إيمان كمال تكتب: هدم سينما "فاتن حمامة".. يليق بنا

مقالات الرأي



ربما تصريحات رئيس حى مصر القديمة بأن المبنى الخاص بسينما فاتن حمامة ليس أثريا وليس مبنى على طراز معمارى.. مظبوط جدا.. ولا يلام عليه.. وربما أيضا لا يمكن أن نمنع أصحاب العقار من هدمه من أجل مكاسب شخصية.. فمن سيتخلى عن الملايين من أجل دار عرض توقف نشاطها قبل سنوات؟

بل إن ما يدعو للعجب هو حالة الحزن والانهيار عقب هدم السينما.. وكأننا فجاءة تذكرنا أن هناك دار عرض فى المنيل تدعى سينما «فاتن حمامة» بدأنا نتذكر تاريخها ونتذكرها بأنها كانت واحدة من أهم دور العرض فى مصر ونسينا ان شاشتها كتبت كلمة النهاية قبل سنوات.

قبل سنوات أيضا وانا أحاول أن اتجنب الذهاب لدور العرض القديمة أو ما نعتبرها الآن «تاريخية» لكنها لا تفقه عن تاريخ السينما أو قيمتها شيئا.. لن اقول الكلام السائد والشائع بأنها باتت مستنقع «للزبالة» فى كل مكان.. شاشات عرض غير مؤهلة وأجهزة صوت «ماتت إكلينيكا» منذ زمن، العاملون بها لا يحترمون قيمة «تتر البداية والنهاية» فالأهم أن الجمهور «خلص فرجة نشوف اللى بعده»، فالمكسب هو الأهم والتجارة والبيزنس هو ما يحسم الأمر، أصبحت انتقى وبشدة دور العرض أو اكتفى بالمشاهدة المنزلية أكرم وأفضل.

الحقيقة منذ سمعت بخبر هدم سينما فاتن حمامة وأتابع كلمات التحسر والحزن.. كلام منمق وجميل عن القيمة والتاريخ والفن وأقول لنفسى نحن نستحق ما يحدث.. هجرنا السينما وتركنا الخراب يعشش بها، هجرنا الفن والآن نبكى على إطلاله، حوّلنا الفن لمجرد بيزنس، بيزنس توقف عنه اغلب المنتجين اللهم إلا القليل جدا ممن يحققون أرباحا معقولة فلا مقارنة بين عدد الأفلام التى عرضت آخر عشر سنوات مثلا وبين سنة واحدة فى الزمن الجميل.

فالواقع يقول بأن الملايين هى المتحكم الوحيد فى البشر فاللغة التى يجيدونها هى المادة.. فقط.. هى التى تتحكم فى المصائر والشعوب.. هل نقول لاصحاب بيزنس هدم سينما «فاتن حمامة» بأنها حق لنا؟ بأن قيمتها وتاريخها ملك لكل الشعب المصرى؟

ولكن أيضا اسم «فاتن حمامة» وقيمتها وتاريخها أكبر من أن يمحى بهدم مبنى اطلق عليه اسمها قبل سنوات طويلة، فسيدة الشاشة العربية وجيلها والجيل الذى تلاهم أحبوا السينما.. أدركوا قيمة الفن وصنعوا تاريخا نتباهى بيه وسط الخيبات التى نعيشها، ولكن علينا الآن ألا ننظر للخلف، أن ننسى اسطورتنا، أن نصنع التاريخ الذى يليق بنا..

إذا كنا تعساء لأجل هدم مبنى سينما «فاتن حمامة» يمكننا أن نطالب ببناء دور العرض السينمائى دون عراقيل وبتسهيلات، يمكننا أن نعلم أبناءنا حب الفن والحياة قبل أن نضع العراقيل والتابوهات والمحظورات امام كل عمل فنى جديد، أن نترك الحرية للمبدعين دون وصاية، لا يمكن أن أنكر أننى ايضا حزنت كثيرا بأننى حين سأذهب إلى هناك لن اجد «سينما فاتن حمامة» ولكن عزائى أننى كلما فتحت قنوات الأبيض والأسود تطل منها سيدة الشاشة العربية والتى ستظل واحدة من أساطير السينما فى العالم.