عبدالحفيظ سعد يكتب: محاولة اغتيال آبى أحمد ومبارك

مقالات الرأي



فى 26 يونيو، تعرض الرئيس المصرى الأسبق حسنى مبارك لمحاولة اغتيال فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، هذه المحاولة مر عليها 23 سنة.. كشف بعدها عن ملابساتها فيما يتعلق بالتدبير والتنفيذ، وأنه من صنع قادة تنظيم الجماعة الإسلامية فى خارج مصر، وتحديدا رفاعى طه ومصطفى حمزة، وتواردت التفسيرات بأن العملية تمت بتنسيق وبإحاطة قادة من السودان وتحديدا حسن الترابى، وبمباركة من عمر البشير، خاصة أن التحقيقات أثبتت فيما بعد أن المجموعة التى خرجت لتنفيذ العملية، كانت فى الخرطوم.

ورغم فشل عملية الاغتيال فى عام 1995، إلا أنها كان لها أسوأ النتائج السياسية والاستراتيجية على مصر، فعقب تلك الحادثة والتى وقعت أثناء زيارة مبارك لإثيوبيا لحضور القمة الإفريقية فى أديس أبابا.. إلا أن فشل العملية فى ذلك التوقيت من أثرها السياسى على مصر، وعلاقاتها الإفريقية، ونهر النيل تحديدا هو ما ظهر بعد مرور عقدين من زمن هذه المحاولة.

وقتها تصاعدت الخلافات بين القاهرة والخرطوم، لوجود شبهات عن الدور السودانى فى محاولة الاغتيال، خاصة أنها كانت تؤوى فى ذلك الحين قادة الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد، بالإضافة لأسامة بن لادن قبل الإعلان عن تأسيس تنظيم القاعدة.

وحدث فى ذلك الوقت ما يشبه قطيعة بين مصر السودان، وتدهور فى العلاقات بين البلدين لم يشهده التاريخ بينهما، بالإضافة لذلك حدث تحول آخر فى تعامل مبارك فى التعامل مع دول حوض النيل وتحديدا إثيوبيا وأهمله العلاقات معها خاصة أنها كانت فى هذه الفترة على أعتاب إقامة نظام سياسى جديد بعد التخلص من حكم منجستو مريام، بقيادة ملس زيناوى، والذى تمكن من قيادة إثيوبيا منفردا فى أغسطس عام 1995، أى بعد محاولة اغتيال رئيس مصر فى ذلك الحين بشهرين.

وظل زيناوى فى حالة مناوشات مع مصر، خاصة أن طموحه فى بناء سد على مجرى النيل، كان يراوحه بين الحين والحين.. ولكن طبيعة القوى والأوضاع الإقليمية لم تمكنه من خروج المشروع للنور، غير أن الأحداث أثبتت فيما بعد أنه كان يعد العدة للتحرك فى هذا الملف عندما تحين الفرصة المناسبة، والتى جاءت عقب ثورة 25 يناير.

وطرح زيناوى بشكل علنى، اعتزام إثيوبيا بناء مشروع سد النهضة، خاصة مع صعود الإخوان للحكم، وإدراكه أن المعادلة الإقليمية ليست فى صالحهم..

ورغم سقوط الإخوان، ووفاة زيناوى. وتولى خلفه تلميذه هايلى ديسالين، استمر مشروع سد النهضة، بشكل ظهر منه أنه عدائى مع مصر..

حتى جاء رئيس الوزراء الإثيوبى الجديد آبى أحمد، والذى ظهر من أدائه خلال الثلاثة أشهر الأخيرة التى تولى فيها الحكم، أن يتبع سياسة تهدئة مع مصر، والتى زارها وأبدى بوادر طيبة ورسالة بأنه لن يضر مصالح مصر فى المياه، كما أن بوادر التهدئة التى انتهجها آبى أحمد، لم تكن مع مصر وحدها، بل سعى أيضا لتهدئة الخلافات الإثيوبية مع جيرانها، بصفة عامة، والصومال وإرتيريا خاصة والتى هناك خلافات حدودية وعرقية بينهما منذ عدة سنوات.

لذلك تأتى محاولة الاغتيال التى نجا منها «آبى أحمد» يوم السبت الماضى بتفجير بالقرب من منصة كان يجتمع فيها بأنصاره وأدت لعدة إصابات ووفاة شخصين على الأقل من أتباعه.

ولكن الغريب أن نفس التوقيت تقريبا الذى شهدت فيه العاصمة الإثيوبية محاولة اغتيال لمبارك لكن قبل 23 عاما، لتضع علامات استفهام، عما يمكن أن تشهده إثيوبيا خلال المرحلة المقبلة، وتأثير ذلك على علاقاتها بمصر، وحقوق مصر المائية، فربما القدر وحده كان الذى جمع بين نفس ميعاد وتوقيت محاولة اغتيال مبارك يوم «السبت» 26 يونيو، ومحاولة اغتيال آبى أحمد»23 يونيو»، لكن لا علينا أن نبحث عن النتائج ونربط الأحداث، فى محاولة اغتيال مبارك وجدنا نتائجها تظهر بعد عقدين من الزمن فماذا عن محاولة اغتيال آبى أحمد.