أحمد شوبير يكتب: ماذا تفعل لو كنت مكانى؟

الفجر الرياضي




عندما اخترت العمل بالإعلام كانت لدى طموحات كبيرة جدا وأفكار كثيرة للغاية تمنيت تحقيقها فعلا وكنت أحلم بأن يصبح للإعلام الرياضى مكانة كبيرة داخل منظومة الإعلام واجتهدت قدر إمكانى أن أحقق هذه الأحلام أو على الأقل جزءاً منها ووفقنى الله فى أن أحقق بعضا من هذه الأحلام فأصبح الإعلام الرياضى عاملا أساسيا ليس فى نسبة المشاهدة فقط بل فى الاستثمار بصفة عامة فقد أصبح الاستثمار الرياضى واحدا من أهم مصادر الدخل ليس للقنوات فقط بل للأندية والاتحادات وتعددت حقوق الرعاية من خلال البث التليفزيونى والحقوق الرياضية المختلفة والتى أصبحت ترتبط ارتباطا وثيقا بالإعلام وحقوق المباريات بل إننا شاهدنا ولأول مرة فى مصر أندية خاصة استثمرت كرويا ورياضيا بفضل فكرة التسويق الرياضى وشاهدنا أندية تنشأ خصيصاً لكرة القدم ويتم الاستثمار فيها ويتم بيعها بعد ذلك محققة عوائد مالية ومكاسب محترمة بل إن دول الخليج بدأت تتجه صوب السوق المصرية لأنها سوق مليئة بالخيرات والكنوز ويوما بعد يوم أصبح الإعلام الرياضى والبرامج الرياضية هى القاطرة التى تجر خلفها طابور الرياضة فى مصر بل الاستثمار الرياضى بالكامل ولا ينسى أحد أنه حتى نهاية التسعينيات كانت البرامج الرياضية لا تتعدى سهرة رياضية أسبوعية أو تعليقاً على المباريات بصوت العظماء محمد لطيف وعلى زيور وحسين مدكور وغيرهم ممن تتلمذنا على أيديهم ولكن استطعنا بفضل الله أن نغير هذا المفهوم تماما فظهرت البرامج الرياضية اليومية والتى أصبحت وجبة أساسية لكل المشاهدين لدرجة أنها أصبحت الأكثر مشاهدة بين البرامج كافة وتطور الأمر إيجابيا إلى ما هو أكثر من ذلك حيث ظهر د. وليد دعبس فأنشأ أول قناة رياضية خاصة وهى قناة مودرن ثم أتبعها بقناة مودرن كورة لتحققا نجاحا باهرا مما دعا بعض رجال الأعمال إلى شراء هذه القنوات سعيا لاستغلال النجاح الكبير لها ولكن ولسوء الحظ جاءت الثورة لتفسد كل شيء فيتوقف النشاط الرياضى كاملا وتكاد الحياة الرياضية تتوقف نهائيا وتتأثر بشدة المنظومة الرياضية وكرة القدم والتسويق الرياضى وتغلق بعض القنوات أبوابها لتوقف النشاط ولكن ومع جهود الدولة المضنية تعود الحياة للملاعب مرة أخرى صحيح بدون جماهير ولكن على الأقل أصبح هناك نفس وحياة داخل الملاعب وعادت الأمور أفضل كثيرا من السابق صحيح ليس بكامل قوتها ولكن على الأقل دبت الحياة فى أوصال الرياضة المصرية من جديد وعادت القنوات الرياضية للظهور من جديد وعادت بعض القنوات لتخصص للرياضة مكانا ثابتاً فى خريطتها اليومية وزادت نسبة المشاهدة خصوصا مع ازدياد الأحداث والمناسبات الرياضية بالإضافة إلى نجاح المنتخب الوطنى الأول فى الوصول إلى نهائى بطولة الأمم الإفريقية والتأهل لنهائيات كأس العالم بعد غياب 28 عاما ولكن ومع كل هذه النجاحات كان هناك ممن دفعوا ثمن هذا النجاح ولعلى كنت أبرزهم فمع التناول الواضح والصريح دخلنا فى العديد من المشاكل والأزمات وتعرضت لكثير من الأزمات منها على سبيل المثال حكم قضائى لأول مرة فى التاريخ بإيقاف برنامجى، أيضا محاولات كثيرة للتدخل فى صميم عملى وهو ما كنت أرفضه تماما ولكن مع الإصرار والتحدى كانت العودة دائما أقوى وأشد من سابقتها وسط دهشة الجميع خصوصا بعد منع كافة الحقوق من مباريات وأحداث رياضية وهى الشريان الرئيسى للبرامج الرياضية ومع ذلك كان النجاح مدويا ومفاجئا للكثيرين بفضل الله سبحانه وتعالى وثقة المشاهدين ومصداقية ما قدمته من مادة أجبرت الجميع على احترامنا وتقديرنا ولكن وبكل أسف ومع دخول عالم السوشيال ميديا إلى الساحة الرياضية اختلطت الأمور جميعها فأصبح لكل شخص منبر يتحكم فيه ويحاول بشتى الطرق إخضاع الناس له ولآرائه ولم يعد فى الإمكان ارضاء أحد فلو انتقدت مجلس إدارة ناد أو هيئة أو أى شخص قامت الدنيا ولم تقعد ووجهت إليك أسوأ أنواع السباب من كل حزب موال لمن تنتقده وإذا صمت ولم تعلق اتهموك بالجبن وإذا أخذت صف فريق على حساب فريق آخر اتهموك فى ذمتك وشرفك وعرضك وتجاوز الأمر هذ الحد بدخول بعض الشخصيات الدخيلة على عالمنا الرياضى تهددك وبقسوة بأنها ستتدخل لدى الدولة لمنعك من الظهور أو تحاول أن تؤذيك معنويا ومادياً ورغم ثقتى التامة فى الدولة بكامل أجهزتها إلا أن لديهم أساليب وطرقاً ملتوية يستطيعون بها أن يحاربوك ويضعون لك الأشواك فى الطريق فى محاولة لإبعادك عن رسالتك ومهنتك التى أسستها وساهمت فى نجاحها بل فى ظهور بعض الأشخاص فى مناصب لم يكونوا ليحلموا بها.. والسؤال الآن ما هو المطلوب بالضبط؟ هل نسير باتجاه إرضاء جميع الأطراف فنخسر كل الناس وأولهم نفسك؟ أم هل تسير بالمبادئ والأصول والقيم تدهسك الأقدام؟ أم الأفضل أن تعتزل المهنة وتتفرغ لتربية الأولاد وتعيش الفترة الباقية من حياتك فى هدوء نفسى وترضى بما كتبه الله لك من رزق خصوصا وأن الأرزاق والأعمار بيد الله!

بالله عليك ماذا تفعل لو كنت مكانى؟