هل ترد الحكومة 190 مليون جنيه قيمة "كارت البنزين" للمواطنين؟

العدد الأسبوعي



4 شركات مسئولة عن المشروع والتكلفة 2 مليار جنيه

الحكومة خططت لإلغاء الدعم ورغم ذلك جددت الاتفاق مع "أى فاينانس"


تراجعت الحكومة عن تطبيق منظومة الكارت الذكى للوقود، رغم ملايين من أصحاب السيارات والفلاحين دفعوا رسوماً للحصول عليه، كما حصلت إحدى الشركات على عشرات الملايين مقابل إصداره ومقابل الدراسات المتعلقة بتطبيقه.

يصل عدد الكروت التى تم إصدارها، 8 ملايين كارت تمت طباعتها، وتوزيع كميات منها بالفعل، بتكلفة إجمالية، 2 مليار جنيه، فيما دفع المواطنون 190.5 مليون جنيه، وذلك قبل أن يصرح، طارق الملا، وزير البترول، بأنه تم إلغاء تطبيق الكارت الذكى.

والتقديرات الأولية لتكلفة المنظومة الملغاة، تضم نحو 200 مليون جنيه تكاليف الطباعة، بخلاف البنية التحتية، وعمليات التشغيل وربط الأنظمة وماكينات الـPOS لصرف الحصص، وتدريب العاملين بالمحطات على المنظومة وغيرها، فضلا عن تنفيذ المرحلة الأولى التى تشمل ربط المستودعات الإنتاجية بالمحطات.

بدأت فكرة الاستعانة بالكارت الذكى فى إبريل 2013 أثناء عهد هشام قنديل، رئيس مجلس الوزراء، أثناء فترة حكم جماعة الإخوان، بهدف التصدى ومواجهة السوق السوداء للوقود التى انتشرت بكثافة وتزايدت خلال فترة حكم الجماعة، ووقتئذ دعت الحكومة المواطنين من أصحاب السيارات والمخابز والفلاحين لاستخراج الكارت الجديد بهدف تحديد الاستهلاك.

وتعاقدت الحكومة مع 4 شركات للإشراف على المنظومة أبرزها شركة «أى فاينانس»، ومنذ 2013 حتى 2016 انتهت الشركة من طباعة 6 ملايين كارت وقامت بتوزيعهما على المواطنين بمختلف المناطق، بالتعاون مع وزارة الداخلية ممثلة فى الإدارة العامة للمرور، وكان التعاقد الأول المبرم مع الشركة لمدة 3 أعوام ينتهى فى إبريل 2016، إلا أنه تم تجديد التعاقد لمدة عامين إضافيين.

وفى ديسمبر 2017 أعلنت شركة «أى فاينانس» انتهاءها من طباعة حوالى 10 ملايين كارت، حيث أطلقت الحكومة حملة دعائية لترويج للكارت، ودشنت موقعاً إلكترونياً ليستطيع أى مواطن تسجيل بياناته بسهولة ويسر، وتم تحديد 25 جنيهاً سعراً للكارت الواحد.

وخلال الفترات السابقة، أكد جميع مسئولى وزارتى البترول والتموين، حتمية تطبيق المنظومة الذكية لإحكام السيطرة والرقابة على المنتجات البترولية، لمحاربة السوق السوداء، ووفرت الأولى 3 آلاف ماكينة تحصيل داخل محطات الوقود بالسيارات، لتسجيل الكميات التى يحصل عليها كل مواطن، لربط المحطات بالشبكة المالية الحكومية، كما تم تدريب العاملين بالمحطات.

وفى أول اجتماع لحكومة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أعلن وزير البترول، خلال مؤتمر صحفى بمقر المجلس، أن هناك عيوباً كثيرة لمنظومة الكارت الذكى، ولا يمكن أن يكون هناك أكثر من سعر للمواد البترولية، سعر فى الكارت وآخر للمواطنين غير الحاصلين عليه.

وبرر الوزير إلغاء الكارت بأنه سيخلق سوقاً سوداء للوقود، وهو ما ترفضه الحكومة تماماً، وترك الوزير تساؤلات ودهشة لدى المواطنين خصوصاً من سارعوا لاستخراج الكارت، منها ما الداعى لتأكيدات الحكومة فى السابق على تطبيق المنظومة ولماذا تم تجديد التعاقد مع الشركات المسئولة عنها رغم أن نفس الحكومة وضعت منظومة أخرى للوقود تتضمن تحرير سعره، وفى نفس التوقيت.

وتساءل المواطنون أيضاً عن سر عشرات اللقاءات والمؤتمرات التى عقدتها الوزارة والشركة على مدار الـ4 سنوات الماضية عن أهمية تفعيل منظومة وأهدافها، وقيام شركة «أى فاينانس» لتكنولوجيات تشغيل المنشآت المالية بطباعة الكروت الذكية التى أصبحت حالياً دون جدوى وبلا فائدة، باستثناء الأموال التى تم إهدارها على إنشاء المنظومة وعشرات الملايين التى دفعها المواطنون لاستخراج الكارت والتى تصل لـ190.5 مليون جنيه.

