شبح القاعدة فى عيد الاستقلال الأمريكي

العدد الأسبوعي



أسبوع رسل الظواهري من كليفلاند إلى القاهرة


القاعدة تضرب أمريكا من جديد.. مفاجأة من العيار الثقيل كانت فى انتظار أجهزة الأمن والاستخبارات الأمريكية، التى تترقب خطر تنظيم داعش، فى احتفالات عيد الاستقلال، وفى ظل حالة تأهب قصوى، وتعزيزات أمنية غير مسبوقة، فرضتها السلطات الأمريكية، تحسباً لهجمات محتملة، لتنظيم أبو بكر البغدادى الذى ينتهج الآن استراتيجية «الهجمة المرتدة»، ويوجه ضربات موجعة، ومتتالية، للغرب فى عقر داره، رداً على إسقاط معاقله المركزية فى سوريا والعراق.

1- ذئب القاعدة الضال

يأتى عيد الاستقلال الأمريكى أيضاً هذا العام متزامناً مع تنظيم عدة فعاليات لرسم الرسول، من المقرر إجراؤها خلال الأسابيع المقبلة، ومن غير المستبعد أن تكون بدورها أيضاً أهدافاً محتملة للهجمات الإرهابية للتنظيم.

فسبق وأن تبنى تنظيم داعش هجوماً على أحد معارض الرسوم المسيئة للرسول، قبل عامين، فى ولاية تكساس الأمريكية، نفذه اثنان من الذئاب المنفردة، التابعة للتنظيم، وهما نادر صوفى وإلتون سيمبسون، وقد أطلقا النار على 200 شخص من رواد المعرض، وأصابا أحد أفراد الأمن المكلفين بالحراسة، قبل أن يلقيا مصرعهما.

وكان مسئولون أمنيون، فى مكافحة الإرهاب، فى الولايات المتحدة الأمريكية، قد صرحوا قبيل عيد الاستقلال، بأنه قد تقرر زيادة الإجراءات الأمنية، وفقاً للمؤشرات المتزايدة بأن المتطرفين «يبحثون عن وسيلة لتنفيذ أى عملية».

وكشفوا أن القلق الأكبر فى تلك المناسبة أيضاً، يتمثل فى «الذئاب الوحيدة» أو«المنفردة»، بسبب أسلوب داعش المتصاعد فى استخدام وسائل الإعلام الاجتماعية لجذب المجندين الغربيين «ما أدى إلى بقاء مستوى التهديد مرتفعاً وكبيراً»، وأن «الكثير من هؤلاء الذئاب المنفردة غير متصلين بأحد، ولا ينخرطون فى مجموعة، وبالتالى من الصعب جداً كشفهم»، بحسب التصريحات المتداولة.

كما وصل عدد المتهمين بالإرهاب، من مؤيدى تنظيم داعش، داخل الأراضى الأمريكية، 49 متهماً، منذ عام 2015، وفقاً لإحصائيات معتمدة.

غير أن المفاجأة الكبرى، تمثلت فى إعلان مكتب التحقيقات الأمريكية «إف بى آى»، الاثنين الماضى، القبض على إرهابى ينتمى لتنظيم القاعدة، يدعى ديمتريوس ناتانيال بيتس، كان على وشك شن هجوم إرهابى فى وسط مدينة كليفلاند فى ولاية أوهايو، يوم عيد الاستقلال، بعد أن أجرى استطلاعاً دقيقاً للمدينة.

وكان بيتس وهو أمريكى تحول إلى الإسلام، ويحمل اسم عبدالرحيم رفيق، يخطط لتفجير العرض الاحتفالى للعيد الوطنى الأمريكى، واستهداف عسكريين وعائلاتهم، عبر سيارة مفخخة، بالمتفجرات، حيث يقام عرض للألعاب النارية فى كليفلاند، وكافة المدن الأمريكية، احتفالاً بهذا اليوم.

ذئب القاعدة «الأمريكى» أيضاً يمتلك سجلاً جنائياً حافلاً بالتهم، من ضمنها «العنف المنزلى»، وسبق أن وضعته أجهزة الأمن الأمريكية تحت المراقبة منذ عدة أشهر، كما اعتبرته «مصدراً للقلق»، بسبب تدويناته على مواقع التواصل الاجتماعى.

فأعلن بيتس مراراً، عبر موقع «فيس بوك»، انتماءه لأفكار تنظيم القاعدة، كما أبدى أكثر من مرة كذلك رغبته فى تعلم كيفية إطلاق النار وتنفيذ عمل «جهادى»، وفقاً لما هو متداول.

