الدكتور جوناثان شانزر تفاصيل الدور القطرى والتركى فى رعاية إرهاب الجماعة، وفيما يلى عرض لما تضمنته شهادته عن الدعم التركى والمالى القطرى المقدم لـ«الإخوان».


1- الدعم التركى

قال شانزر إن حزب العدالة والتنمية هو الذراع التركية للإخوان المسلمين، والرئيس التركى رجب طيب أردوغان مؤسس حزب العدالة والتنمية يدعم الجماعة علنا، وكان هذا الدعم واضحا خلال ذروة الربيع العربى، عندما ظن أردوغان أنه قادر على تسخير القوة السياسية المتنامية للإخوان تحت قيادته.

لذا، أرسل استراتيجى الحملات الانتخابية التركى، إيرول أولكوك إلى مصر، للمساعدة فى حملة مرسى، وبعد فوز الأخير بالرئاسة المصرية، دعاه الرئيس التركى هو وخالد مشعل، زعيم حركة حماس، فرع الإخوان المسلمين، إلى مؤتمر حزب العدالة والتنمية فى أنقرة، وبعدما ألقى ‌«المعزول» خطابا فى المؤتمر يمدح أردوغان وحزب العدالة والتنمية، تعهد الأخير بتقديم قرض بقيمة مليار دولار إلى مصر.

وفى فبراير 2013، أصبح الرئيس التركى عبد الله جول أول زعيم أجنبى يزور مصر تحت حكومة مرسى، عام 2015، واعترف أردوغان بأنه قدم مليونى دولار لمرسى خلال فترة حكم الإخوان، وأصبح دعم تركيا أكثر حدة بعد انهيار حكم الإخوان فى مصر، إذ نظم حزب العدالة والتنمية مظاهرات عامة هناك لدعم مرسى بعد ثورة 30 يونيو، ولجأ 1500 عضو من جماعة الإخوان المسلمين المصرية على الفور إلى تركيا.

وفى 23 أغسطس 2013، بعد شهر من طرد مرسى، أطلق رئيس الوزراء حينها أردوغان، إشارة رابعة كرمز للتضامن مع الإخوان المسلمين، وفى الصيف الماضى، وافق على علامة رابعة للدلالة على المبادئ الأربعة لـ «حزب العدالة والتنمية»: «وطن واحد، دولة واحدة، علم واحد، وأمة واحدة»، بعدما أضاف الحزب تلك المبادئ إلى المادة 4 من اللوائح الداخلية له فى مايو 2017.

كما تلقى شهادة شانزر الضوء على ما وصفه بالدعم العسكرى التركى للإخوان المسلمين، مشيرا إلى حادثة اعتقال ضابط المخابرات التركى إرشاد هوز فى مصر، لقيامه بتوجيه الأسلحة والنشطاء إلى جماعة الإخوان، كما أبرز الشاهد إلقاء القبض على خلية إرهابية فى مصر، تم الكشف عنها فى يوليو 2015 وتلقت تعليمات من جماعة الإخوان فى تركيا.


2- المال القطرى

أكد الدكتور شانزر خلال شهادته أن قطر هى الدولة الأكثر ترحيبا وكرما فى العالم بالإخوان المسلمين، إذ بدأت العلاقة بينهما فى أوائل الخمسينيات، عندما قدمت الإمارة الصغيرة منصة مربحة ومستقرة، ما مكن أعضاء جماعة الإخوان من أن يؤسسوا أنفسهم بأمان، ويجندوا أعضاء جدداً ويزدهروا.

وفى ستينيات القرن العشرين، بدأ الإخوان يستخدمون قطر كقاعدة إطلاق للتوسع فى دول أخرى، مثل الإمارات العربية المتحدة، بعدما وافقت قطر ضمنيا على هذه الأنشطة، لأن هذا يعنى أنهم لن يشكلوا تهديدا للدوحة.

وقال الباحث ديفيد روبرتس، إن دولة مثل قطر صغيرة فى الحجم وشديدة الثراء مع مجموعة متماسكة من السكان، لن تشعر بالقلق من استقرار الإخوان داخل حدودها، وستكون واثقة من أن أمنها الخاص لن يتعرض لتهديد، لأن إمكانيات الدولة الغنية تعنى ببساطة أن الإخوان لا يمكنهم اختراق قطر من خلال توفير الخدمات الاجتماعية كما كانوا يفعلون فى مصر.

وتابع: بعد انتخاب مرسى، أعطته الدوحة 2.5 مليار دولار من أغسطس 2012 حتى أوائل 2013، وفى يناير 2013، أعلنت عن مساعدات أخرى بقيمة 2.5 مليار دولار، وأرسلت 2 مليار دولار أخرى على سبيل القروض، بالإضافة إلى منحة بقيمة 500 مليون دولار.

