منال لاشين تكتب: طارق عامر.. الديكتاتور

مقالات الرأي



أمر بوقف قرض لوزارة الاتصالات بعد مشادة مع الوزير

منع رؤساء البنوك من التبرع لـ«تحيا مصر» دون إذن منه شخصيا

عيّن 3 من شركة ناصف ساويرس فى مجالس إدارات البنوك


بعد استقلال القرار الوطنى واستقلال القضاء يأتى استقلال البنك المركزى واستقلال البنوك كأحد أهم قواعد العمل المصرفى وصمام الأمان ضد أى تخريب أو فساد فى القطاع المصرفى..كلا الأمرين مهم وخطير استقلال البنك المركزى واستقلال البنوك.. كلاهما يكمل منظومة الحفاظ على القطاع المصرفى وحمايته واستقراره، وكل ذلك ينعكس على الاقتصاد المصرى بكل قطاعاته.

ولذلك لابد من ميزان حساس عند التعامل مع استقلال البنك المركزى واستقلال البنوك، لا يجب النظر إليهما كندين، كل منهما ضد الآخر، ولا يصح أن ينظر المحافظ على أن استقلال قراره يعنى إلغاء الآخرين أو مقاطتعهم. المحافظ يجب أن يكون كالمايسترو يقود بسيطرة تامة دون أن يحرم أى عازف فى الفرقة من أن يقدم عزفه المنفرد، وهذا هو الفرق بين الديكتاتور والمايسترو.


1- أحكام سرية

عندما كتبت الأسبوع الماضى عن بعض مشاكل القطاع المصرفى مع محافظ البنك المركزى طارق عامر فوجئت برد أو بالأحرى ردود الأفعال داخل أو خارج القطاع المصرفى..داخل الحكومة وخارجها. بل داخل البنك المركزى نفسه، ولو سمع طارق بعضا من هذه الردود فربما فكر مليا فى تغيير طريقته فى حكم المركزى من ناحية، والقطاع المصرفى من ناحية أخرى.

فمن يعرف رؤساء وقيادات البنوك يدرك أنهم قليلو الكلام.. نادرا ما يرتفع صوتهم أو حتى ينخفض بالشكوى مهما كانت المشاكل والأوضاع، ونادرا يخشى رؤساء وقيادات البنوك التحدث مع الإعلام، ولكن يبدو أن الأوضاع لم تعد تحت السيطرة مثلما كانت من قبل.بطريقة أخرى فإن الأوضاع أصبحت ساخنة وملتهبة بأكثر مما يتحمل القطاع المصرفى، فالقطاع يجب أن يدار بالهدوء وفى وسط استقرار.

ومن ناحية أخرى جاءت التعليقات الحكومية تؤكد أن طارق عامر يحتاج إلى إعادة النظر فى طريقته فى التعامل مع الوزراء، وبدون ديكتاتورية.

حكى لى أحد الوزراء أن خلافا نشب بين محافظ البنك المركزى ووزير الاتصالات السابق، وهو خلاف مهنى يحدث مثله كل يوم، ولم يتوقع أحد أن يبقى للخلاف ذيولا أو توابع للخلاف، ولكن محافظ البنك المركزى لم ينس الخلاف واعتبره إهانة يجب الرد عليها، وكان الرد مثيرا جدا.. تم وقف أو تأجيل قرض مصرفى كبير يخص هيئات وزارة الاتصالات، وتعتمد الوزارة عليه فى استكمال خطتها، وقد أكد بعض قيادات البنوك هذه القصة، وأن القرض لم يتحرك بأوامر من المحافظ إلا بعد رحيل وزير الاتصالات السابق، وهو ما يؤكد كلام بعض الوزراء أن طارق عامر أو بالأحرى قوة طارق عامر كانت وراء الإطاحة بوزير الاتصالات السابق، وبذلك يكون طارق وراء الإطاحة بثلاثة وزراء من حكومة شريف إسماعيل وهم المالية والصناعة والاتصالات.

بعيدا عن قوة طارق عامر فى الحكومة فى التدخل لتمرير أو وقف قرض هو تدخل صارخ فى استقلال وعمل البنوك حتى لو كانت هذه البنوك عامة.

مشكلة أخرى أو صورة أخرى من صور التدخل فى اعمال البنوك ومحو استقلاليتها. خلال الفترة السابقة تم تعيين عدد من أعضاء مجالس إدارات البنوك الخاصة، ولاحظ بعض الخبثاء أن هناك ثلاثة أو أربعة أعضاء فى عدد من البنوك الخاصة كانوا يعملون فى شركات الملياردير ناصف ساويرس وعملوا مع وزيرة الاستثمار السابقة داليا خورشيد والمعروف أن السيدة الفاضلة داليا هى زوجة المحافظ طارق عامر، فهل تعيينهم فى مجالس إدارات عدد من البنوك فى وقت متقارب مجرد مصادفة أم بإيحاء أو أمر من محافظ البنك المركزى طارق عامر عبر نائبه جمال نجم.

