تزامنًا مع ذكرى رحيله.. لمحات في حياة السياسي العراقي نوري السعيد

تقارير وحوارات



ارتبط اسم نوري السعيد - الذي ترأس الوزراء في المملكة العراقية، وكان من أساطين السياسة العراقية والعربية وعرابها إبان الحكم الملكي- بتاريخ العراق خلال نصف قرن، كان فيها المؤثر في صنع أحداثه حتى مصرعه عام 1958.

وللحديث عن شخصية السياسي العراقي, ترصد"الفجر"، لمحات في حياة نوري السعيد، في ذكرى قتله اليوم الخامس عشر من يوليو، خلال السطور التالية.

ولد ببغداد سنة ١٨٨٨، وينتمي لعشيرة القرغولى البغدادية، بدأ ضابطا في الجيش العثماني وشارك بمعارك القرم بين الجيش العثماني والجيش الروسي، وبعد خسارة العثمانيين عاد إلى العراق، وشارك في الثورة العربية الكبرى مع الشريف حسن بن على، وكان دبلوماسيا من الطراز الرفيع جادًا حازمًا بل وقاسيًا عند الضرورة، حاد الطبع، عصبي المزاج، سريع الغضب، وكان مناورًا، و تولى نوري السعيد منصب رئاسة الوزراء في العراق ١٤ مرة خلال الفترة من ٢٣ مارس ١٩٣٠ إلى ١٣ مايو ١٩٥٨.

أهم القرارات السياسية
من أهم القرارات السياسية التي كان لنوري السعيد دورا رئيسيا فيها وخلقت ضجات عنيفة هو دوره في تشكيل حلف بغداد سنة 1954 وكذلك الاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن عام 1958. لقد كان نوري السعيد الدبلوماسي الأول والأكثر شهرة في العالم العربي.وكذلك على المستوى العالمي، وكان مقتنعا بأن لابد للعراق أن يعتمد على دولة كبرى ليردع أعداءه ولما قام الضباط الوطنيون بثورتهم في ١٤ يوليو ١٩٥٨، وأنهوا الملكية وأعلنوا الجمهورية في العراق،وكان على رأسهم عبدالكريم قاسم وعبدالسلام عارف ونجيب الربيعي.

واقف نوري السعيد في عام 1941، عندما استقال مع حكومته لفشله في القضاء على مرض الكوليرا في البصرة التي شهدت إجراءات صحية صارمة، بسبب حدوث وفيات جراء ذلك المرض، حتى أنه لم يكن يسمح لأحد بدخول بغداد من دون إبراز وثيقة التطعيم إجبارياً، فقطع زيارته إلى العاصمة البريطانية لندن وعاد مسرعاً إلى بغداد ليجبر وزير داخليته مزاحم الباججي على الاستقالة، وعندما رفض الوزير، استقال نوري السعيد من رئاسة الوزراء لإخراج الباججي من وزارته.

ونظراً إلى مساهمته في تأسيس الدولة العراقية، لذلك فإن الحفاظ على هيبة الدولة كان من أولوياته، فكان دوره في إصدار قانون الأسرة المالكة الرقم 75 لسنة 1936 الذي تقرر بموجبه تأسـيس مجلس خاص للنظر في قضايا زواج الأميرات والأمراء والأمور التأديبية المتعلقة بالأسرة المالكة، وذلك بعد حادثة هروب أخت الملك غازي الأميرة عزة وزواجها من نادل يوناني، ما انعكس سلباً على سمعة العائلة المالكة.

روايات قتله
عرف نوري السعيد بمقدم قوة عسكرية من المهاجمين بغرض القاء القبض عليه، فتنكر بزي امرأة ليتمكن من المرور من بين المهاجمين والحشود الملتفة حولهم، فاستقل سيارة انطلق بها إلى إلى منطقة الكاظمية لاجئا إلى بيت صديقه الحاج محمود الاسترابادي التاجر الكبير وعميد عائلة الاسترابادي المعروفة، كما فعلها سابقا بعد ثورة 1941 حيث لجأ نوري السعيد إلى بيت الحاج محمود الاسترابادي خلال حركة رشيد عالي الكيلاني التي ساعدته على الانتقال خارج بغداد إلى محافظة العمارة وانتقل من هناك إلى خارج العراق مع الوصي عبد الاله ليتدبروا إسقاط حكومة الثورة يومذاك.

وبعد جلاء الموقف امام القادة الجدد ادركوا مخاوفهم بان هرب نوري السعيد المعروف بدهائه وحنكته سيسبب لهم مصاعب جمة وربما بأسلوبه واطلاعه على خبايا الامور سيقنع الإنجليز بالاطاحة بالحكم الجمهوري الجديد، وفي مساء 14 يوليو، أعلن القائد المنفذ للحركة عبد السلام عارف مكافأة مالية للقبض على نوري السعيد، وبعد يوم من ذلك قام من جانبه عبد الكريم قاسم زعيم الحركة ورئيس وزرائها بتكرار اعلان ذلك، وتوالت اعلانات هرب نوري السعيد بشكل هستيري من خلال بيانات اذاعتها وزارة الداخلية من دار الاذاعة العراقية مما وجه اهتمام الشارع نحو البحث عن السعيد بشكل تراجيدي محموم، واسقطت من يد السعيد كل محاولات الاختباء والهرب وبدأت تضيق الدائرة حول تحركاته، لقد كان هدفه ان لا يبقى مختبئا بل الفرار إلى خارج العراق ليتدبر امر مقاومة النظام الجديد.

وففي يوم 15 يوليو انطلق على وجه السرعة تاركا خلفه بيت الاسترابادي في محاولة منه للتقدم بخطوة للامام نحو خارج العراق، وانطلق إلى بيت الشيخ محمد العريبي فتعرف إليه أحد الشبان في منطقة الكاظمية أثناء ركوبه السيارة بعد أن انكشفت ملابسه التنكرية، فأبلغ السلطات برقم السيارة.

وتم التعرف على السيارة التي يستقلها، فتمت ملاحقته وتطورت المواجهة إلى اشتباك بالأسلحة الخفيفة بين نورى السعيد وعناصر القوة الأمنية في مثل هذا اليوم من عام  ١٩٥٨، وهناك روايتان حول مقتله الأولى تقول إنه قتل في هذه المواجهة والثانية تقول إنه عندما وجد نفسه محاصرا، وأن مصيره سيكون مشابهاً لمصير الأمير عبدالإله أطلق على نفسه رصاصة الرحمة، كى لا يعطى فرصة لخصومه للإمساك به وإهانته وتعذيبه.