كما تعهدت قطر باستثمار 18 مليار دولار فى مصر خلال السنوات الخمس المقبلة، فى حين سعت كيو إنفست، وهى مجموعة استثمارية قطرية، إلى شراء حصة أغلبية فى مجموعة هيرمس المالية، وكان جزء من الدعم القطرى للإخوان المسلمين تقديم حزمة من الغاز الطبيعى المسال المجانى، وبحلول يوليو 2013، عندما انهار نظام مرسى، كانت قطر قد ضخت 8 مليارات دولار كمساعدات مالية لجماعة الإخوان.

كما أشارت شهادة الدكتور شانزر إلى أن قناة الجزيرة الفضائية أداة لا يمكن إنكارها، لتعزيز السياسة الخارجية للإخوان المسلمين، وبدأت الدلائل على أن الشبكة تميل لصالح الإخوان بشكل واضح عندما كان المصريون يحتجون ضد حكم الجماعة فى أوائل عام 2013، إذ انتقدت الجزيرة الانتفاضة المصرية آنذاك، على نحو يعكس الميول السياسية للحكومة فى الدوحة.

وقال الموظف البريطانى السابق فى الجزيرة، جريج كارلستروم، بعد الإطاحة بنظام محمد مرسى أصبحت الجزيرة بشكل عملى شبكة «مرسى»، خاصة «قناة مباشر مصر»، التى تأسست بهدف واحد، هو تقديم أخبار محلية مع تحيز واضح للإخوان المسلمين.

وأوضح تقرير للأمم المتحدة، صدر فى مارس 2013 أن قطر انتهكت فى عامى 2011 و2012 حظر الأسلحة الذى تفرضه الأمم المتحدة، من خلال توفير عتاد عسكرى للقوات الثورية عبر تنظيم عدد كبير من الرحلات الجوية وتسليم مجموعة من الأسلحة والذخيرة.

وفى يونيو من العام الماضى، عقد الجيش الوطنى الليبى مؤتمرا صحفيا اتهم فيه أجهزة المخابرات القطرية بدعم تنظيم القاعدة، والدولة الإسلامية، وجماعة الإخوان المسلمين، بتحويل 8 مليارات دولار من البنك الوطنى التونسى القطرى إلى بنك الإسكان فى محافظة تطاوين فى جنوب تونس. وفى حين قد يكون من الصعب إثبات ذلك، فإن تمويل قطر لحماس الفلسطينية معروف جيدا، وقد تعهد الأمير حمد بتقديم 400 مليون دولار إلى المجموعة فى عام 2012، وتعهد ابنه الأمير تميم بمبلغ 100 مليون دولار فى عام 2017.

وفى نهاية شهادته عن الدعم القطرى للإخوان المسلمين، أكد الدكتور شانزر أنه قدم فى شهادة سابقة تفاصيل الدعم العلنى والتكتيكى الذى قدمته الدوحة للجماعات الإرهابية مثل القاعدة وطالبان وجماعات أخرى، وأوصى بتصنيف العناصر الفاعلة العنيفة تنظيمات إرهابية، مع العمل على مراقبة بقية الجماعات التى تتبنى العمل السياسى عن كثب.

وطالب شانزر بضرورة التركيز على الفصائل التى لديها سجل واضح للعنف وتمويل الإرهاب، بالنظر إلى التسميات الفردية الناجحة على أنها خطوات براجماتية نحو الهدف الأكبر، المتمثل فى إعاقة تمويل الإرهاب المتشابك داخل شبكة الإخوان الأوسع، كما تمنى استخدام أدوات الحرب المالية فى وزارة الخزانة لتعزيز تصنيف الجماعات الإرهابية.

وأكد على ضرورة ردع تركيا وقطر، وأضاف أن الدعم المالى واللوجستى الموجه إلى شخصيات مختلفة من الإخوان يقوض عمل الولايات المتحدة وحلفائها فى حربهم على الإرهاب، وطلب شانزر من واشنطن أن توضح للبلدين أن علاقات الاستثمار والمبيعات العسكرية والمزايا الأمنية قد تتعرض للخطر إذا استمر هذا الدعم المقدم للإخوان.

وانتهت شهادته بالإشارة إلى أنه من المهم أن تجرى الحكومة الأمريكية تقييمها الخاص للجماعة، وأن تجمع استراتيجية للتعامل مع منظمة عالمية تعمل فروعها المختلفة على تعزيز أيديولوجية عنيفة فى نهاية المطاف، حتى عندما لا يشارك البعض مباشرة فى الإرهاب.