والمتابع الجيد لتفاصيل المنظومة كان يدرك أنها ومنذ البداية كانت مبنية على أخطاء، ودراسات غير كافية وخطط غير محكمة، فخبراء وأساتذة جامعات مختصون ومهتمون بالشأن البترولى بوجه خاص أكدوا أنه لا فائدة من التطبيق خصوصاً أن نفس الحكومة التى أصرت عليها تتبنى خطة لإلغاء الدعم نهائياً عن الوقود.

كما أن 4 أعوام مضت ولم يتم حصر بيانات سوى لـ4500 معدة صناعية فقط و96 ألف توك توك، نتيجة الفشل والتقاعس وعدم التنظيم والتنسيق مع وزارة الزراعة، كما أن هناك أكثر من 70 % من محطات البنزين التابعة لوزارة البترول غير مجهزة بالأساليب التكنولوجية لكى تلائم تطبيق المنظومة الذكية، لأن تنفيذ خطوة تطبيق الكارت الذكى يحتاج إلى شبكات اتصالات قوية تتعامل فى كافة المناطق، خاصة الصحراوية بجانب الحاجة إلي شبكة بيانات متكاملة وهو أمر صعب على الدولة تنفيذه لأنها تكلف عدة مليارات.

وللدقة استطاعت وزارة البترول، خلال الفترة الماضية تفعيل وتطبيق المنظومة الذكية الخاصة بشحن الوقود من المستودعات حتى وصولها لمحطات البنزين وهى خطوة ساهمت بشكل كبير فى ضبط وربط منظومة تداول المنتجات البترولية من أماكن الشحن حتى التفريغ ما قضى على ظاهرة السوق السوداء، ولكن الأمر يختلف تماماً عند التطبيق على المواطنين العاديين.

من جانبه قال حمدى عبد العزيز، المتحدث باسم وزارة البترول، إن المنظومة الذكية لم تشتمل على العديد من الأنشطة مثل الحيازات الزراعية والتوك توك ومراكب الصيد، لعدم حصرها، حتى الآن، ما كان سيخلق سوقاً سوداء فى حال تم التطبيق، موضحاً أن عدم سد الثغرات وحل هذه المشكلات كان سيؤدى لعدم استمرارية المنظومة أو تحقيق هدفها.

وكانت شركة «أى فاينانس» المسئولة عن إصدار كروت الوقود الذكية، أعلنت منتصف العام الماضى، أنها انتهت من تغطية 100% من كروت السيارات «الملاكى والأجرة والنقل» سواء التى تعمل بالبنزين أو بالسولار، وأن هناك 7 ملايين كارت موجودة بوحدات المرور، وأنها تنتظر قرار الحكومة لتشغيلها.

وبحسب خالد عبد الغنى، رئيس قطاع المشروعات بشركة «أى فاينانس»، فإن هناك نسبة كبيرة من السيارات فى مصر غير مرخصة، ولن يتم إصدار كروت بنزين لها، لافتا إلى أنه تم تدريب مجموعة من الموظفين على العمل بالمنظومة والموقع الإلكترونى لإصدار بدل الفاقد والتالف، إلى جانب «كول سنتر» للإجابة على الأسئلة المتعلقة باستخدامها

كما قامت الشركة بإصدار مليون كارت وقود ذكى لأصحاب الحيازات الزراعية، علما بأن كبار المستهلكين يعملون بمنظومة الكارت الذكى للوقود منذ عام 2013، وأن قمائن الطوب تعمل بالمنظومة بنسبة 100% منذ عام 2014، وأنه تم الانتهاء من الكروت الذكية المتعلقة بـ»المستودعات ومحطات الكهرباء والمصانع ومراكب الصيد وأعمال المقاولات والمخابز»، وطالبت الشركة أكثر من مرة أصحاب الـ»توكتوك « التوجه لمكتب التنمية المحلية للحصول على كارت الوقود مجاناً.

وترتب على إعلان وزير البترول أيضا تراجع الحكومة عن تطبيق الكارت الذكى تقدم بعض من أعضاء مجلس النواب بطلبات إحاطة بشأن إعلان الحكومة تراجعها عن تطبيق الكارت الذكى، بعد إنفاق ما يقرب من مليار جنيه.

وتساءل هيثم الحريرى عضو مجلس النواب الذى تقدم بأول طلب إحاطة: «لماذا لم يتم دراسة المنظومة قبل تطبيقها ودفع ما يقرب من مليار جنيه للشركة.

وتساءل الحريري: هل اكتشفت الحكومة مؤخرا، أن ذلك سيعمل على وجود سعرين للمواد البترولية، مشيرًا إلى أن الحكومة سبق وادعت أن فكرة الكارت منذ البداية قائمة على أن يحصل المواطنين على حصة من البترول المدعم، ومن يرغب فى الحصول على حصة أكبر سيحصل عليها دون دعم وكذلك لا يحصل الأجانب على الدعم مثل المواطنين.

واتهم الحريرى، الحكومة بأنها فشلت فى وضع منظومة صحيحة يصل من خلالها الدعم إلى مستحقيه، وقال ا: «هذه الحكومة استسهلت أن تضع يدها فى جيوب الفقراء والبسطاء وترفع أسعار السلع والخدمات وتزيد الأعباء الاقتصادية على الغالبية الكاسحة من الفقراء والبسطاء».