مصطفى عمار يكتب: ماسبيرو زمان.. الإعلام الذى تبحث عنه الدولة!

مقالات الرأي



قررت مؤخراً مقاطعة جميع القنوات المصرية الخاصة، لأن المحتوى التى تقدمه أصبح مملاً ورتيبًا، ربما لأننا فى فترات الإعادة قبل أن يبدأ الموسم الجديد من البرامج والمسلسلات الجديدة، حتى برامج الهواء والبرامج المسائية أصيبت بالفتور والتيبس، وأصبح الاستغناء عنها أمرًا لا مفر منه، بعد أن أصبح الجميع يتحدث بلسان واحد وبرؤية واحدة وفى موضوعات تتبع نظرية «أعمل من الحبة قبة» ليعوضوا عدم اقترابهم من منطقة السياسة وخطوطها الحمراء، التى ربما بسبب ذلة لسان منهم يجلسون فى بيوتهم كزملاء عديدين لهم، الأمر انكشف بشدة بعد حادث انفجار مصنع الكيماويات الملتصق فى المطار، جميع القنوات تعاملت مع خبر الانفجار وكأنه لم يكن، الأمر الذى أصاب الناس بحالة من القرف وعدم الرضا.. وهو ما جعلنى أتأكد أن قرارى بالمقاطعة كان صحيحاً، وربما لأننى وجدت ضالتى فى قناة ماسبيرو زمان، التى أطلقها المهندس أسامة الشيخ وقت توليه رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون وأشرف عليها المخرج عمر زهران وقتها، وحققت فى 2010 نجاحاً كبيراً وصدرت تحت اسم «التليفزيون العربى» ولكن سخرية الناس من عصر مبارك بكل ما يحمله من تفاهة وضعف، ومقارنته بعصر الرئيس جمال عبدالناصر والسادات، جعل القناة تتوقف بدون أسباب، حتى أعادتها للحياة مرة أخرى السيدة الفاضلة صفاء حجازى عندما تولت رئاسة اتحاد الإذاعة والتليفزيون، خلفاً للمحترم عصام الأمير الذى ظلم وأبعد عن المنصب لأسباب لا يعرفها أحد رغم شرفه ونزاهته ونجاحه فى العبور بماسبيرو إلى بر الأمان فى أشد فترات المبنى صعوبة.. ولكن صفاء حجازى بعد توليها المنصب لم تقصر، وحاولت قدر استطاعتها إعادة البريق للمبنى مرة أخرى، ولكن كعادة سابقيها، فوجئت بأن مشاكل المبنى وأزماته تحتاج لوقت كبير حتى يعود لسابق عهده.

وربما كان قرار إعادة إطلاق قناة ماسبيرو زمان من أهم القرارات التى اتخذتها الإعلامية الراحلة صفاء حجازى، قرار كشف كيف تعرت مصر وتجرفت على مر عقود طويلة، المسلسلات والبرامج والمذيعين والضيوف كان فى غاية الإبهار وفى أشد حالات الرقى والمهنية، مواد إعلامية لا تحمل أى من سموم الفترة التى نعيشها حالياً، أتابع حورات الراحل الكبير طارق حبيب وأتعلم منه الحرفية والمهنية والرقى فى أسلوبه، أرى سلمى الشماع وهى فى أرقى حالتها كمذيعة متحدثة عن فن السينما، وأتابع بساطة وحضور نجوى إبراهيم فى برامجها، ومعلومات وحضور هالة سرحان، وعلم الدكتور مصطفى محمود وتفسير وفتوحات الشيخ الشعراوى، واكتشف برنامج رتيبة الحفنى وأنبهر ببرنامج حوار الأجيال.. بالإضافة إلى أسماء أخرى عظيمة صنعت تاريخياً وعلمت أجيالاً المعنى الحقيقى لحب الوطن والانتماء.. أتابع حالياً مسلسل «برج الأكابر» للراحل حسن عابدين، مستشار يحاول أن يجتهد فى تربية أولاده رغم مرتبه الصغير، شريف لدرجة لا يستوعبها عقل، يكافح ليعلم أبناءه معنى الشرف والكفاح، يصطدم بنموذج من رجل أعمال عصر الانفتاح، يحاول أن يسيطر عليه وعلى أسرته، ولكن قلب المستشار لا يحتمل ويصاب بذبحة صدرية، تقف الأسرة عاجزة أمام تكاليف المستشفيات الخاصة، فتقرر ابنته الطبيبة أن تعالجه فى المستشفى الحكومى الذى تعمل به، جرعات كبيرة من الضمير والإنسانية والإخلاص والشرف، ربما لم ولن نشاهد مثلها خلال دراما هذه الأيام، لماذا لا يتم تغيير هذه القناة إلى اسم ماسبيرو جولد أو ماسبيرو الذهبية، ولماذا لا تهتم بها الدولة وتحاول تطويرها والاستفادة بشكل كبير منها، ليتابع المشاهدون المصريون المعنى الحقيقى للإعلام بشرفه وكبريائه وشموخه، إعلام الدولة التى تاهت الدولة خلال الفترة الحالية فى البحث عنه، وللأسف لم تجده حتى الآن!