د. حماد عبدالله يكتب: توقف ، وشرح ، وتوثيق

مقالات الرأي



إستمراراً للسيرة الذاتية والأحداث الهامة التى مرت بى فى رحلة حياة إتسمت بالكفاح والعناد والصبر ، أود أن أتوقف قليلاً لكى أعرض على حضراتكم قصة منتدى "دافوس" ومنتدى "كران مونتانا" فى مقالة خاصة هى اليوم .
هذه التجمعات الاهلية الدولية  بدأت في قمة " جبال الالب"  بمدينة صغيرة إسمها "دافوس" عام 1971وكان صاحب فكرة إنشاء هذا المنتدى إثنين من المحامين الأوربيين –جنسية الأول سويسرى من أصل ألمانى وهو مستر "شواب كلاوس" والأخر سويسرى من أصل فرنسى هو مستر "جان بول كارترون" .
وتأسس هذا المنتدى بغرض عمل لقاء سنوى جرت العادة أن يكون موعده فى يناير من كل عام حيث يمكن لرواد هذا الإجتماع السنوى ممارسة التزحلق على الجليد فوق الجبل الذى تقع فيه "مدينة دافوس" .
ولقى هذا المنتدى إقبالاً كبيراً من رجال الأعمال الأوربيين فى هذه الحقبة من الزمن وواكب أيضاً هذه الفترة الضعف الشديد الذى بدأ يظهر على مؤسسة الأمم المتحدة وعدم قدرتها على إتخاذ قرار نافذ أو فاعل فى الأحداث الدولية وأهمها فى هذه الفترة قرار مجلس الأمن رقم 242 عقب حرب الأيام الستة فى الشرق الأوسط وعدم قدرة المنظمة العالمية على إرغام إسرائيل على تنفيذ القرار "242" والإختلاف حول تفسيره حتى من أعضاء مجلس الأمن الذين صاغوه بناءاً على إقتراح من المملكة المتحدة "بريطانيا" وهنا كان التجمع الذى بدأ يجمع رجال أعمال من أوروبا وأمريكا وجنوب شرق أسيا دور جديد بدأ يظهر فى أعقاب حرب 1973 بمجىء وزراء إقتصاد وخارجية من الدول التى تشارك برجال أعمال لطرح تصورات جديدة أمام التعاون الدولى فى الإقتصاد وهنا ظهر الوجه الأخر للعملية وهى السياسة.
ونظراً للإقبال الشديد ورفع قيمة الإشتراك وإعتبار مدينة دافوس فى فترة إنعقاد المؤتمر هو معسكر كامل الأنشطة لخدمة أعضاء المؤتمر من فنادق وتاكسيات "وتيلفريك" إلى قمم الجبال وشوبينج وإتفاقات وسمسرة أصبح العائد من هذا المنتدى على أصحابه حسب المعلن الرسمى للضرائب والرسوم الدولية وغيرها ما تعدى كل تصور للقائمين على هذا المنتدى ونتيجة لخلاف بين الشركاء إنفصل مستر "جان بول كارترون" عن دافوس وأنشأ منتدى أخر فى مدينة " كران " على قمة "جبل مجاور" فى نفس المنطقة وذلك سنة 1979 وإشتدت المنافسة بين المنتديين  "كران مونتانا  ، دافوس".
تبني منتدى دافوس تنمية الاقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وذلك بعد أن قام منتدى "كران مونتانا" في مدينة بوخارست 1992 بعقد لقاء أثناء فعاليات نشاطه بين مستر 
" رابين " رئيس وزراء إسرائيل ووزير خارجيته مستر "بيريز"والسيد ياسر عرفات وكان يمثل مصر وفدا كبيراً حكومي ومن رجال الأعمال علي رأسهم الأستاذ الدكتور/ احمد فتحي سرور والسيد /عمرو موسى –والمرحوم /كمال الشاذلى.
وعقب فعاليات هذا المؤتمر ذهب الإسرائيليون والفلسطينيون إلي اوسلوا ليفاجئوا العالم بإتفاقهم 1993 والذين وضعوا توقيعهم النهائى وإعلانه فى القاهرة يوم 4 مايو 1994 بقاعة المؤتمرات بمدينة نصر فى وجود الرئيس الأسبق مبارك.
ثم تبني "شواب كلاوس " تزويج إسرائيل علي العالم العربي في مؤتمر "مينا سوميت " بكازبلانكا بالمغرب " وهو مؤتمر قمة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" 1994 الذي 

إنتقل إلي عمان في دورته الثانية 1995 ثم إلي القاهرة 1996 وصدم العالم العربي بمجيء " نتنياهو "الي حكم إسرائيل عقب اغتيال " رابين " لكى تفشل الدورة الرابعة في الدوحة بقطر لمؤتمر دافوس " مينا سوميت" 
لم يستطع " شواب كلاوس"  رغم كل مساعيه أن يجمع رجال أعمال المنطقة وأهمهم رجال الأعمال المصريون سنة 1997 بمدينة الدوحة في قطر اعتراضاً من أغلب رجال أعمال الدول العربية وخاصة المصريون علي رأسهم الحكومة المصرية علي اشتراك إسرائيل تحت لواء " بنيامين نتنياهو " الذي هدم كل الجسور التي بناها  رابين خلال السنوات الأربع السابقة ومنذ اتفاق أوسلوا مع الفلسطينيين وهنا انتهز منتدى " كران مونتانا " فرصة انقطاع المصريون بالذات عن حضور مؤتمر الدوحة 1997  لكي يدعو إلي اجتماعه السنوي في يونيو 1997 أغلب رؤساء الدول الأفريقية والأوربية الشرقية بعد تحريرها من السيطرة الشيوعية وتقديمهم الي المجتمع الدولي  والدور البارز للجانب العربي في المؤتمر وخاصة المصريون .
 ورأس وفد مصر في هذا المؤتمر الدكتور/ إبراهيم فوزي وزير الصناعة انذاك وجمع كبير من رجال الأعمال المصريون علي رأسهم الأستاذ /شاكر اباظة(بيجو ) حسين أباظة وممدوح أباظة وسمير علام وغيرهم ووفدا صحفيا كبيرا وغطي المؤتمر جوانب اقتصادية هامة ولم يستطع "كران مونتانا " مضاهاة دافوس من الناحية السياسية  خاصة وأن تدعيم أمريكا وإسرائيل للأخير كانت ومازالت بلا حدود. 
ولعل ضعف المؤسسات الرسمية الدولية كانت السبب ولا زالت في جدوي ظهور هذه التجمعات الأهلية الدولية وقدرتها علي اختراق البروتوكولات والمواثيق والتعهدات الحكومية حيث يغلب الاقتصاد والمصلحة علي السياسة بل تتأكد سياسة دول العالم علي مصالحها الاقتصادية  ولا شك بأن التشابك الاقتصادي والمنافع المتبادلة  هي أدوات جديدة لعصر جديد اختفت فيه كل القوي وظهر القطب الواحد لحين أشعار أخر من جنوب شرق أسيا وأعتقد انه ليس ببعيد !!!!