مرة أخرى نحن أمام حالة من حالات التدخل فى أعمال الجمعيات العمومية للبنوك ومجالس إداراتها، وإن كنت أتمنى أن أصدق أن صدفة فريدة جعلت عددًا ممن عملوا مع الوزيرة السابقة قد تم تعيينهم فى مجالس إدارات بنوك دون تدخل من المحافظ أو المركزى.


2- الخير بأوامر

من المشاكل التى صادفت بعض أو بالأحرى معظم رؤساء البنوك مشكلة تتعلق بأعمال المسئولية الاجتماعية للبنوك أو عمل الخير، فقد جرت العادة أن تتصل الجهة التى تحتاج لدعم بمحافظ البنك المركزى وتطلب المساندة، فيقوم نائب المحافظ بالتواصل مع كل رؤساء البنوك للمشاركة فى دعم الجهة الخيرية أو المشاركة فى عمل أو احتفال وطنى من خلال الرعاية، ولكن صندوق تحيا مصر وجهات خيرية أخرى قامت بالتواصل مع بعض رؤساء البنوك مباشرة، واستجاب رؤساء البنوك لصندوق تحيا مصر والجهات الأخرى، وأغضب ذلك التصرف المركزى، ليس لأن طارق ضد الخير أو ضد تحيا مصر، بل لأنه رأى فى ذلك التصرف تجاهلا لهيمنة المركزى على القطاع المصرفى، ومحاولة للانقلاب على سطوة المركزى حتى فى الأعمال الخيرية، وأبلغ النائب رؤساء البنوك بضرورة الالتزام بالقواعد أو السوابق.

ولا شك أنك لاحظت تكرار كلمة أو بالأحرى دور نائب محافظ البنك المركزى فى التواصل مع رؤساء وقيادات البنوك، فلأسباب مجهولة للكثيرين قاطع محافظ البنك المركزى، أكرر المحافظ طارق عامر قاطع كل رؤساء البنوك الخاصة وهؤلاء أكثر من 30 بنكًا، ويرفض أن يقابلهم أو يستمع إلى مشاكلهم أو طلباتهم، وهذه كارثة لم تعرفها البنوك أو بالاحرى البنك المركزى من قبل، وكانت ذروة المقاطعة حينما رفض المحافظ حضور اجتماع مع اتحاد بنوك مصر لمناقشة مشروع قانون البنوك الذى يتبناه المحافظ، واستكمالا لحالة مقاطعة البنوك الخاصة فإن كل قروض الحكومة أو الوزارات الكبيرة مثل الكهرباء والبترول وغيرهما تذهب إلى البنوك العامة فقط وذلك باتفاق ورعاية محافظ البنك المركزى.


3- المركزي للجميع

رغم كل ما سبق لم ولن أطلب من أى جهة التدخل فى عمل المركزى حتى لا أكرر خطأ طارق عامر بعدم احترام استقلالية البنوك، لأننى أؤمن بأن استقلالية البنك المركزى خطأ أحمر، ولذلك أنا أطالب محافظ البنك المركزى نفسه أن يفك الحصار والمقاطعة مع البنوك الخاصة.. كل البنوك الخاصة ويعيد العلاقات بين المحافظ وبين اتحاد البنوك، وأن يؤكد أن المحافظ والمركزى لكل البنوك وليس لأربعة أو خمسة بنوك تعد على أصابع اليد الواحدة. لا يجب أن نترك الوضع غير مستقر فى قطاع خطير ومؤثر على الاقتصاد مثل القطاع المصرفى. أنا لن ولم أطالب بتدخل أى جهة لضبط الأوضاع فى القطاع المصرفى، بل أعيد ولم أمل من مطالبة طارق عامر بتذكر ما تعلمه من الدكتور فاروق العقدة عندما كان طارق نائبا للمحافظ، وكان الوصول لمحافظ البنك المركزى متاحا وسهلا لكل رئيس بنك، وذلك على الرغم من قوة ونفوذ العقدة فى ذلك الوقت، ولكنه استخدم هذا النفوذ وهذه القوة لبناء قطاع مصرفى قوى ومستقل ولم يخل باستقلال البنوك، وحافظ على التوازن بين سلطه المركزى ومحافظه من ناحية وبين استقلالية البنوك من ناحية أخرى.حفاظا على القطاع المصرفى أرجو من طارق عامر أن يعيد تعريفات مصطلح الرقابة وينقيه من الإدارة، فكثير مما يحدث الآن فى القطاع المصرفى يخلط بين الرقابة والإدارة..المركزى لا يدير البنوك..المركزى يراقب البنوك ويضع لها القواعد، لأن إدارة المركزى للبنوك وتهميش رؤساء البنوك هو أكبر خطر على المركزى نفسه، فالرقيب إذا أدار بنفسه فقدت الرقابة جدواها وعملها وآثارها.

وهذا الخلط بين الإدارة والرقابة هو سر ميل محافظ البنك المركزى للبنوك العامة لأنه ممثل المالك ورئيس الجمعية العمومية للبنوك العامة. مرة أخرى هذا الخلط بين الإدارة والرقابة هو سر الرفض الجماعى من رؤساء البنوك لعدد من مواد مشروع قانون طارق عامر للبنوك.