محلل سياسي: "ترامب" يخسر الجولة الأولى من حربه التجارية مع الصين

عربي ودولي



يشن دونالد ترامب حربا تجارية على الصين. ادعى ذات مرة أن مثل هذه الحرب ستكون "سهلة الفوز". حتى الآن، يبدو أنه يخسر، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى الصراعات الداخلية داخل حزبه وحقيقة أن وسائل الإعلام الأمريكية تحاربه.

جاء ذلك في مقال للكاتب والمحلل السياسي ايفان دانيلوف بوكالة سبوتنيك، في نسختها الإنجليزية، وقال إنه "من السخرية أن أحد أبرز نقاط الضعف لدى ترامب لا علاقة له بالصين نفسها، أو مع حقيقة أن بعض الشركات الأمريكية معرضة لرد فعل بكين في حرب تجارية متبادلة. والرئيس الأمريكي يفقد مصداقيته لأن المؤسسة السياسية الأمريكية، بما في ذلك الجمهوريون الذين يكرهونه، تخرب بنشاط جهوده الدبلوماسية. فضيحة شركة ZTE هي مثال ساطع. أخذ ترامب أساسا الشركة الصينية رهينة، في محاولة لاستخراج بعض التنازلات من الصينيين."

وأضاف "دانيلوف"، أنه نظراً لاعتماد " ZTE"على التكنولوجيا الأمريكية، فإن تصرفاته – ترامب - جعلت الشركة الصينية على شفا الإفلاس، مما دفع الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى المطالبة برأفة ترامب. وأن كان كل شيء يسير على ما يرام بالنسبة إلى ترامب حتى قرر المشرّعون الأمريكيون إلقاء مفتاح القرد في إستراتيجيته المدبرة بعناية.

ولفت المحلل السياسي، إلى أن "إن بي سي" أوردت، أنه: "في الوقت الذي توصلت فيه إدارة ترامب إلى اتفاق يوم الجمعة لتخفيض العقوبات على شركة الاتصالات الصينية العملاقة " ZTE"، أظهر الكونجرس وجود وحدة نادرة في العمل على منع الرئيس من الاستسلام للشركة المدعومة من الخارج بطريقة يمكن أن تقوض الأمن القومي. بعبارات أبسط، أظهر الكونجرس وحدة نادرة في الطعن في ترامب والتأكد من عدم قيام أي مفاوض صيني بأخذ ترامب على محمل الجد مرة أخرى." 

واستطرد الكاتب، أن "بلومبرج" ذكرت أن مشروع قانون محتمل لحظر شركة ZTE"" وغيرها من شركات الاتصالات الصينية من العمل في الولايات المتحدة سيحظى بدعم أغلبية ساحقة في الكونجرس، وكما قال السناتور الجمهوري ماركو روبيو: "إذا لم يستطع الرئيس التأكد من أن الوعود التي يقدمها لبكين لن يتم تقويضها من قبل الكونجرس، فلماذا إذن نتعامل بالمفاوضات؟

ويشير "دانيلوف" إلى أن هناك مشكلة أخرى لإدارة ترامب وهي؛ أن الصين ترى حربها التجارية تهديدًا مباشرًا للأمن القومي الصيني وحتى للكرامة. وأنه كان من الممكن أن يؤطر ترامب القضايا التجارية المثيرة للجدل بطريقة مختلفة، ولكن فات الأوان لذلك الآن، حتى أن وسائل الإعلام مثل Caixin (صحيفة الأعمال الرائدة في الصين المملوكة للقطاع الخاص) تنتقد ترامب بسبب محاولة فرض "الانفتاح الجوهري لـ الاقتصاد الصيني إلى إصلاحات السوق الحرة الليبرالية في واشنطن التي قاومتها الصين بثبات"، مضيفًا أن حرب ترامب التجارية هي نسخة جديدة من حروب الأفيون الأمريكية البريطانية في أربعينيات القرن التاسع عشر باستخدام وسائل أخرى لفتح الصين".

ووفق "دانيلوف"، فإن أي "سينولوجي" سيخبرك أن حروب الأفيون الأنجلو-أمريكية كانت أكثر الأحداث المؤلمة في تاريخ الصين وأن أحد المبادئ الأساسية للعقد الاجتماعي الضمني بين الشعب والحزب الشيوعي الحاكم، هو أن يتعين على الزعماء الصينيين ضمان ألا تشهد الصين مرة أخرى أي هزيمة جديدة من هذا الحجم ولا تتعرض مرة أخرى للإذلال الوطني الناشئ. إذا كانت الرواية المهيمنة على الحرب التجارية مع الولايات المتحدة هي أنها "حرب الأفيون الثانية"، فإنها تجعل أي تنازل هامة من الصين مستحيلاً عمليًا، لأن أي تنازل مهم سيجعل شي جين بينج يفقد ماء وجهه وربما يفقد قوته السياسية.

وقال الكاتب، إن كارثة أخرى للحرب التجارية، لم تنته بعد، وهي سمعة ترامب أو ما تبقى منها. حيث ينظر إليه خصومه الآن على أنه مجرد منبع، وكشخص مستعد للتضحية بالمصلحة الوطنية من أجل صفقتين مربحتين من أجل إمبراطوريته التجارية الخاصة. مثال على ذلك: فضيحة إيفانكا ترامب الأخيرة. 

ووفقا لصحيفة نيويورك تايمز، "منحت الصين هذا الشهر سبع علامات تجارية جديدة لشركة إيفانكا ترامب عبر مجموعة كبيرة من الشركات، بما في ذلك الكتب، والأدوات المنزلية، والوسائد، مضيفًا أن "محفظتها المتنامية من العلامات التجارية في الصين تثير تساؤلات حول ما إذا كان المسئولون الصينيون يعطون عائلة ترامب اعتبارات إضافية قد لا يحصلون عليها".

وأوضح أنه وفقا لمجلة "تايم"، "وقعت شركة مملوكة للحكومة الصينية للمساعدة في بناء مشروع إندونيسي يتضمن فندقًا وملعبًا للجولف يحمل علامة دونالد ترامب". وقال دون فوكس، المستشار العام السابق لمكتب الأخلاقيات الحكومي الأمريكي، لـ"تايم" إن "الصينيين كانوا يعرفون بالضبط ما الذي كانوا يستثمرونه في الصفقة في إندونيسيا"، مضيفًا أنه "يجزم بأن الرئيس لم يكن على علم بهذا عندما أدلى بتعليقاته المواتية حول شركة ZTE".

واختتم المحلل السياسي مقاله، قائلا: "بغض النظر عن نوع الصفقة التي يتم التوصل إليها بين ترامب والرئيس الصيني، فإن أي تنازل يقدمه ترامب سيُنظر إليه حتما كنتيجة للرشاوى الصينية. بالنسبة إلى ترامب، هو في الأساس وضع غير رابح لأنه سيتعين عليه حتماً تقديم بعض التنازلات للصينيين. أمله الوحيد هو تحقيق فوز عملاق، والذي سُيسكت منتقديه، لكن بالنظر إلى النتائج المؤقتة للحرب التجارية الصينية الأمريكية، من الصعب أن نرى ذلك كسيناريو محتمل. حتى الآن، من الآمن أن نفترض أن ترامب قد خسر الجولة الأولى من حربه التجارية مع الصين، وأفضل نتيجة يمكن أن نأمل في تحقيقها على المدى الطويل ليست أكثر من طريق مسدود."