منال لاشين تكتب: أزمة علاوة 19 مليون مصرى فى القطاع الخاص

مقالات الرأي



- السويدى يدافع عن حق العمالة فى زيادة أو علاوة.. ورجال الصناعة يتهمونه بمحاولة إرضاء الحكومة 
- الزيادة فى بطاقات التموين لم ولن تكفى لمواجهة ارتفاع أسعار الكهرباء والبنزين والسلع والمياه 
- المشروعات فى مصر هى الأعلى ربحية واسألوا العبار

بعد ثورة 30 يونيو جاءت وفود من رجال الأعمال والمستثمرين العرب أو بالأحرى من الخليج العربى، وكان العنوان العريض لهذه الوفود مساعدة ودعم الاقتصاد المصرى بعد ثورة 30 يونيو.

ولكن رجلا أو بالأحرى مليارديراً إماراتياً وقف فى وسط القاعة بأحد اللقاءات..وتكلم بصوت عال ليشهد عليه الجميع. قال رجل الأعمال الإماراتى محمد العبار: إننا جميعًا سنستفيد من مشروعاتنا فى مصر، وأنه ربح من مشروعاته فى القاهرة فقط مقدار أرباح مشروعاته فى كل المنطقة العربية.

مصر دولة ذات ربحية عالية للمستثمر والتاجر على حد سواء، ودورة رأس المال تتحرك بسرعة، ومع تحرك عجلتها تزيد الأرباح.. مصر دولة بلا رقابة على الأسواق تقريبا.. والتجار يمرحون ويرفعون الأسعار كل يوم تقريبا.

ومع ذلك لا تجد رجل أعمال مصريًا سواء صانعًا أو تاجرًا يعترف بمكاسبه وأرباحه، وفضل مصر عليه إلا فى الإعلانات. ربما يدفع رجال الأعمال تبرعات كبرى فى المشروعات الخيرية من باب الاستثمار فى آخرته، ولكن معظمهم لا يعرفون المعنى الحقيقى للمسئولية الاجتماعية وحقوق العمال، والمعركة الدائرة الآن بين قيادات قطاع البيزنس خير دليل على ذلك.

1- بداية القصة

القصة تتكرر كل عام وكأننا ننقلها من عام إلى آخر على ورق كربون. الحكومة تقر العلاوة السنوية لموظفى الدولة وعددهم نحو 6 ملايين موظف، ولكن القطاع الخاص لا يلتزم بأى زيادة، ويرفض مساعدة ودعم العمال والعاملين فيه فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التى يعيشها نحو 19 مليون موظف بالقطاع الخاص. فى أحلك الظروف الاقتصادية يظل موقف معظم رجال الأعمال ثابتا.. ادعاء الفقر ورفض زيادة الموظفين العاملين لديهم.

وفى كل عام يطلب رئيس اتحاد الصناعات المهندس محمد السويدى من زملائه فى نادى الصناعات والتجار أن يقوموا بزيادة رواتب العاملين لديهم لمساندتهم فى ظل الأزمة الاقتصادية.السويدى يتحدث عن مبادرة.للسويدى وجه آخر فهو زعيم الأغلبية فى مجلس النواب، ولذلك لا أعلم من هو السويدى الذى يطالب بزيادة رواتب العاملين.. رجل الأعمال والصناعة أم رجل السياسة والبرلمان؟

وبحسب السويدى فإن رجال الأعمال يستطيعون أن يتحملوا زيادة الرواتب بنسب تدور نحو 10%، وأن هذه الزيادة حتمية فى ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التى تعيشها مصر أو بالأحرى يعيشها المواطن الذى يعمل فى القطاع الخاص، وقد كرر محمد السويدى هذه الدعوة أو المبادرة لمدة ثلاثة أعوام متتالية على الأقل.

وفى كل مرة تواجه هذه المبادرة أو الدعوة بالرفض من غالبية رجال الأعمال، ولكن الأمر تعدى الرفض فى هذا العام، ووصل إلى اتهام صاحب الدعوة اتهامات سياسية.

