صندوق الوزير لافروف وأسرار الزعيم كيم

عربي ودولي



لم يمض وقت طويل على مغادرة وزير الخارجية الروسي، سيرجي لافروف قصر الرئاسة في بيونغ يانغ حتى تصدر خبر لقائه الزعيم كيم جونغ أون عناوين الأخبار العالمية.

 

ودخل المحللون ووسائل الإعلام في جدل حول أسباب هذا اللقاء الذي لم يكن معلنا سابقا عن توقيته، ولماذا استبق القمة التي ستجمع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب بالزعيم الشاب كيم جونغ أون.

 

أصر الجانب الكوري الشمالي حسب مصدر في الخارجية الروسية على أن تكون الزيارة قبل القمة المرتقبة مع الرئيس ترامب، وكان الوزير لافروف هو أول شخصية روسية رفيعة المستوى يلتقيها كيم منذ توليه الحكم في كوريا الديمقراطية الشعبية.

 

الوصول إلى قصر الرئاسة الذي يحمل اسم جناح المئة زهرة ليس بالأمر المعتاد خاصة لموظفي البروتوكول الذين بدت على وجوههم علامات القلق قبل دقائق قليلة من وصول الضيف الروسي.

 

حالة التوتر لدى بعضهم بدت أكثر عندما فتح باب القاعة التي ستحتضن لقاء شقيقة الزعيم كيم يو جون فهي المسؤولة عن ترتيب أمور أخيها، وباتت توصف بأنها الشخصية الثانية في الدولة بعد كيم جونغ أون.

 

همست يو جون بأذن أحد المسؤولين خلف الباب ليسارع الرجل ويطلب من الجميع التوجه إلى باب القصر حيث سيصل سيرغي لافروف.

 

عقدة الأسئلة عما يجري خلف الباب الكبير المغلق حلها الزعيم كيم بنفسه إذ قرر استقبال سيرغي لافروف عند مدخل القصر الرئاسي، وهو ما لم يكن معتادا بالنسبة له فقبل أيام قليلة التقى بنفس المكان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، لكنه لم يخرج إليه وانتظره في قاعة المباحثات، ووفق كثيرين فإن ذلك يدل على أن الزعيم الشاب أراد إيصال رسالة ليس فقط إلى الكرملين بل إلى البيت الأبيض الذي يستعد سيده للقائه بعد فترة قصيرة.

 

موكب الوزير الذي خلا من أي حراسة مشددة خلال الساعات السبع من زيارته لبيونغ يانغ وصل إلى باب القصر حيث كان بانتظاره خلف باب زجاجي الزعيم كيم الذي بدت على وجهه ابتسامة كبيرة مرفقة بكلمات الترحيب بالوزير العزيز.

 

البروتوكول المفتوح للصحافة بيّن توجهات الرئيس كيم وتطلعاته المستقبلية في تطوير العلاقات مع موسكو شاكرا الرئيس بوتين على مواقفه الداعمة لبلاده خلال الفترة المنصرمة وبشكل خاص تجاه العقوبات المفروضة على كوريا الشمالية.

 

لكنه أكد للوزير لافروف أنه يأمل في تسوية قضية العلاقات الكورية الأمريكية، وقضية نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية على أساس مرحلة تلو الأخرى.

الأمر الذي استبق في التأكيد عليه لافروف بعد مباحثاته مع نظيرة الكوري الشمالي.

لافروف حدد أيضا أن موسكو لن تتدخل في المباحثات القادمة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة لكنه أمل بأنها ستفضي إلى جعل شبه الجزيرة منطقة آمنه وتتمكن من توحيد الكوريين تحت سقف الوطن الواحد.

 

مباحثات كيم ولافروف استمرت ساعة، ليخرجا بعد ذلك دون أي تصريحات محددة عما جرى خلف الأبواب المغلقة.

 

الوزير لافروف، وليظهر عمق العلاقات الروسية وأهميتها مع كوريا الديمقراطية الشعبية قدم للزعيم كيم صندوقا تقليديا روسيا مزخرفا، وتوجه إليه بالقول: أنظر معه مفتاح أيضا، ويمكنك من الآن أن تحفظ به أسرارك. ابتسم الرئيس كيم لعبارة الوزير لافروف وودعه كما استقبله عند باب القصر الرئاسي.

 

كلمات الوزير لافروف حول أسرار الزعيم كيم تذكرتها ونحن على متن الطائرة في طريق عودتنا إلى موسكو، وقارنتها بكلمات أحد الدبلوماسيين المرافقين للوزير، عندما سألته إلى أي مدى موسكو متفائلة بإمكانية نزع الأسلحة النووية من كوريا الشمالية، وهل بيونغ يانغ مستعدة للكشف عن أوراقها بالكامل؟.. فابتسم وقال نحن سنعمل كل ما بوسعنا كي يعيش شعب كوريا الشمالية والجنوبية بأمان، وأن تعود بيونغ يانغ للعب دورها الكامل في المجتمع الدولي، وأن تلتزم الولايات المتحدة برفع العقوبات لتخفيف معاناة الكوريين.. فقلت له إذا ما نظرنا إلى تجربة إيران وتسوية ملفها النووي، فهذا يعني أننا أمام عشر سنوات على أقل تقدير لتسوية ملف كوريا الشمالية فكان جوابه لي أنت متفائل جداً.

 

الساعات القليلة التي قضيناها في بيونغ يانغ لم تكن كافية لكشف أسرار هذه الدولة التي تعيش حالة حرب مع جارتها الجنوبية منذ 65 عاما، لكن الشيء الذي لا جدال فيه هو أن حالة الحصار الأمريكي والجوع التي عاشها مواطنو كوريا الديمقراطية الشعبية كما يحلو لهم تسميتها لا تزال شاهدا أمام أعينهم، ولذلك يعولون على زعيمهم كيم عندما سيذهب للقاء الرئيس ترامب بألا يأخذ معه صندوق الوزير لافروف بل يحتفظ به في القصر الرئاسي ذي المئة زهرة، نقلًا عن موقع قناة روسيا اليوم.