"بشتاك" أشهر حمام في القاهرة لم يبق منه سوى "الواجهة"

صور



كان قرار الدكتور جلال مصطفى سعيد محافظ القاهرة الأسبق عام 2016، بإدراج "حمام باشتك" الأثري بشارع سوق السلاح ضمن العقارات ذات الطراز المعمارى المتميز لاعادة تأهيله، فى إطار مشروع تطوير المناطق الشعبية التراثية التى تنفذه محافظة القاهرة وخاصة بمنطقة الدرب الاحمر، هو قرارًا تاريخيًا وقابله الكثيرون بارتياح شديد


ثم كان قرار وزارة الآثار بتسجيل واجهة حمام بشتاك الأثرية كأثر تابع للوزارة، وصدر قرار الوزارة بترميم الواجهة ضمن عشرة مباني قررت القاهرة التاريخية ترميمها وتطويرها، إلا أنه وحتى الآن لم يجد جديد على حمام بشتاك الأثري


يقول الدكتور عماد عثمان كبير باحثين، والمدير العام السابق لمنطقة آثار جنوب القاهرة، في تصريحات خاصة للفجر، إن "حمام بشتاك" هو أحد أهم وأندر الحمامات الشعبية الأثرية، وأقدم "ساونا" بلدي في مصر، أنشأه الأمير "سيف الدين بشتاك الناصري المملوكي" عام 742 هجرية


وهو واحد من المماليك المفضلين لدى السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وقد اشتراه مقابل ستة آلاف درهم، وقام الأمير قوصون على تربيته، وقد شغل بشتاك الناصرى عدة مناصب في عهد السلطان الناصر قلاوون منها أمير الشكار المسئول عن الصيد الملكي، ومن أشهر مبانيه في القاهرة هي قصره "قصر بشتاك" الكائن الآن في حي الجمالية، وحمامه "حمام بشتاك" الكائن في شارع سوق السلاح بمنطقة الدرب الأحمر بجانب سبيل رقية الدودو، وفي الشارع الموازع لشارع باب الوزير


وتابع عماد أن أهل القاهرة ظلوا يستخدمون "حمام بشتاك"، لسنوات طويلة قبل غلقه وإهماله، وقامت وزارة الاثار بتسجيل مدخل الحمام فقط، بعد أن امتدت يد الإهمال إلى باقي أجزاء الحمام، حيث تحول جزء منه إلى مكان لـ "تدميس الفول". 

وتابع عماد أن الحمام كان يعمل منذ مدة قريبة لا تتجاوز 13 عام، وكان يرد عليه المصريين والسائحين من مختلف الجنسيات، لتلقي جلسة من البخار، والاستمتاع بالماء النقي المعالج في مغاطسه التي تم تصميمها بحرفية، وقد تم إهماله وهجرانه، ولم يتم الإعتناء سوى بالواجهة، وكل عدة سنوات يأتي مسؤولي الآثار لمعاينة الواجهة وفقط


وأشار د. عماد عثمان أن مستوقد الحمام تم إغلاقه بأمر من البيئة منذ ما يقرب من عشر سنوات، وقد قام مالكي الحمام الأصليين ببيع الجزء الخلفي منه حيث تم تحويله إلى مستوقد لطهي الفول


وأضاف عماد أن أغلب أجزاء الحمام الداخلية تساقطت للأسف الشديد، حيث كان يتكون من بناء متعامد التخطيط ينقسم لقاعة رئيسية في الوسط لخلع الملابس تسمى "المسلخ".


تغطيها قبة ترتكز على أعمدة تحيط بها ثلاث قاعات أخرى، أولها ذات مغطس به ماء بارد وتسمى الغرفة الباردة، وثانيها ذات مغطس به ماء متوسط الحرارة، وتسمى الغرفة الدافئة، وثالثها ذات مغطس ماء ساخن، وتسمى الغرفة الساخنة


وكان تسخين الماء في حمامات هذا العصر عادة ما يتم بواسطة إيقاد النار في مستوقد تحت أرضيته، تمتد منه أنابيب فخارية للماء الساخن داخل الجدار أما سقوف هذه القاعات فكانت على هيئة أقبية نصف برميلية بها فتحات صغيرة للتهوية و الإنارة


ويتابع د. عماد أن كل هذه التفاصيل أو أغلبها اندثر الآن، ولم يتبق منه سوى الواجهة، وهي مسجلة كأثر، وهي تُعد من أجمل واجهات الحمامات في القاهرة التاريخية، حيث أنها تشبه واجهة جامع الأقمر بشارع المعز لدين الله الفاطمي


وفي نهاية تصريحاته للفجر قال الدكتور عماد عثمان كبير باحثين، والمدير العام السابق لمنطقة آثار جنوب القاهرة، إن حمام بشتاك الأثري طالته يد الإهمال من كل جانب، فواجهته منخفضة عن الشارع الرئيسي وهي تتحول بمرور الوقت لمقلب للقمامة، وأجزائه الداخلية جزء منها تحول لمستوقد لطهي الفول، وأجزاؤه الأخرى تساقط معظمها.