2- الحكومة خذلتنا

نسبة لا يستهان بها أبدا من رجال الأعمال فى مجال الصناعة يرفضون اقتراح أو مبادرة أو دعوة السويدى رئيس اتحاد الصناعات، ويتعدى الأمر هذا العام مرحلة الرفض إلى مرحلة الاتهامات السياسية.. من داخل قطاع الصناعة والصناع يأتى اتهام السويدى بأنه يجامل الحكومة على حساب زملائه الصناع ولم يعد يمثل مصالحهم. بل يسعى إلى تحقيق مصالحه الشخصية السياسية، وإرضاء قيادات الحكومة والبلد بالدعوة إلى زيادة رواتب العاملين بالقطاع الخاص، ومن وجهة نظرهم أن السويدى يحاول أن يضمن إعادة انتخابه فى البرلمان الجديد بإطلاق مثل هذه الدعوات الشعبوية من وجهة نظرهم. قال لى رجل صناعة كبير جدا: إن السويدى يسعى لمنصب وزارى أو سياسى أكبر مما وصل إليه، وأضاف الرجل أن السويدى يعلم الظروف الصعبة التى تواجه أهل الصناعة فى مصر، والأعباء الكبيرة التى يتحملها الصانع من أسعار غاز وكهرباء ومياه وغرامات تأخير. أحد المصدرين يزعم أن الحكومة مديونة للمصدرين بأكثر من 2 مليار دولار دعم تصدير أنفقه المصدرون ولم تدفعه وزارة التجارة أو المالية بعد، وكل معارضى مبادرة أو دعوة السويدى يتحدثون عن الأثر السلبى الضخم والمدمر لتعويم الجنيه على الصناعة المصرية من جهة وعلى جيوب أهل الصناعة من جهة أخرى. رجل صناعة آخر اتهم السويدى بأنه نسى أنه رجل صناعة ويشتغل سياسة، ويدعو الرجل زميله رئيس اتحاد الصناعات -السويدى- بالاهتمام بالصناعة والمصانع المغلقة أو المتوقفة أو المتعثرة لحل أزمة العمالة بها.

ولا يختلف موقف التجار عن الصناع الكل يتحدث عن أزمات وخسائر وضغوط مالية وأن الوقت غير مناسب لأى زيادات أو بالأحرى أعباء على التجار.

3- لغز الأسعار

بالطبع لا يمكن تصديق أن كلًا من الصناع والتجار يحققون خسائر فى ظل ارتفاع جنونى ومتكرر ودائم لكل أسعار السلع والخدمات فى مصر، وبعيدا عن أثر التعويم والنقل والكهرباء على ارتفاع الأسعار، فإن هناك ارتفاعات مبالغ فيها فى أسعار السلع والخدمات، ولذلك لا يمكن تصديق أن كل الصناع والتجار يخسرون خاصة الكبار منهم، وأنا مع مبادرة أو دعوة السويدى رغم اننى ضد جمعه بين رئاسة اتحاد الصناعات وعضوية البرلمان، ولكن دعوة أو مبادرة السويدى. أنه ليس من العدل أن يتحمل أكثر من 19 مليون مواطن وأسرهم الزيادات الجديدة فى أسعار المياه والكهرباء والنقل والمواد البترولية لوحدهم، وكما قال ملك الأردن: ليس من العدل أن يتحمل المواطن وحده عبء الإصلاح الاقتصادى.يجب أن يتحمل رجال الأعمال مسئوليتهم ونصيبهم من أعباء الإصلاح الاقتصادى. مثلما جمعوا المليارات والملايين من الجنيهات من أرباح أعمالهم فى مصر، وهى أرباح لا يمكن الحصول عليها إلا فى مصر فقط.

وإذا كانت الحكومة تحملت زيادة المواد التموينية بنسبة 50% لكل أسرة، فأقل واجب أن يتحمل رجال الأعمال زيادة أجور العاملين لديهم بنسبة 10%، وعلى فكرة معظم هذه العمالة من الطبقة المتوسطة التى تستهلك السلع والخدمات التى يقدمها رجال الأعمال. على بلاطة أرباحهم من تعب وعرق ومال هذه العمالة أو 19 مليون مواطن.