طارق الشناوي يكتب: وانتهى شهر العسل بين مكرم وفاضل

الفجر الفني



المقال نقلا عن المصري اليوم

كما توقع قبل أشهر قليلة كاتب هذه السطور، لن تستطع لجنة بلا منطق ولا منهج ولا إحم ولا دستور الاستمرار أكثر من ذلك، فقررت الاستقالة الجماعية، وإن كنت أشك فى حكاية جماعية تلك لأن ما أعلنوه من أسماء لم يتجاوز الخمسة، رغم أن اللجنة تضم عشرة، أى أن الاستقالة من الناحية القانونية محل شك ليس فى كونها فقط جماعية، بل فى اعتبارها أساسا استقالة، لأنه من الواضح أن الأستاذ مكرم محمد أحمد ألقى بالطعم للمخرج محمد فاضل وكان واثقا من أنه سيسارع بتقديم استقالته، فهى أقرب لإقالة.

اللجنة بأسلوبها السابق أشبه بكيان هولامى مثل نتوء أو بثور تناثرت على جسد الدراما المصرية العليل أصلا، ولم يجدوا سببا واحدا لتواجدها سوى أن رئيسها مخرج مخضرم له باع طويل وصار أسطى فى المهنة، ولكن وكما قالت الست (عايزنا نرجع زى زمان قول للزمان ارجع يا زمان).

هل كانت اللجنة واحدة من طموحات محمد فاضل أم أنه كان يحلم بشىء آخر ووجد أن الطريق لتحقيقه يمر بالضرورة عبر اللجنة؟ أكيد أنه الشىء الآخر، فاضل يتوق للعودة للوقوف مجددا خلف الكاميرا، وهذا لن يتحقق إلا إذا عادت الدولة مباشرة إلى اللعبة الإنتاجية.

مال الدولة مع الأسف تمت فى السنوات الأخيرة وبنسبة كبيرة استباحته من الممكن أن يسمح بخسارة مضاعفة مادية وأدبية، فاضل حاليا يشغل مقام (شيخ حارة الدراما)، فلا شك أنه الأولى بالحصول على أول وأكبر قضمة من كعكة إنتاج الدولة، إلا أن صبره طال أكثر مما يحتمل ولم يعثر حتى على بارقة أمل، لقد أمضى عدة أشهر فى اللجنة وهو يصدر قرارات عشوائية بلا ضابط ولا رابط، مرة يقول سوف نقيم دورة تثقيفية باسم أسامة أنور عكاشة ويحدد موعدها، ثم كأن شيئا لم يكن، ومرة يؤكد استعداده لإقامة مؤتمر موسع للدراما ويحدد أيضا الموعد بدقة ثم يقول (سامحونى ما كانش قصدى)، ومرة يزف تلك البشرى بأنه سوف يُعيد مهرجان التليفزيون العربى، ثم بعدها لا حس ولا خبر. إنه فقط يملأ (الميديا) بأخبار تؤكد بين الحين والآخر حضوره داخل الملعب، رغم أنه يجلس فعليا على دكة الاحتياطى.

هو مثلا صاحب بيان اللجنة الاسترشادية الذى أثار لغطا فى الوسط الفنى، حيث إنه يقدم للمبدعين (براشيم عامة للغش الدرامى) لتحديد ما ينبغى لهم أن يتناولوه أو بالأحرى يتجنبوه، وعندما هاجموه قال إنها ليست ملزمة لأحد. لقد حدث تغيير فى أصول الدراما على مستوى التناول الفكرى والفنى وأيضا تقنية التنفيذ، وبديهى أن نختلف مع قسط  لا بأس به من الأعمال الحالية، إلا أن لغة التواصل قد تغيرت، وعددا من التلاميذ ذهبوا لمناطق درامية أبعد من الأساتذة.

الكل يعلم أن تواجد لجنة الرصد الدرامى برئاسة د. سوزان القللينى هى التى دفعت فاضل لتقديم استقالته، رغم أنه من الناحية الشكلية لا تعارض بينهما، الرصد تقدم مباشرة أرقاما تحدد مثلا عدد مشاهد التعاطى أو العنف وكم مرة قدمت المرأة فى صورة سلبية أو إيجابية وهكذا، فهى لجنة مستقلة فى زاوية رؤيتها، وتقدم الرقم المحايد ولا تتزيد فى شىء، وهذا يعنى أن الشيخ لم يعد يملك كل مفاتيح ودهاليز شقق الحارة، فكان عليه أن يسارع بمغادرة الحارة!!