ووقع ديمتريوس بيتس، أو عبدالرحيم رفيق فى قبضة أجهزة الأمن الأمريكية، عندما أفشى لعميل بمكتب التحقيقات الفيدرالية، خطته لقتل عسكريين أمريكيين وعائلاتهم، ووضع شاحنة مليئة بالمتفجرات بالقرب من المعالم الرئيسية فى كليفلاند، يوم الاحتفالات بالعيد الوطنى، ظناً منه أن عميل مكتب التحقيقات الفيدرالية، هو أحد عناصر تنظيم القاعدة، حيث نجح «إف بى آى» فى تضليل بيتس، والإيقاع به.

بتلك العملية تعود القاعدة إلى الواجهة مجدداً، فى تنفيذ الهجمات الإرهابية داخل الأراضى الأمريكية، وتبرز أيضاً كمنافس لداعش على ساحة العمليات فى الغرب، وكتنظيم لا يزال يمتلك القدرة على تجنيد المزيد من الذئاب المنفردة لصالحه، هناك، رغم سحب البساط منه لصالح تنظيم أبوبكر البغدادى.

وكان الهجوم الدامى على صحيفة شارلى إبدو بفرنسا، والذى نفذه الأخوان سعيد وشريف كواشى، بمشاركة أميدى كوليبالى، محتجز الرهائن فى المتجر اليهودى 2015، هو آخر عملية إرهابية كبرى ينفذها تنظيم القاعدة فى الغرب، وأسفرت عن مقتل 11 شخصاً، وقد تبنى تنظيم القاعدة فى جزيرة العرب العملية، مشدداً على أنها تمت بأمر مباشر من أيمن الظواهرى.


2- فى استقبال ماكرون

الأسبوع الماضى هو أسبوع «القاعدة» أيضاً بامتياز، ففى اليوم التالى للإعلان عن إحباط الهجوم القاعدى خلال احتفالات عيد الاستقلال الأمريكى، كان التنظيم قد نجح فى توجيه ضربة موجعة جديدة لفرنسا، عبر هجوم نفذه ذراعه القوية فى شمال إفريقيا ومنطقة الساحل «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، واستهدف القوات العسكرية الفرنسية فى مدينة جاو شمال مالى، وأسفر عن مقتل أربعة مدنيين، وإصابة أربعة من القوات الفرنسية، وقد أعلن التنظيم أن العملية هى رسالة مباشرة للرئيس الفرنسى، إيمانويل ماكرون قبيل زيارته لموريتانيا.

وكان أيمن الظواهرى، زعيم تنظيم القاعدة، قد أصدر فى مارس الماضى، فيديو نشرته مؤسسة السحاب، الذراع الإعلامية للتنظيم، وبثه موقع سايت الأمريكى، لرصد المواقع المتطرفة على شبكة الإنترنت، بعنوان «فرنسا عادت يا أحفاد الأسود»، ودعا خلاله المسلمين فى المغرب العربى إلى مقاتلة الجنود الفرنسيين فى منطقة الساحل الإفريقى، قائلا:»هؤلاء من قاتلهم آباؤكم وقتلوهم وطردوهم، ها قد عادوا ليقتلوا إخوانكم المسلمين ويطردوهم، ويذكروكم أنكم ما زلتم تحت احتلالهم وقهرهم» فى إشارة إلى فترة الاستعمار الفرنسى.


3- هجمات تونس مستمرة

نفذ تنظيم القاعدة، الأسبوع الماضى أيضاً، هجوماً إرهابياً فى تونس، هو الأكبر منذ عام 2015، واستهدف دوريتين تابعتين للحرس الوطنى التونسى، فى محافظة جندوبة، شمال غربى البلاد، وتقع على الشريط الحدودى بين تونس والجزائر، وأسفر الهجوم عن مقتل 6 من الضحايا.

وأعلنت « كتيبة عقبة بن نافع» التابعة لـ»تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى»، عبر تطبيق «تليجرام»، مسئوليتها عن الهجوم، وتوعدت بمواصلة الهجمات فى تونس.


4- اغتيالات فى الطريق

وبدوره حذر مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية بالقاهرة، فى أحدث تقاريره، الاثنين الماضى، من تزايد مخاطر اغتيال السياسيين والدبلوماسيين، عبر تنظيم القاعدة الإرهابى، وفقاً لما تم رصده من الأدوات الدعائية للتنظيم مؤخراً.

وأن تلك المخاطر تتزامن مع عودة تنظيم القاعدة إلى المشهد الدولى، بعدما تراجع تنظيم داعش الإرهابى فى منطقة الشرق الأوسط إثر محاصرته من قوات التحالف الدولى، ويتفق كذلك مع أسلوب «القاعدة» فى تنفيذ الاغتيالات السياسية، واستهداف المقرات الدبلوماسية، منذ بداية التسعينيات بتفجير السفارة المصرية فى باكستان عام 1995.